|
 |
|
|
23 |
|
|
|
لعبت الخمرة برأس الغريب، عاد لاستنطاقي:
-
هل تريد الالتزام بهذه البنت
[سناء]؟
- ممكن، لكن
يلزمني وقت كي أعرفها معرفة جيدة.
صرخ بأعلى صوته، مناديا فيفي :
-
أين أنت يا عاهرة؟ تعالي
لتسمعي قول صاحبك
!
تعالي كي تجلسي معنا؟ أتحسبين
نفسك زاهدة حتى تترفي عن مجالسنا؟
تجاهلت ففي نداء
الغريب، جلستُ بمحاذاة العاهرة
(سناء)،
عانقتها، لثمتها، دسستُ يدا بين فخذيها وأخرى بين نهديها، استجابت لي
باستسلام سخي.
غضب الغريب، عاد إلى الصراخ:
تعالي يا عاهرة.
لم تستجب فيفي للنداء،
قام وفتح باب غرفة النوم بقوة، ثم جذب فيفي من شعر رأسها، وساقها إلى
المجلس:
-
لماذا لا تطيعينني؟ لماذا
ترفضي الجلوس معنا؟
- أنا أتصرف
دائما على هذا النحو، عندما يزوره أصدقاؤه، أنزوي في غرفة النوم، تاركة
الجميع في هدوء وطمأنينة.
حاولت العاهرة تهدئة الوضع، قالت للغريب :
-
هي تحبه، تزوجا منذ سنة،
وهي الآن حبلى منه.
غضب الغريب :
-
وإذن، فهو يضحك على
ذقنينا، انسحبي منه من جانبه واجلسي بجانبي.
امتثلت سناء للنداء
استدار نحوي بلهجة حادة :
-
نحن لا نأكل صلصة ولا حساء.
ثم أخرج من جيبه الخلفي كمشة أوراق نقدية، وقال :
-
أنت الآن تضحك على ذقون
الرجال، أتحسبنا نساء أو صبيانا؟ كلفنا عناء المجيء للاشيء.
لاحظتُ استبداله تاء المفرد المتكلم بنون جماعة المتحدثين، أيقنتُ
أن حشدا من الرغبات قد حل به، دق قلبي، ارتعشت فصائلي، سألت الله
السلامة وحسن عاقبة مصير تلك الليلة الليلاء .
أضاف :
-
لا تثق بتلك، بها، إنها
عاهرة؛ تلك التي تنام في الغرفة عاهرة، قحبة، شاهدتها بأم عيني تتردد
على منزل قوادة بحي الطوارق.أما
هذه الجالسة بجانبي فبنت محترمة، بنت عائلة، ولكنك لا تستحقها، لأنك
لستَ في قدرها...
نزلت علي عباراته
كالصاعقة.
فبقدر ما يبتعد المرء
عن الشيء يسهل عليه إطلاق حكم...
صمتَ، عاد ليقول:
-
نحن لا نأكل صلصة ولا حساء.
أتحسب أنك وحدك من
يملك تلفازا وثلاجة؟ ها هي مفاتيح منزلي، يجب عليك أن تأتي إلى بيتي
لتشاهد بأم عينيك...
أما هذه الكتب، فإني
لأتبولنَّ عليها تبوّلا.
قال ذلك، ثم قام إلى المكتبة، وفتح زر سرواله تهيؤا للتبول على
الرفوف، هدأته الفتاة، عاد للجلوس، شد المائدة، المملوءة بالزجاجات
والكؤوس وصحن الفواكه، بيديه معا، همَّ برفعها وإلقائها في الهواء،
هدأته الفتاة .
سُمع صوتٌ يقول :
-
الله أكبر!
علق الغريب :
-
نعم هو كبيـر.
-
ثم استعاد هدوءه.
أدركتُ أي جحيم ألقيتُ فيها نفسي، حاولتُ استدراك الموقف، لكن
بطريقة ستتضح لي فيما بعد في منتهى البلادة، إذ الإهانة والتحدي
والمعارضة أمور لا يقبلها سكران؛ خاطبتُ الغريب :
-
ألم أسلمك قبل قليل رقم
هاتفي؟
- بلى
- الرجاء،
أعده لي.
أعاد لي الورقة
الصغيرة، مزقتها، أحسَّ بما يشبه الإهانة، عاد إلى هيجانه، هدأته
الفتاة.
قال:
-
ناولني ديوان أحمد.
قمتُ إلى الرفوف، تظاهرتُ بالبحث عن الكتاب، قلت للغريب :
-
ما أملك منه إلا نسختين:
واحدة بالفرنسية
الأخرى بالإنجليزية
!
قامت سناء إلى
المطبخ، عادت مرفوقة بسكين، أطلقتُ شريطا موسيقيا، عادت أجواء شهر عسل
لقائي بفيفي.
الموسيقى تعيد
الذكريات وتوقظ الوجدان.
راق الشريط العائدة من
المطبخ، أخذت ترقص.
العاهرات جميعا يرقصن؛ متى
أطلقت شريطا وراقهن، فإنه لا يمكن لقوة أن تلجم لغات أجسادهن المنحنية
لسلطان الغناء، بفعلن ذلك ولو كن قد عدهن لتوهن من مأتم أو جنازة...
قلتُ هذا لسوسو يوما،
منتظرا أن تشاطرني تعجبي، فما كان منها أن التمست لهن ألف الأعذار.
إلا ما أقوى النساء
على الاتحاد!
انشطرتُ إلى شخصين:
أحدهما يتابع الرقص
بخجل وإحساس بالذنب العميق، رغم أنفه، مخافة غضب الغريب، والثاني غير
مبال تماما بما يجري ويدور.
|
|
|
|
|
|
موقـع
محمد أسليـــم - تاريخ الإنشاء: 27 ينايـر 2002. |
|