الأنترنت ومفهوم النص: (المنتديات الادبية باعتبارها نصا كليا)

تمحور السؤال في هذا القسم حول ما إذا كان ظهور الأنترنت قد ألحق تغييرا بمفهوم النص، كما تمحور حول السؤال هل يمكن اعتبار المنتديات الأدبية نصا كليا.

وقد أجاب خالد السروجي علي السؤال المتعلق بعنوان الحلقة الرئيسي (المنتديات الأدبية باعتبارها نصا كليا)

بأنه لايستطيع اعتبار أن المنتدى الأبي يمثل نصا كليا إلا اذا كان هذا المنتدى يمثل اتجاها أدبيا معينا وله قسمات محددة بما يمكن أن نصفه بانه " نص واحد" ، ولكن واقع المنتديات الادبية ليس كذلك اذ يضم المنتدي اتجاهات ادبية وفكرية متعدد ومتنوعة ومتنافرة، بالاضافة الي عدد كبير من الابواب تبدأ بالدين وتنتهي بالشعر، مرورا بالقصة والنقد والاجتماعيات والخواطر، مما يصعب معه اطلاق صفة " النص" علي الموقع لافتقاد التجانس وغياب رابط بين اقسامه المتعددة، وتنافر ذلك مع اعتباره نصا واحد.

فيما أضاف محمد أسليم بأن تغييرا بالفعل قد حصل في مفهوم النص، بحيث ما تنشر النصوص، مقالات كانت أم كتبا، في الشبكة حتى نحصل على الوضع التالي: الأنترنت نص واحد كبير، يتألف من مجموع المعلومات المنشورة فيه، والنصوص المنشورة فيه تفقد هويتها المفردة، على نحو ما نجدها في الورق، لفائدة «النص التشعبي»، حيث ما من نص أو كتاب ينشر في الشبكة إلا ويجد نفسه موصولا بشبكة من الخيوط والروابط والجسور التي تربطه بنصوص أخرى.

2 / الأنترنت والتطورات اللغوية الراهنة:

تم التساؤل عما إذا كان الأنترنت بصدد إداخال تغييرات باللغة، وبإثارة زحف المشافهة على الكتابة، تم التساؤل عما إذا كان هذا الوضع يشكل تهديدا حقيقيا للغة.

جوابا عن هذه الأسئلة تم تأكيد أن اللغة بالفعل تشهد تطورات كبيرة وجوهرية تحت تأثير الشبكة باعتبارها أداة للتواصل والنشر، تتيح – في حالتي المحادثة الآنية عبر المسنجر ونقاشات المنتديات – المزج على نحو غير مسبوق في تاريخ البشرية بين ملفوظات تنتمي إلى حقل الكتابة وأخرى إلى حقل المشافهة.

بيد أنه من الصعب تبين ما سيفضي إليه هذا التطور بالنظر إلى الحياة القصيرة للشبكة، وبداية الثورة الثورة الرقمية عموما التي نعيش لحظاتها الأولى، والتي تشكل منعطفا نوعيا في تاريخ البشرية يتجه نحو العصف بمجموع الموروثات المنحدرة إلينا منذ عهود سحيقة، بحيث يمس أالتواصل والقراءة والكتابة والتعليم والتعلم وأسندة المعرفة والكتابة وإنتاجهما وتداولهما. وفي هذا الصدد، تمت الإشارة إلى الأطروحة القائلة بأن البشرية، مع حادث الرقمية، هي الآن بصدد عودة حلزونية إلى عصور المشافهة الأولى (بيير ليفي)، كما إلى الأطروحة الأخرى القائلة بأن الرقمية قد تدخل الكتابة نفسها في متحف التاريخ البشري بالنظر إلى التطورات السريعة الجارية حاليا في حقل التكنولوجيا المعلومياتية، إذ قد تتولى قريبا روبوهات عاقلة تنفيذ مجموع الأوامر التي سنوجهها لها مشافهة.

وعما إذا كان انقراض الكتابة مما يقتضي الأسف، تم تقديم إجابة بالنفي؛ فبعد كل شيء ؛ فسنة الكون هي التطور، وإذا اقتضت سنة التطور اختفاء الكتابة فالإنسان سيبقى...

3 / الرقمية ومستقبل الكتاب الورقي:

شكل هذا المحور واجهة لتناول الفرضية القائلة باختفاء الكتاب الورقي، والتي تحدد سنة 2020 تاريخا للختفاء النهائي للكتاب الذي نعرفه، ومناسبة للتساؤل حول محل الثقافة والمجتمعات العربيين من الإعراب في هذا السياق.

إذا كان اختفاء الكتاب ليس مما يدعو للاستغراب، فإن وضعية الشعوب العربية، على العكس تبقى شبه إشكالية: بالنظر إلى النسبة الهامة للأمية في هذه المجتمعات، يصعب تحديد موقعها بالضبط ضمن التغييرات الجارية، وبالتالي تكهن موقعها لحظة اختفاء الكتاب؛ هل يتعين على هذه الشعوب أن تجتاز المراحل ذاتها التي اجتازها الغرب لمحو الأمية؟ والجواب بالإيجاب سيقتضي من الكتاب أن يمكث بيننا لحقبة أخرى طويلة وطويلة. أم أن الثورة الرقمية تشكل فرصة لإجراء طفرة نوعية وحرق المراحل؟ وفي هذه الحالة ستكون الشعوب المعنية في الموعد طبعا.

