قصص برقية                              

 

ماء

كان الماضي مستلقيا معها على نفس الوسادة .يتنفس بنفسها،ويحدق بعينيها .

تذكرت همساته ،قبلاته السرية ،لمساته التي كانت تجعل كل مساماتها مفتوحة للانفلات إلى أقصى ضفاف الإثارة.

ـ ماما ..ماء !

فجأة وبنفس السرعة ،ولى الماضي الذي كان قد نصب نفسا ملكا قبل لحظات على كيانها.انطلقت بقدح الماء إلى طفلها الصغير .

 

الخوريات

 

قطعوا عليه متعة خورياته في النصف.

أشارت المرأة إلى الرجل الموجود في وسط غرفتها ،وهي تصرخ:

ـ هذا هو الرجل المجنون !

تكالب عليه رجال الشرطة .صاح الرجل بأعلى صوته :

ـ صبرا ..دعوني أنهي ما بدأت !

 

الحج

ذهب إلى الحج ثلاث مرات ،لكن شهرته لم تتبدل في الحي.ظل أهل الحي ينادونه بـ:رؤوف السكران .

 

الحلاق 

 

كتب على واجهة دكانه الزجاجية :

(( أنا لست ايفان ياكوفلوفيتش بطل قصة (الأنف ) لغوغول.لم يسبق لي قطع أنف زبائني قط)).

رغم ذلك ظل يعاني من شحة الزبائن.وأخذ ينافس نفسه كل يوم في قتل أكبر عدد من الذباب الموجود في دكانه .

 

بيكاسو

كان الرسام قد حضر مبكرا إلى معرضه الأول ،في انتظار المحافظ الذي سيفتتح المعرض.لكنه فوجيء بدخول بيكاسو إلى معرضه ّ!

حينما ذكر لزملائه ما حدث ،لم يصدقه أحد .قالوا عنه :

 من أول معرض له بدأ ينتابه غرور قاتل !

الحانة

قابلت زوجها الغائب منذ سبعة أعوام ،وكأن شيئا لم يحدث.في المساء ،همست في أذنه وهي تتلوى بين ذراعيه :

ـ أين كنت طوال هذه الفترة ؟

رد الزوج بهدوء :

ـ في الحانة !

 

العائلة

فوجيء بتلميذه الذي رسب في درسه ينهضه من النوم .

ـ صباح الخير يا بابا .

رفرف ذهول شديد بجناحيه في أعماق المعلم ..مستحيل .فهو لم يتزوج حتى يكون هذا التلميذ ولده!

لكن الصوت القادم من الصالون أذهله أكثر .قال به الصوت القادم :

ـ حسين ! هيا لقد برد الشاي !

نظر كالمسطول إلى المرأة البدينة .امرأة متوسطة الطول ،تخطو خطواتها الأولى صوب الكهولة.وقع نظره على صورة له معلقة على الجدار.كان يجلس فيها مع هذه المرأة ،التي كانت بملابس العرس .غمغم المعلم في نفسه (( يبدو بأنني متزوج منذ زمن طويل ! "

 

الراتب 

كان ينتظر منذ الصباح الباكر ، دوره أمام البنك لاستلام راتبه التقاعدي.كان العوز مرتسما على ملامحه . سألته الموظفة بطرقة آلية دون أن تنظر إلى وجهه .

ـ الاسم ؟

ـ هتلر .

رفعت رأسها ،ونظرت إليه بدقة ،وكأنه تتأمل كائنا خرافيا :

ـ ماذا ؟

ـ هتلر ..

انطلقت ضحكة هوجاء من الموظفة كموجة طافحة عجزت عن مواجهتها .اكتفى العجوز بالنظر إليها بدقة دون أن يفهم سبب ضحكتها الرقيعة في هذا الصباح الهاديء.

 

الطيور 

وضع اللمسات الأخيرة على لوحة (الطيور) بعناية فائقة،متنفسا الصعداء .أخيرا نجح في إنهاء لوحته التي عانى ما عانى من أجل أن يتمها في الموعد المحدد.

عندما استيقظ في الصباح ،لم يجد الطيور في اللوحة .كان أخوه الصغير قد استغل نومه ،فاصطاد بمصيادته جميع الطيور في اللوحة التي لم يبق فيها إلا حفنة من سماء زرقاء .

 

الرسالة

أصيب بالدهشة حينما استلم الرسالة التي كتبها بخط يده . جملة واحدة كانت ترقد على الصفحة البيضاء للرسالة :

((أيها الوغد غدا في الساعة السادسة مساء سأقتلك ،وأبعث بك الى الجحيم ))

نام .ولم يستيقظ أبدا في الساعة السادسة مساءا .

 

 

الأغنية

 

كان جالسا على مائدة العشاء ،عندما عرض تلفزيون كركوك أغنية ذلك المطرب الذي ينهق  ولا يغني مثل بقية المطربين.لم يتحمل الرجل .زم شفتيه استصغارا وهو يشير إلى المطرب :

ـ هذا وين والمقام العراقي وين ..!

لم يكد الرجل ينطق بهذه الجملة حتى رأى المطرب يقفز من شاشة التلفزيون إلى صالون بيته ثم يصفعه بشدة أسقطت الملعقة من يده :

ـ وماذا تفهم أنت من المقام يا تيس !

ثم دخل المطرب الشاشة ،وعاد يكمل مقامه ببستة  شعبية :

                             للناصرية وياك لابني صريفة

                            واعزم زهورة حسين ويه عفيفة

                             نوحي نوحي ..نوحي

                           على العافوج يا روحي نوحي ..

اللقلق

مع تباشير الخريف ،بدأت أسراب اللقالق تعود بلهفة إلى أجواء أكثر دفئا ،فهي صديقة الشمس .تعيش قريبة من نبض القيظ .

اقترب اللقلق من زميله مقربا منه منقاره :

ـ كانت أيامنا جميلة ..ولكن لا بد من العودة دائما إلى حيث الشمس ،انه قدرنا ..سأعود إلى العش الذي تركته الصيف الماضي ،انه يقع فوق منارة عالية قرب قلعة كركوك ..و

فجأة أصابت قذيفة ،اللقلق بدل الطائرة الشبحية ،فهوى محترقا مع أحلامه .

 

 

العذراء

نهض مرعوبا من النوم على طرقات صوت طرقات شديدة على الباب .وجد شرطيا يدعوه إلى المخفر.ركب سيارة الشرطة وهو في لجة من الحيرة في هذا الصباح الذي بدا مثل الكابوس.

في المخفر فوجيء بوجود سعدية أم الـ ..التي لم يبق من شاب في الحي لم يمتلك كنوز جسدها المباح لكل من يدفع . كانت تقف دامعة العينين أمام الضابط ،الذي صفعه على وجهه بدون سين أو جيم :

ـ قواد .. ألا تخجل من الاعتداء على عفاف امرأة ضعيفة !