جماليـــات

إضــــــاءات

حــوارات مقـــــــالات تر جمــات دراســـات نصــوص سرديــة بطاقـة تعريـف   
للاتصـــــــال خدمــــــــات

خــــــاص

مواقع مفضلـة مواقع صديقة مكتبات الموقع كشك الموقـع موارد نصيــة

 

 
 
 

ابحث في الموقـع

 

 

 

 

 

مليكة مستظرف (المغـرب)

البريـوات

قصة قصيرة

مليكة مستظـرف

البريوات*

قصة قصيرة

 

 

هو يقول انني لا احبها ..ينفخ سيجارته كازا و يكمل: انت فقط تعودت على وجودها. سالته و ما هو الحب اذن؟ اخذ يحرك يديه كثيرا في الفراغ و يغمض عينيه كـأنه سيأتي بأسرارصنع الذرة. ثم اخذ يبحث في جيب جاكتته عن سجائره واخيرا قال بفرنسيته الركيكة :

Il n’y a pas une définition

قد يكون كلامه صحيحا و انني تعودت على مفتاحة بالمناسبة هذا هو اسمها و لان اسمها فيه شيء من الحدة و يذكرني بالمفتاحة أي الابرة، فجدتي كانت تسمي الابرة مفتاحة . يذكرني الاسم كذلك بمفتاح علب السردين، لذلك كنت اناديها فتيحة و كانت تغضب و تقول ان والدها عندما ولدت ذبح على اسمها فروج بلدي ولا يحق لي ان اغيره، كنت اقول لها انه اسم الدلع فقط. فتبتسم، تظهر اسنانها غير المرتبة التي تحاول دون جدوى ان تخفيها بيدها. لكن فعلا قد اكون فقط تعودت على وجودها..تعودت ان التقيها كل يوم بعد خروجي من المدرسة، فانا مدرس ابتدائي .اجدها بانتظاري، اول شيء ابحث عنه هو الكيس البلاستيكي الاسود هل تحمله ام لا؟ الكيس البلاستيكي مهم فانا طوال ثماني ساعات عمل اتخيله و لعابي يسيل و اصاب بالصدمة اذا لم تكن تحمله . و قد اختصر لقائي بها من ساعتين الى نصف ساعة متعللا بشيء ما. ويبدو انها اصبحت تفهم الامر فلم تعد تاتي الا و الكيس البلاستيكي في يدها بداخله البريوات بالدجاج او الكفتة او الكروفيت. انا افضل بريوات الكروفيت و الدجاج.هي تكذب و تقول انها تصنع البريوات خصيصا لي في البيت و انا اعرف انها تشتريها من امي مينة التي تضع قفتها المصنوعة من الدوم قرب محل بيع الاحذية ارميل بحي المعاريف . تنادي بصوتها الذي يشبه صوت دجاجة: بريوات بريوات..في احد الايام رأيت الصراصير تدخل قفة الدوم و تخرج فأ قسمت ان لا اكل البريوات ثانية . لكن عندما رايت فتيحة او بالاحرى كيسها البلاستيكي الاسود تناسيت الامر بل فكرت ان الصراصير ليست حشرات سيئة بالمرة. لقد سبق و رايت عالما امريكيا ياكل طاوة* من الصراصير المشوية بلذة . يومها اطفات التلفاز و قلت بيني و بين نفسي ان اجدادنا حتى في ايام القحط و بو هيوف لم يفكروا في اكل الصراصير. وانتهيت الى ان الصراصير في امريكا ربما من عينة خاصة و بالتأكيد فيها الفيتامينات.

انا بالفعل تعودت على وجودها منذ الطفولة ، كنا نسكن بنفس الكريان و عند القيلولة عندما كنا نحس ان والدها يريد ان ينام كنا نجتمع نحن الاطفال امام باب براكته و نصرخ : وا على فرشة العربي شاد مشة. فقد كان معروفا على العربي والد مفتاحة انه ينكح القطط .القطط كانت تتناسل بشكل مخيف و غريب في زنقتنا و لا تبرح براكة كراب جهنم. كنا ننادي العربي بكراب جهنم لانه كان يبيع الماحية خلسة . بعض سلاكيط الدرب ذهبوا الى ابعد من ذلك . أمسكوا قطة وربطوها فوق ازار ابيض به بعض قطرات الدم و بعض قوالب السكر وضعوا الجميع فوق كارو يجره عود هزيل اجرب . تتبعهم نساء الكريان و هن يزغردن ويحركن مؤخراتهن العجفاء. وقف الجميع خلف باب براكة الكراب يرقصون و يضعون قطعا نقدية فوق الازار الملطخ بالدم ... خرج الكراب يستطلع الامر فصرخ احدهم: مبروك عليك آلكراب ..بالرفاه و البنين. بهدوء انحنى الكراب على القطع النقدية فوق الازار الملطخ بالدم اخذها و عاود الدخول الى براكته وسط دهشة الجميع.

