جماليـــات

إضــــــاءات

حــوارات مقـــــــالات تر جمــات دراســـات نصــوص سرديــة بطاقـة تعريـف   
للاتصـــــــال خدمــــــــات

خــــــاص

مواقع مفضلـة مواقع صديقة مكتبات الموقع كشك الموقـع موارد نصيــة

 

 
 
 

ابحث في الموقـع

 

 

 

 

 

محمد إبراهيم محروس (الإسماعيلية - مصر)

طيب خاطر (وقصص أخرى)

قصص قصيرة

 

طيب خاطر و(قصص أخرى)

بقلم / محمد إبراهيم محروس

loksha_loksha73@hotmail.com

مصر - الإسماعيلية

 

طيب خاطـر

انسحب بهدوء من الغرفة ، أحس أن هواء الغرفة يخنقه كثرةطيب  الاجتماعات أصابت رأسه بالدوار .. منذ سنين و هو يلج إلى حجرة الاجتماعات .. أفكاره دائماً مدهشة و تستحق التقدير و لكنه يعرف تقريباً أن أفكاره المدهشة لا يستفيد هو بها شخصياً منذ سنوات أيضاً تعود أن يتنازل لمديره عن كل أفكاره عن طيب خاطر .. اليوم و المدير يطرح الفكرة الجديدة التي ابتكرها هو .. و الأعضاء يصفقون طرباً .. أحس بالاختناق .. الهواء لا ينفذ إلى رئتيه .. وقف خارج الغرفة فتح أزرار قميصه متلهفاً لالتقاط أي نسمة هواء .. أحس بحشرجة في صدره هناك شئ يضغط على قلبه .. أهو في طريقه إلى ذبحة صدرية .. مستحيل .. أسند ذراعه على الحائط .. أشار للفرّاش أن يحضر له كوباً من الماء .. مرت برهة قبل أن يناوله الفراش الكوب .. جرعة دفعة واحدة ، بلل الماء شفتيه و قميصه .. أخرج المنديل مسح الماء المتساقط من فمه .. صوت التصفيق يتصاعد في القاعة وصوت ضربات قلبه يعلو و يعلو ..

كم أدهش مديره بأفكاره .. الآن العالم فضاء من حوله الأخيلة تتراقص و تنقض عليه بعنف ، صهيل أحصنة أفكاره يؤرقه يضغط على عقله ، يجعله متنمراً ، يريد أن يدافع حقه المسلوب ، يريد أن يفعل شيئاً لم يفعله من قبل . وضع كوب الماء جانباً ، و قد أخذ قراره بالمواجهة ، و صهيل الأحصنة يعلو في عقله و يعلو ..

دفع باب غرفة الاجتماعات بقدمه و دلف للداخل .. و التصفيق يدوى .. صرخ .. صرخ وسط ذهول الجميع .. ثم سقط على الأرض و قد فارقت روحه الحياة و قضى نحبه .. و التصفيق ما زال مستمراً عن طيب خاطر.

أتوبيس ( 6 )

دفع بجسده بين الكتل المتجمعة ، مرت برهة وجد بعدها مقعداً شاغراً ، ألقى بثقل جسده عليه ، و أراح جسده للوراء ..

أكثر من ثلاثين عاماً مضت و هو يركب ( أتوبيس 6 ) تذكر يوم تعيينه عليه ، كم كان فرحاً ببذلته الجديدة التي كادت أن تصبح جزءاً من تكوينه الشخصي .

سنوات كثيرة لم يظن يوماً أنه سيتمنى أن يجلس في الأتوبيس أن يريح قدميه ، لقد كان فيما سبق كتلة من النشاط ، لقد مرّ عليه التاريخ كله في هذا الأتوبيس .. فرح بالتأميم .. شارك الشعب أحلامه ، شاهدت ملايين البشر و ملايين الوجوه ، تذكر النكسة .. اليوم الذي فرّ به من الأتوبيس . مزق التذاكر و جعلها تتطاير في الهواء كما الأحلام التي تطايرت فجأة .. و غاب عن العمل أسبوعاً كاملاً ، و عندما عاد أجبروه على أن يورد ثمن التذاكر .. ساعده زملاؤه .. رفض التنحي .. خرج الى الشارع مثل الجميع يطالب بالعودة بالنصر ، سُّر بحرب الاستنزاف .. رفض الاستسلام .

