جماليـــات

إضــــــاءات

حــوارات

مقـــــــالات

تر جمــات دراســـات نصــوص سرديــة بطاقـة تعريـف   
للاتصـــــــال خدمــــــــات

خــــــاص

مواقع مفضلـة مواقع صديقة مكتبات الموقع كشك الموقـع موارد نصيــة

 

 
 
   
   
   
   
   

ريتـا عودة (فلسطين)

صرخة آخر الليـل

قصة قصيرة

صَرْخَة ُ آخِر الليل

قصة قصيرة

بقلم ريتا عودة

-----

رأى فيما يرى النائم ما أفزعه فهرع الى المرآة يستجديها رحمة ً , إلا أنّها أصرَّت هي الأخرى على أن تفتح أمامه باب الضياع على مصراعيه.

ويلاه...

صرخ في باطنه , فخيل له انّ السماء انفطرت , والنجوم انتثرت, والبحار فجرّت , والقبورُ بُعثرتْ.

. طفق يتحسس بصمت ملامح وجهه فاذا بأنامله تؤكد له الاّ ملامح له

البتّة...!!!

ما هنالك سوى بشرة عجفاء وعينين غائرتين لا تعبّران سوى عن حالة رعب لا

مثيل له. غاصتْ ذاكرته في دياجير الألم تبحث عن سبب منطقيّ لطفرة كهذه ,

وبغتة ً استقرتْ عند يوم كان شرّه مستطيرا حين اقتحم عابر سبيل أشعث منزله

وتحت تهديد البارود استولى على بيارة البرتقال والصبّار والزيتون. ولم يكتفِ

, فقد استلّ يده وصفع الرجل على وجهه.

لعق الرجل جرحه ومضى والشمس تتوارى خلف ظهره .

نزح عن بيته كعصفور رفضته كل الأشجار ...

وهكذا...

صار جرحه منفاه...

وهكذا...

بدأ يفقد ملامح وجهه شيئا فشيئا لكن الرعب منعه من تصديق رؤياهُ.

عاهد البحر الا تدمع عيناه وكثيرا ما دمعتْ خفية ً..

عاهد الزيتون ألا تجفّ مآقيهِ وكثيرا ما جفّتْ ..

آآآه من جور الزمان ..

أيّ الذنوب ارتكب كي يحمل وطنه على كاهله ويتوه باحثا عن خيمة ..؟!

ما أسهلَ أن تكونَ ظالما في مجتمع لا يعترف الا بمنطق :

البقاء للأقوى.. !!

وما أصعب أن تصبر حتّى يعجز الصبر عن صبرك.

آآآه من جور الزمان ..

أيّ الذنوب ارتكب كي يفقد ملامح وجهه..؟؟

أليس الموت أخفّ وطأة من حياة دونما كرامة ..؟!

لكن ..

ألا تكون الصرخة أحيانا أقوى من طاغوت السلاسل ..؟

سيصرخ ..

لعلّه يستعيد فمه ..

سيصرخ..

لعلّه يستعيد أُذنيه ِ..

سيصرخ حتّى وإن صرخ في باطنه ..

استجمع في الذاكرة قطرات العَرَق على جبين فلاح ٍ كهل , وعبرات امرأة

صامدة فاجأها المخاض ,

ووخز بطون الجوعى الى رغيف خبز .. وصرخ الصرخة الكبرى.

***

استيقظ مذعورًا.

اعتدلَ في سريره.

بوجل ٍ ولهفة تحسس وجهه . لم يصدّق ما بثته أطرافُ أنامله لقلبه المكلوم.

قفز إلى المرآةِ وهو يتمتم ( والظالمين أعدَّ لهم عذابا أليما).

تناهى الى سمعه عبر ضباب تشرين المتكاثف في كلّ أزّقّة المخيم صوت المؤذن

الذي تداخل مع رائحة برتقال وليمون خيّل له أنّها اتت من بعيد:

"الله أكبر

الله أكبر

حدّق في المرآةِ طويلا..

سَرَتِ الطمأنينة في قلبه كسريان ماء المطر في جدول ٍ جاف والمِرآة تعكس

برأفة ٍ ذلك الجبين والأنف والفم وبقيّة ملامح وجهه الهزيل.

_______________

15-03-2005

 

قراءة نص عطـر

أرشيـف الموقـع

 

 

 

ريتا عودة

ritaodeh@hotmail.com

جماليـــات

إضــــــاءات

حــوارات

مقـــــــالات

تر جمــات دراســـات نصــوص سرديــة بطاقـة تعريـف   
للاتصـــــــال خدمــــــــات

خــــــاص

مواقع مفضلـة مواقع صديقة مكتبات الموقع كشك الموقـع موارد نصيــة

 

موقـع محمد أسليـــم - تاريخ الإنشاء: 27 ينايـر 2002.