سنوات
البكارة في
حياة هيفاء طوبيا
3 آب
1965
كان
حصان البهجة
،والذي ا‘سميه
أحيانا ( حصان العشب
الأخضر ) يقف
بصلابة كرجل
مبهج .وكنت
على مقعدي ككل
مرة .هذا هو
اليوم الثالث
الذي أرى الحصان
فيه ويبهرني
. كان هو
أيضا يحدق في
عينيّ وكأنه
يريد أن يشمني
وكأنني زهرته
البرية .
أما
الحصان فشيء جديد ومثير
.لأنني حينما
أراه اهتاج
،وأتمنى لو
اهرع إليه
وازرعه على
الكرسي ثم
أكلمه أشياء
قد تبدو تافهة
ثم اغسله في
الحمام
،وامرر يدي
على شعره
المتدلي ثم
امتطيه في
سفرة أشم فيها
رائحة العشب
الأخضر
،ورائحة نفسي
ورائحة الحرية
. حقاً إن الحرية
مثيرة . إنني
أراها رجلاً
فطريا مزروعاً
بالشعر
والصلابة
يشربني مثل الماء .
اعتذر ربما
حرماني يجعل
رؤيتي لبعض
الأمور تبدو
ضيقة .
صرخت أمي
من جديد : جهزي
المائدة .
ومثل
آلاف المرات
،جهزت
المائدة .
أكلنا في الأطباق
نفسها
.وبالملاعق
نفسها . تبادلنا كلمات
قصيرة .كل ما
حصل أشياء
مكررة وتافهة
.لا أريد
الكتابة عنها .
عدت
إلى غرفتي .
اقترب الحصان
قليلا . بدا
وكأنه سيقفز
إلى غرفتي .
بين حين وأخر
يحني رأسه
الجميل إلى
العشب ثم
يرفعه إلي
.إنه وحيد .مشي
عدة خطوات ،
واكتشفت ببؤس
حقيقي انه يعرج
في مشيته
ويتألم .
والدتي
أمام
التلفزيون
ووالدي يقرأ
جريدة مسائية
. ولفت الظلمة
وجه الحصان .
تمددت على السرير
. لا اشعر
بالنعاس .
الاسترخاء
يشعرني براحة
ذهنية .
قالت
خالتي قبل
أسبوع بأنها
قلقة لعدم
زواج ابنتها
،وإنها لن
ترتاح إلا حين
تتزوج . وضحكت
ابنتها ضحكة شاحبة .
كانت قلقة أكثر
من أمها .
أوه ..
لست ادري
لماذا اكتب
هذه الأشياء
التافهة ؟ لست
ادري ، فكل ما في
حياتي تافه .
إنني أشكو من
الفراغ .
نظرت
إلى عيني
الحصان .كانتا
براقتين .وقعت
متهالكة على
الكرسي .ها قد
انطفأ الشيء
المبهج في
حياتي. عن
ماذا أكتب ؟
ـ
حصان كان يقف
وينظر إلى عيني
. كان صديقي .
5 كانون
الثاني 1966
نظرت
إلى ملامحه
جيداً. الصورة
تبدو قديمة ،
لأن مظهره يدل
على ذلك. كانت
عيناه براقتين
وذكيتين . فمه
يبدو صغيراً،
بينما أنفه
يبدو غير
منسجما مع
تقاطيعه
الحلوة .
هل
هذا شئ جديد
كي أعود واكتب
عنه . أنا التي
صمتت كل هذه المدة
التي تزوجت
فيها ابنة
خالتي ، وأحيل
فيها أبى إلى
التقاعد ،
ورزق أخي بطفل
أسماه باسم لم
يعجبني ؟
نادتني
والدتي
لمشاهدة فيلم
السهرة ، فلم
أهتم . عاودني
الشعور
بالفراغ
.أحسست بتثاقل
في رأسي ،
وأغمضت عيني .
ما
دعاني إلى فتح
النافذة
وترطيب يدي
بالمطر ثم مسح
وجهي به . ومنحت
عنقي ووجهي له
. كان رقيقاً
كأصابع رجل
متمرس في
المداعبة .
رأيت
شيئاً يقف تحت
نافذتي . ولا
أدري كيف حملت
المصباح الذي
كان لهبه
يرتعش . كان
المطر قد خف
نوعا ما .
ورأيت رجلاً
محتمياً
بالجدار ،
وبجرأة لن اعهدها
في نفسي رفعت
المصباح في
وجهه . عرفته .
أنا التي لم
تعرف إلا
الأشياء
المعادة . كان
هو صاحب الوجه
الجميل والأنف
القبيح . حدق
فيّ قليلاً ثم
ابتسم أو حاول
أن يبتسم
بشحوب لكنه
فشل في ذلك .
أغلب الظن انه
كان خائفاً
. قلت له : لن أشي بك .
ورجعت .
بدا
كل شيء كالحلم
. كيف خرجت
وحدقت فيه دون
خوف ،ووعدته أن
أحفظه سرا في
صدري . كيف حدث
كل هذا ؟ هل
هناك أمل
أن يكون لدي
أشياء مبهجة ؟
لا أدري .
ببساطة أقول
إنني تغيرت
.لم أقل له
شيئاً .فقط
وعدته .اجل تغيرت
. منذ يومين
وأنا أتمنى أن
أراه ،
وأتمنى أن لا
أتبادل نفس
الكلمات مع أمي
.أريد أن أقول
لها بأنني تغيرت
. أصبحت في
ذاكرتي صورة
رجل ، ليكن من
يكن .
الساعة
تجاوزت منتصف
الليل . فتحت
النافذة .غمرتني
الظلمة ،
ورأيته في نفس
المكان .حملت
المصباح .
ورأيته .لكنه
ابتسم لي هذه
المرة بحيوية
ونجح هذه
المرة في ذلك .
كي يطمئن
أن الصيد في
مكانه . حريتي
هي وجودي .
ـ
المكان هاديء
وخال هنا . لن
يجدني أحد .
30 كانون
الثاني 1966
عالماً
رائعاً،
ويكلمني عن
عالم جديد
بأسماء
وكلمات لم أسمعها
. إنه يبنيني . إنه لا يدمن
المخدرات ،
لكنه يدمينني
أنا . أنا حشيشته
المفضلة .
2 شباط
1967
اليوم
ذهب والدي كي
يبيت في بيت
عمي لأن صحته سيئة .ونامت
أمي مبكرة .
وزرعته في
غرفتي .حدقت
فيه طويلاً .
ضحك وقال : أنا
جائع . وأكلنا
في أطباق
جديدة نحتفظ بها
للضيوف .
أكلنا بنهم
.وتذكرت
اندهش
،
فهذا شيء لم
يكن يتوقعه .
نعم . قال وابتسم
.فبضت
على أصابعه ،
وأدخلته
الحمام .كان
عارياً أمامي
. غسلته .وتصرف
معي كطفل
عاقل . لم يمد
يده إليّ .
وتمنيت لو فعل .
شربنا
الشاي معاً
.قال : هذه
أروع ليلة في
حياتي .ونظر
إلي يحب كبير
.امسك بيدي
،وقبل
أصابعي عدة
مرات وهو يردد
: أنت الآن الفرح
الحقيقي في
حياتي .
وبجسارة
قبلته من
شفتيه . اندهش
وكأنه لم
يتوقع مني ذلك .
… 1968
… 1969
… 1970
… 1971