أطفال المدارس ، الشيوخ ، الشباب ، الرجال ، و أشباه الرجال ، بنات الليل .. الجميع مروّا عليه .. تذكر يوم أن دعته فتاة ليل إلى بيتها و رفض بشدة ، زوجته حامل و هو لا يرغب .. ذلك ذنب لا يغتفر .. النكسة ويل و بلاء .. الحرب .. موت جمال . نعم أنه أحبه ، لثاني مرة في حياته مزق التذاكر و تركها للرياح .. و هذه المرة دفع ثمنها من جيبه الخاص ..

طوال حياته أو منذ تعيينه كمحصل تذاكر أو كمساري كما يقال لم يدفع ثمن تذاكر غير هذين الدفترين اللذين مزقهما في ساعات ثورة عنيفة .. تساءل مثل الجميع متى سنة الحسم ؟ الجنون و المظاهرات ، العابثات و أصحاب الرايات .. و تمت المعجزة ، رأى الجنود العائدين ، تمنى أن يكون له جناحان و يحملهم و يطير بهم يجوب العالم ..

عاصر الانفتاح .. و حبة فوق و حبة تحت .. رأى مثل الجميع ما يحدث ، و لم يعلق .. رفض معاهدة السلام ، سكت لأن رأيه لا يهم ..

ساعد الراكب الهاوي للكلمات المتقاطعة على حلها ، شجع تلاميذ الثانوية العامة و هم يذهبون للامتحان .. وربما أجابهم على بعض الأسئلة .. و توقع لهم ما سيأتي في الامتحان ..

أحياناً تصدق نبوءته .. حضر كل شئ و لم يحضر أي شيء ، متفرج فقط كان يكيفه هذا الدور ، و يعرف جميع زملائه .. مرن الكثيرين منهم ، كان يركب أي أتوبيس يصادفه أثناء عودته للبيت .. أحاديث الناس ما زالت تدور في رأسه و تؤرقه - العيشة بقت نار – الناس لحست الأسفلت – صدام غلط – نعم غلط و لكن أهذا هو الحل – مستحيل .. من يكسب المليون – موت سعاد حسنى أم موت الشيخ ياسين - نحن نحاكم شعب و ندمره لأجل فرد لأجل شخص

مستحيل ! هذا جنون !

اللي بيضرب في العراق بكرة يضرب في الوراق ..

لم يعرف وقتها لماذا الوراق تحديداً و لكنه ضحك من قلبه ..

بن لادن لقمة وقفة في زور أمريكا و شوكة في ظهر الشعب العربي .. إيران ، ولا سوريا ، و لا الوراق ، ياه

عاد إلى واقعة عندما وجد يداً تربت على كتفه . رفع رأسه وجد زميله القديم أمامه ، فأجفل صديقه و هو يقول له تذاكر يا أستاذ .. تذاكر .

و كأنما أصبح لاحق له الآن في أن يركب دون أن يدفع ثمن التذكرة أخرج من جيبه جزءاً من مبلغ المكافأة .. دفعه إلى يد زميله ثم خطف منه صندوق التذاكر .. و راح يمزقها و يرميها من الشباك لثالث مرة في حياته ..

و الركاب من حوله في حالة ذهول ، و زميله يقف يخبط كفاً بكف غير مصدق .. بينما راح هو يقهقه ضاحكاً .. ( و أتوبيس 6 ) يتمثل أمامه كأنه لا نهاية له .. لا نهاية له .

جنون الحياة

تسمرت قدماه تطلع إلى الجمع حوله ، الكل يريدونه أن يمضى أن يستمر في السير ، بلع ريقه و هو يجاهد أن يحرك قدميه .. العرق أغرق وجهه ، المشاعر تتأجج بداخله و هو يحمله بين يديه ، و يفرد يده أمامه و هي مثقلة بالحمل .. مشى بخطوات بليدة ، يحاصرونه عن اليمين و عن الشمال و هو في الوسط باسط ذراعيه بالحمل .. كأنه يرجوهم أن ينجدوه أن يحققوا ما طلبوه منه .. منذ سنوات و هو هارب متخفي .. تلقطته عدة بلدان ثم لفظته من رحمها ليرجع مرة أخرى إلى رحم الأرض التي خرج منها هارباً .

مأمور البلد قال – انه سيشرف على التجهيزات بنفسه ، لن يدع فرصه تفوته ليوقف بحار الدم التي امتدت لسنين عديدة . وافقه لقد تعب ، أتعبته السنون .. الهرب جعله كالمشرد الذي يبحث عن مأوى دون جدوى ..

حرك قدميه باتجاه كبيرهم ، انه يعرف المطلوب تحديداً و لكن لمَ ؟ لمَ يفكر الآن في التراجع ؟

ربما أتت رصاصة غادرة فتنهى حياته الآن .. ربما لن يقبلوه بالكفن الذي بين يديه .. كثيرات هي التي دارت بذهنه و هو يتقدم إلى كبيرهم ، و لكن ابتسامة شاحبة على وجه الكبير جعلته يراجع نفسه و جعلته يطمئن قليلاً و هو يقترب و يقترب ..

