اجلس في
مقهى الانشراح في رام الله القديمة فراغ وشمس عدوة وغرفة صغيرة لم
ادفع فاتورة مائها بعد
هارب من
بطرس ، صاحب الغرفة ، بطرس يترصد خطوي ، ويراقب بابي ، غافلته وهربت
من النافذة ، صديقي يلتقي الان صديقته اتصل به فيقول ، اذهب الى
الحجيم ، انا مع الله فكيف تجرؤ على مكالمتي ، العالم مشغول عني ،
حبيبتي نائمة في خيبتها ، معتقلة في مسافاتها ، تلاميذي في بيوتهم ،
فقد انتهى العام الدراسي ، وحيدا مع ورق ابيض ، مستعصي على الترويض ،
و مسنين تائهين حولي ، يلعبون الشدة ويمارسون الضراط السري ، وهواجس
رحيل دائمة تجتاح كياني الهش الابله ، الى اين اذهب يا الله ؟ احلم
ان اهرب من جلدي ومن وقتي ، ومن اهلي و حبي وكرهي الكبير للعالم ،
ومن امراضي وقسوتي وطيبتي ، قررت ان لا يكون لي دخل بهذا العالم ،
ساعيش مع حواسي واوهامي ، وشهواتي ، ولن اسمح لاحد ان ينكد علي حياتي
، حياتنا ضيقة ويتيمة ، ومدننا صغيرة ، وبحارنا ممنوع زيارتها ، حتى
رئيسنا محبوس ، ساهرب ، ساهرب ، انا لا انتمي الى هذا المكان ، انا
ابن الغابة حفيد الصيحة الاولى ، ابن رغباتي الوحشية ، لاجدوى من
الكفاح في سبيل الحرية الجماعية ، فلاحررنفسي اذن فلاعش حياتي طولا
وعرضا ، ساغرق في ملذاتي وسانسى العالم ووطني ومرض ابي وابتسامات
اطفال اخي السحرية ، ساتخلى عن تدريس طلابي اسرار الكتابة الابداعية
، ولن اتي الى االمدرسة مبكرا ، بعد الان ، ساغرق في احلامي الشخصية
، فلا جدوى من احلام الوطن لا جدوى لا جدوى ، عزام النادل الصامت
والجميل يضع امامي زجاجة جعة باردة ، الطقس حار، حار ، وانا وحيد
وحيدددددددددددددد، فجاة رايته هناك اله ، هناك اله ، لا ادري من اين
بزغ ، لم ارشف الرشفة الاولى بعد ، عجوزززز ثمانيني ، شعر ابيض قليل
، شعيرات معدودة تنتحل اسم حاجب ، جسد نحيل ، حذاء مهتريء ، وكيس
بلاستيك ، فيه بقايا رغيف فلافل ، وحبتا بندورة ،
هناك
اله ، هناك اله
.
كم ثمن
مشروبك يا شاب؟
هل تريد
ان تشاركني يا عم؟
معاذ
الله يا ابني انا حاجج بيت الله
اعذرني
يا عم ، الزجاجة بست شواكل ،
من انت
يا حج؟
اسمي
نافع عبد القادر لبزور ابو العبد ، من مخيم جنين ، انا اصلي من ام
سرحان قضاء بيسان ، هناك اله ، هناك اله ، قعدت تحت الردم وقت
الاجتياح عشرة ايام ، الم ترني على الجزيرة، كل الناس شافوني على
الجزيرة ، الم ترني؟ اين كنت؟ االم ترني ؟
عن اي
ردم تتحدث يا حاج؟
ردم
بيتي يا ابني ، هدموا بيتي مع عشرات البيوت ، الم تسمع؟ الا تعيش
هنا؟
اه ، اه
اه ، تذكرت الان يا عم
عشرة
ايام تحت الردم ، الم ترني على الجزيرة ؟، زوجتي في المشفى تعاني من
امراض في خطيرة ، في الكبد والقلب ، كانت معي تحت الردم ، الم ترنا
على الجزيرة ؟
بلى
رايتك يا عم ، رايتك
.