1 / الملتقيات الأدبية والثقافية العربية في الأنترنت:

خصص هذا المحور لإثارة ومناقشة الأجواء غير الصحية التي بدأت تخيم على بعض المنتديات العربية والتي أدت مؤخرا بالروائي المصري، وهو من أغزر الكتاب العرب الذين ينشرون في الشبكة، إلى إعلان انسحابه من جميع المنتديات عبر بيان يدين بعض السلوكات، كما أدت بمنتدى ميدواز إلى قرار إغلاق ساحاته التفاعلية. وأهم الأسئلة التي طرحت: ما مصدر هذه السلوكات؟ هل كان قرار خالد السروجي بالانسحاب صائبا؟ وما وظيفة المشرفين على المنتديات في ظل هذا الوضع؟

ويمكن إجمال ما قيل فيه على النحو التالي:

ظهور هذه الأجواء غير الصحية يجب أن يندرج في سياق هذه الدمقرطة للتواصل غير المسبوقة، في التاريخ، التي يتمتع بها مستخدمو الأنترنت. دمقرطة تتيح للتلميذ أن يجالس الأستاذ وضعيف التكوين أن يجالس متينه، بل وتتيح للعامي أيضا أن يجالس المثقف. من هذه الزاوية، ما يقع حاليا يمكن اعتباره وضعا طبيعيا، وهو ماض في منحى تطوري لن نرى نمتائجه اليوم. وتتخذ الأجواء غير الصحية أشكالا عديدة، تتمثل في قدوم العديد من المحبطين واليائسين والحساد مشحونين لاتخاذ الآخرين مرامي للإساءة؛ هذه الإساءة للمثقفين والكتاب والمبدعين والمفكرين كانت دائما موجودة، في حلقات النميمة بالمقاهي وغيرها، ولكن الرقمية جعلتها الآن مرئية؛ بحيث صارت الإساءات تعرض جهرا على مرأى ومسمع من المساء إليه. ويتعين على «الضحايا» تعمد التجاهل والتسلح بأعصاب فولاذية لاحتمال هذا الوضع. من هذه الزاوية، الكثيرون لم يتفقوا مع خالد السروجي في قرار الانسحاب.

في السياق نفسه، تم تفسير تزايد هذه الظاهرة بالمقارنة مع ما سبق إلى التزايد المتواصل لمستخدمي الشبكة العرب اليوم بالمقارنة مع وقت قريب، حيث كان الأنترنت يعد ضوبا من الترف، كما تم توقع أن تعرف المنتديات مزيدا من أشكال التواصل غير الصحية.

أما عن دور المشرفين على المنتديات، فقد تم التنبيه إلى أنهم لا يختلفون في شيء عن عموم المستخدمين: فمثلما باستطاعة أي شخص أن يضع معلومات في الشبكة، ولأجل ذلك يكفي أن يلم بتكوين أدنى في إنشاء المواقع، كذلك باستطاعة أي شخص يلم بتقنيات تركيب وإدارة المنتديات أن ينشيئء منتدى. ما كل المشرفين مثقفون ولا كلهم يمتلكون تكوينا بيداغوديا أو غيره، بم ايجعل كل مشرف قادر على احتواء مثل هذه الأوضاع.

وكان طرح هذا الموضوع في بداية الحلقة، حيث تعذر في ذلك التوقيت الاتصال التليفوني بمحمد اسليم

حيث طلب من السروجي ايضاحا لقرار انسحابه من المنتديات الادبية ، فاجاب بان المنتديات الادبية اصبح مناخها سيئا، ومعوقا للابداع الحقيقي، وان البعض منا ينقل خلافات الشوارع الي ساحة الانترنت وهي خلافات –بالطبع شخصية- ، وان مستوي المعارك الشخصية اصبحا متدنيا في طرحه ، ولغته التي تحتوي علي الشتائم وما الي ذلك من لغة متدنية ، وكان الامر سيصبح مقبولا ومفيدا في حالة كونها معارك فكرية تستعمل لغة حوار راقية، لان المعارك الفكرية تثري المنتديات ولا تهبط بهاالي حضيض الغوغائية والاحقاد الشخصية، وان هذا المناخ الفاسد اضطر منتدي جادا ومحترما مثل منتدي ميدوزا الي الاغلاق ليصبح ذلك مثالا حيا علي القوة التدميرية للتدني والاحقاد الشخصية، والتي تمثلت في قصدية اغتيال المنتدي وصاحبه ومشروعه الفكري الذي سنوات من الاعداد والتضحيات والجهود المضنية بدافع من حقد شخصي..

وفي مداخلة للشاعر احمد سلامي حول مسالة الانسحاب من المنتديات الادبية، وافاد بانه يتفق علي ان هناك سلبيات كثيرة في منتدياتنا الادبية وان الانسحاب منها يعد قرارا سلبيا، وان الأولى هو البقاء لمقاومة الاجواء الفاسدة بالجدية والمستوى الادبي الرفيع والترفع عن الصغائر والضغائن.. ورد السروجي علي ذلك بان قرار انسحابه لم يكن موقفا سلبيا، وانه كان يمكن ان يكون كذلك في حالة " الانسحاب الصامت" ، ولكن انسحابه جاء علنيا ومسببا، وان الانسحاب العلني المسبب هو موقف ايجابي، لانه يطرح اسباب الانسحاب علي الضمير الادبي ، ويدعو الي المراجعة والمحاسبة، وهو ماتم بالفعل وطرح القضية علي نطاق واسع وحقق هدفه في ابراز الواقع المزري لبعض المنتديات الادبية والسلوكيات الكريهة لبعض محترفي المشاكل وممارسة الضغائن.

محمد أسليم وخالد السروجي