جماليـــات

إضــــــاءات

حــوارات مقـــــــالات تر جمــات دراســـات نصــوص سرديــة بطاقـة تعريـف   
للاتصـــــــال خدمــــــــات

خــــــاص

مواقع مفضلـة مواقع صديقة مكتبات الموقع كشك الموقـع موارد نصيــة

 

 
 
 

ابحث في الموقـع

 

 

 

 

 

ريتـا عودة (فلسطين)

ستبقى خالدا

قصة ليست قصيرة

ستبقى خالدًا

قصة ليست قصيرة بقلم ريتا عودة

 

تجمدتُ مكاني كسمكة في ثلاجة لا أنبض، لا يتحرك الدم في عروقي، وهي تنشج بغُنّة ٍ كغزالة شاردة فقدت وليفها:

-خالد قطَعْنِي يمَّا .

لم أصدّق ما سمعته أذنيّ، لم أستوعب ما رأته عينيّ من دموع في عينيها، من تجاعيد أكلت نضارة وجهها ، من أنين امرأة تحمل ضفيرة شائبة تحت منديلها ذي الغرزات الفلسطينيّة الكالحة.

لم أصدّق...!!

تسمرتُ برعب مكاني كأبي الهول .

حدقتُ بالسروال الأبيض المسجَّى بعناية فوق يدي ّ، وفاضتْ صورٌ من الذاكرة.

***

قهقه خالد وهو يفتح خزانة ثيابه على مصراعيها كأنه يفتح مغارة علي بابا .

تناول السروال الأبيض وتمتم:

-تلبسه يوم عرسك فقط ، وتعيده لي إنّه أمانة في عنقك.

ضمني الى دفء صدره فشعرت كأنّ السماء أطبقت على الأرض ، وهمس في اذني:

- مبروك زواجك حبيبي باسم.

وعندما حملتُ حلمي على كفيّ وهرعتُ لأتمم مراسيم زواجي، تابعني صوته الحنون:

السروال الأبيض أمانة في عنقك يا باسم.

***

سقطتْ على صدري . بللتني دموعها التي اختلطت بوابل دموعي . ترى هل أطبقت السماءُعلى الأرض مرّة أخرى ..؟؟. عادت تنشج بحرقة وحروفها تأتي كما الأطفال متقطعة:

- خالد قطعني يمّا يا باسم . حبيبك قطعني ..

فجأة انفلتت الآه من صدري فدوّت كخرير المياه في أرجاء المخيم،أيقظت كلّ العصافير الصغيرة عن أشجار الصبر:

_آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآخ يمّا !!

- خالد قطعني يا ناس ..

حدقتُ في المرأة بمرارة فقد تذكرت أنّي رأيت حلما هذا الصباح بعدما قررت ليلا أن أعيد لخالد سرواله الأبيض. رأيتُ أنني عثرت على عصفور على الأرض وحين رفعته لأضمه الى صدري وجدته ميتا.

حشرج صوتي :

*آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآخ يمّا ....

ارتفع نشيجها بحدّة:

_ أمس ، كنّا في حالة منع تجوّل وكان خالد لدى أصدقائه وفجأة أصابه وجع حاد في صدره فنزل به الشباب الشارع يتوسلون للعسكر أن يسمحوا لهم بنقله إلى المشفى لكنّ العسكر أصروا على منع التجول،

وعلى الحاجز ..في انتظار الرحمة على الأرض، هبطت رحمة من السماء، وقضى خالد ...

***

دبّ الدم في عروقي وأنا أستعيد وصية خالد:

السروال الأبيض أمانة ، أمانة ، أمانة ..

ارتدتْ الكلماتُ هالاتها.

فجأة أدركتُ كنه وصية رجل يدرك حدسًا أنّ ساعته قد أزفتْ. تصلبت يداي فوق كتفيّ هذي المرأة الشامخة كنخلة . هذي الأم الفلسطينيّة التي كانت وستبقى في ذاكرة كلّ أبناء المخيم حضنًا لكلّ موجوع، منديلا لكلّ

دمعة، طلقةً لكلّ بارودة تتحدى القهر المتوارث.

***

هتفتُ باصرار:

- عودي يمّا ،،

تعلقتْ نظراتها بعينيّ كغريق ٍِ عثر على قشّة.

- ونامي قريرة العين ،،

استكانتْ أمواجها وهي تبلل شواطئ أحلامي. جفّ ينبوع أوجاعها.

فجأة ابتسمتْ بصمت وأنا أهتف الجملة القاطعة:

- هنالك من سيرتدي السروال الأبيض من بعد خالد.

-----------------

25-5-2005

 

 

الذهاب إلى موقع ريتـا عودة

أرشيـف الموقـع

 

 

ريتا عودة

 

ritaodeh@hotmail.com

 

 

جماليـــات

إضــــــاءات

حــوارات مقـــــــالات تر جمــات دراســـات نصــوص سرديــة بطاقـة تعريـف   
للاتصـــــــال خدمــــــــات

خــــــاص

مواقع مفضلـة مواقع صديقة مكتبات الموقع كشك الموقـع موارد نصيــة

 

موقـع محمد أسليـــم - تاريخ الإنشاء: 27 ينايـر 2002.