إلى
حليمة الزاهري ، والدتي.
البارحة
لم أنم كان طيفك يملأ علي الغرفة
و كلما
أطفأت المصباح
أضاء
وجهك هذه العتمة
فحال
بيني و بين النوم
حينما
تصيبني رشحة الحنين
أحدق في
سماء قريتي
و أمد
يدي إلى الظلمة العالية
كأنما
أريد أن أصافحك هناك
و حين
يهزمني الانتظار
و يجمد
الثلج قدمي الواقفتين لأجلك
أعود
إلى حجرتي
مستأنسا
بنحيب البرد و المطر
أنظر
إلى صورك المعلقة على الجدار
فأشم
رائحة الحناء في قدميك
و أتحسس
بقايا الكحل في العينين
أتحسس
السوار و أقراط الفضة
و قلادة
الكهرمان
التي
يتدلى منها درهم للملك القديم.
البارحة
لم أنم
كان
طيفك يملأ علي الغرفة
و كلما
أطفأت المصباح
أضاء
وجهك هذه العتمة
فحال
بيني و بين النوم
أحتاج
إليك
سأحفر
اسمك على جدع شجرة الكستناء
أرسم
بجانبه قلبا كبيرا
و سأحرص
على ألا يخترقه أي سهم
سأستل
الأعواد اليابسة من حزمة الحطب
لأشكل
اسمك كبيرا في باحة البيت
سأرسم
وجهك على المرآة ، على الباب
في
دفاتري ، و على زجاج النافذة
أريد أن
تخترق نظرتي
عينيك
الغائرتين في الزجاج
لتلاحق
الحياة
و هي
تركض خارج الحجرة.
في
المساء
حين
أعود من المدرسة
مودعا
عصافيري الصغيرة
أخبئ
حزني في شجرة الطرفاء
أعبر
الزقاق القديم
و أصعد
الأدراج
لأجلس
إلى مكتبي المنسي هناك
كعصفور
في قفص،
مغمورا
برسائل ماري هاسكل
أشعل
شموعا في زوايا الغرفة
و أشعل
ما تبقى من الحنين في جوارحي
أقرأ
قصائد للشعراء الروس
و أحتسي
كأس نعناع كالعادة
طعم
المرارة يصعد مع الأنفاس
أنا هنا
و أنت هناك
و بيننا
تمتد الأيام المستعادة:
كأنك لا
تزالين قرب البئر
تسحبين
الدلاء إلى بيتنا القديم
تغزلين
الصوف في الظهيرة
و
تنحدرين مساء
مع نساء
القرية إلى الوادي
لتعودي
بحزمة الكلأ إلى حملاننا الوديعة
كأن
الحملان لا زالت ترعى في ذاكرتي.
البارحة
لم أنم
كان
طيفك يملأ علي الغرفة
و كلما
أطفأت المصباح
أضاء
وجهك هذه العتمة فحال بيني و بين النوم
أحتاج
إليك |