لا فائدة من الثأر ، الثأر حرب داخلية سرية يضيع فيها العديد من شباب قريته كل عام ..

أمه قالت له – اختفى .. أرجع جوب البلاد ..لا تعود لكنه تعب و تعب حقاً .. و لا مناص الآن ليسلم بالأمر الواقع .. ابتلع ريقه مرة أخرى و هو بين يد الكبير الذي أشار إليه ، أن يرتمي على الأرض بين يديه .

مأمور المركز هزّ رأسه أن يفعل .. نفذ الأمر و هو يتلمس الكفن بين يديه بأصابعه فأقشعر جسده و انتفض .. اقتربت السّكّينُة في يد الكبير من رقبته ، ظن أنها النهاية ثم ابتعدت السّكّينُة عن رأسه لتجز رأس شاه مربوطة بجواره .. أطلق المأمور تنهيدة راحة و ابتسم و ارتفعت الزغاريد .. ظل هو على الأرض دون حراك .. و دماء الشاه تغرق من حوله .. مرت دقيقة قبل أن يربت المأمور على كتفه أن يقف .. و لكنه لم يتحرك .. هزّة المأمور ظل ساكناً ، مال عليه و حاول أن يمد يده إليه ليقف .. و لكنه كان قد فارق الحياة و دون أن يدفع الثأر .

خريف العمر

بقلم / محمد إبراهيم محروس

راح يذرع الغرفة جيئة و ذهاباً و هو في ذهول ، يريد أن يعترف لها أن يقول لها بكل شوق الدنيا .. انه يحبها .. نعم يحبها بكل كيانه ، انه مدله بحبها إلى أقصى حد ..

فارق السن بينهما رهيب .. لا يستطيع أن يقول لها انه مغرم بها .. نظراته تقول .. حركاته مكشوفة لها بكل تأكيد .. انه في الخمسين و هي ما زالت في الخمسة و العشرين كيف يستطيع أن ينطق وقتها .. و رغم أنها سكرتيرته الخاصة و رغم انه اختارها من وسط العديدات .. شيء فيها جذبه منذ أوّل لحظة ، و لكنه لم يكن يظن انه بعد كل هذا العمر يقع في الحب ، الحب كان يمثل له دائماً عقبه في سبيل تحقيق أحلامه .. اليوم يتمناه ، لقد عاش حياة جافة مبتئسة حياة من أجل المال ، المال فقط كان شعاره .. لم يحي أبداً ظل متقوقعاً على نفسه ، انه في خريف العمر و هي مازالت زهرة تتفتح على ربيع الحياة ، هل ترضى بهذا الحب .. مستحيل !

العمر الخريفي لا يستطيع أن يتفاعل مع ربيع حياتها .. يجب أن تبتعد عنه ، سيوقع اليوم على نقلها من مكتبه .. جلس .. قَرب الورقة يريد أن يوقع عليها .. القلم يتصلب بين يديه ، يخرج توقيعه مهزوزاً .. يمزق الورقة .. و يضغط على زر لاستدعائها .. تقبل عليه باسمة الثغر كعادتها .. يفوح منها عطر الحياة .. تقف قبالته .. تنتظر أوامره .. يصمت لوهلة .. ثم يقف ، يقترب منها بوجهه و يضع على شفتيه ابتسامة رقيقة و هو يقول :- هل تتزوجيني ؟ تراجعت للوراء و هي تشهق ، و خرجت من بين شفتيها كلمات قصيرة خافتة لم يسمعها .. ألح عليها أن تعيد ما قالت .. تدرج وجهها بحمرة الخجل و هي تقول هامسة ! – أخيراً نطقتها ..

وتعانقت أيديهما في شوق محبب .. ولكنه كان يتساءل هل يمكن أن يتعانق الخريف والربيع ؟!

 

 
 

أرشيـف الموقـع

 

 

 

محمد ‘براهيم محروس

loksha_loksha73

@hotmail.com

 

 

 

جماليـــات

إضــــــاءات

حــوارات مقـــــــالات تر جمــات دراســـات نصــوص سرديــة بطاقـة تعريـف   
للاتصـــــــال خدمــــــــات

خــــــاص

مواقع مفضلـة مواقع صديقة مكتبات الموقع كشك الموقـع موارد نصيــة

 

موقـع محمد أسليـــم - تاريخ الإنشاء: 27 ينايـر 2002.