هناك
اله ، هناك اله ، اخرجوني من الردم واخذوني الى جمعية خيرية في جنين
، وبعدين اسكنوني بيتا مستاجرا ، هناك اله ، هناك اله ، وعندما قالوا
ان ثمة مساعدات من الامم المتحدة ومن الامارات ، ومن عرب اسرائيل ،
ذهبت الى المخيم ، ولم احصل على شيكل واحد، قال لي ابو فلان : اكلوها
، اكلوها يا ابو العبد ، واعطاني من جيبته خمسمئة شيكل ، هناك اله ،
هناك اله
ولكنهم
قالوا ان كل شخص دمربيته حصل على بيت جديد
لا تصدق
لا تصدق ، هناك اله ، هناك اله . هذا هو مفتاح بيتي المستاجر في
مدينة جنين ،
بيتي
فاضي ، فرشتين وكنباية ، وست كاسات وابريق شاي ، وسجادة صلاة ، هناك
اله ، هناك اله
ماذا
تفعل في رام الله يا حاج؟
اشحذ ،
اشحذ هناك اله ، هناك اله ، عطف على ابو فلان صاحب مطعم في رام الله
، يطعمني كل يوم ، ويشتري لي الدخان ،
انام في
بيت مهجور ، لي خمسة بنات متزوجات ، ثلاثة قي الاردن ، واثنتان في
الزبابدة ، هناك اله ، هناك اله ،
ماذا
تشتغل يا ابني؟
انا
كاتب يا عمي
صحافة
يعني ، صحافة
نعم
صحافة صحافة
طيب طول
قلم ورقة واكتب طولللللللللللللللللل
حاضر يا
عم
اكتب
:
انا نافع
عبد القادر البزور من ام سرحان اصلا قضاء بيسان ، وسكان مخيم جنين /
حارة الحواشين حتى وقت الاجتياح ، انا مواليد ال25
وعمري
80 سنة ، انا بلف في رام الله ، بنام في بيت مهجورررررررررررر،
وبطعميني صاحب مطعم بعرف الله ،
وهذا
تلفوني
: 811425 - 052
اكتببببببببببببببببببببببببببببببب
:
عشرة
ايام تحت الردم ، الم ترني على الجزيرة؟
احكي ،
الم ترني؟
بلى
رايتك رايتك يا عم
ذهبت
الى ابو عمار ، لم يسمح لي بالدخول ، وقالوا ارجع بعد شهر ، هناك اله
، هناك اله ،
اهاتف
صديقي الصحفي ، تعال واكتب عن الصحراء ، في عزلتها وقحطها ، ويأسها ،
اسكت يا
سكران ، يقول صديقي ، النائم في حضن حديقة.
ساخرج
الان يا عم
اكتب
اكتب يا صحافي
افضحهمممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممممم
وخلي
صاحبك يكتب ، اوعدني ان تكتب يا ابني ،
هناك
اله
هناك
االه
هناك ا
اله
ساذهب الى
مدرستي مبكرا حين تحين سنة دراسية اخرى ، ساواصل ذرف اسرار الكتابة
لعصافيري ، سأعتني بصحة ابي ، وساراقب الجزيرة لاري الذين كانوا تحت
الردم ، سأعتني بصحة ابي ، سالتصق بجلدي ، ساحاول ان أؤمن ان لا وقت
لحرية فردية ، في بلد معتقل في سجن كبيرررررررر ، بلد اعتاد الخوف
والصحراء و الموت ، كما يعتاد سائق الشاحنة البدين الملل من طول
المسافات، وانعدام الحديث مع اخر ، ساحاول ، ساحاول يا عممممم ،
سأحلم بالبحر وساقول له همسا طبعا : انتظرني في العام القديم عفوا
القادم ، ، وساغفر لصديقي ، خذلانه الجميل ، وسأحب حبببتي اكثررررر ،
فالمسافات تضيئ ارواحنا ، ولها حكمتها ونصيحتها الاخوية ، سأغرق في
ابتسامات اطفال اخي السحرية ، سأغرق الى حد التخلي عن الجعة ،
اني
اخرج يا عم
اني
اخرج اني اخرج
اخرج
اخ
ر
ج
ziadkhadash@hotmail.com |