في هذه الاثناء كانت مفتاحة تنظر الينا بحنق و كانت تقوم بحركة باتجاهي تعني انها ستذبحني و تعلقني في السقف، فكنت اشهر في وجهها اصبعي الوسطى و ابصق باتجاهها. لم تكن مفتاحة او فتيحة جميلة كانت اسنانها غير مرتبة ولديها شارب كث لذلك كنا نناديها في بعض الاحيان عبد القادر فتغضب و تتبعنا بالحجارة ..لكن عندما كبرنا و اكتشفت انني احبها لا اعرف كيف و لا متى؟ قلت لها و نحن في جردة مردوخ و انا اتناول بريوات بالدجاج ان موسطاشها لا يزعجني بل ان المرأة المزغبة تكون ساخنة، هي لم تعرف معنى ان تكون ساخنة ، لكنها بدت سعيدة بهذا و اخذت تعتني كثيرا بموسطاشها.

لكن مند مدة لم اعد اجدها قرب المدرسة بانتظاري وبيدها الكيس البلاستيكي ، أو تاتي دون الكيس الاسود و شيء ما في وجهها غير مريح . على العموم كان دائما و جهها غير مريحا ، لذلك لم اهتم للامر كثيرا بقدر ما اهتممت لاختفاء الكيس و البريوات. في ذلك اليوم لا اذكر اليوم بالضبط و لا تاريخه لكنها كانت الساعة الخامسة مساء أي بعد خروجي من العمل. جلسنا كعادتنا في جردة مردوخ أردت ان اتناول الكيس البلاستيكي الاسود لكنها نبهتي بحدة ان مدام سدّات أي اقفلت الكانتينة. و أن الكيس يحتوي فقط على صندل اشترته لها. لم تعجبني طريقتها في الحديث معي ، ثم اخبرتني بدون مقدمات ان هناك شخص ما تقدم يريد الزواج منها. ضغطت بأصابعي على حذائي حتى اكتم ضحكة كادت ان تفلت من فمي. هي تريد ان تورطني في التعجيل بالزواج منها فلم تجد سوى هذه الحكاية المكررة التي تبعث على النوم وقوفا. ثم هل هناك اعمى و مغفل غيري على وجه هذه الارض سيقبل الزواج منها؟ و لانني كنت مغتاظا لانها اشترت صندلا عوض البريوات بالدجاج أو بالكروفيت، فقد قلت لها : الله يكمل بخير . و أنا اضحك في سري و أتخيلها قد اتت في الغد تحمل كيسها و تدعي أنها رفضت العريس لأجلي و أتظاهر انني صدقتها و أعدها أن مشاكلي كلها ستحل قريبا بالرغم انه في الحقيقة لا توجد لدي مشاكل، فالشقة اشتريتها بالتقسيط المريح و بها سرير و انبوب غاز و بعض الاواني ، أظن هذا يكفل حياة زوجية مريحة .

اذكر ان مفتاحة قد غادرت يومها و هي تتمتم بكلام عن قلة الرجولة و عن البريوات. الان انا افتقد مفتاحة حتى ا نني اجد اسمها موسيقيا و اسنانها بها شيء من الجمال و الملاحة. كل يوم بعد المدرسة اخرج بسرعة من الفصل على امل ان اجدها تنتظرني قرب مول الزريعة بكيسها البلاستيكي الاسود لكن دون جدوى.

هو يقول انني لا احبها و انني تعودت فقط على وجودها...

البريوات : نوع من الفطائر المحشوة بالدجاج او اللحم المفروم او..

* طاوة : اناء حديدي يوضع في الفرن

 

 

 

أرشيـف الموقـع

 

 

مليكة مستظرف

 

moustabich@hotmail.com

 

 

 

جماليـــات

إضــــــاءات

حــوارات مقـــــــالات تر جمــات دراســـات نصــوص سرديــة بطاقـة تعريـف   
للاتصـــــــال خدمــــــــات

خــــــاص

مواقع مفضلـة مواقع صديقة مكتبات الموقع كشك الموقـع موارد نصيــة

 

موقـع محمد أسليـــم - تاريخ الإنشاء: 27 ينايـر 2002.