الذين بدأوا بنبش المقبرة الجماعية الثقافية في العراق وهرعوا
يحملون الفؤوس والمجارف وصولا إلى الجثث الثقافية هؤلاء جميعا
كانوا من المثقفين أدباء وشعراء وهم بصورة عاجله ومستعجلة وجدوا
أول جثة ثقافية .. فتوقفوا عندها عن مواصلة النبش والحفر وراحوا
يفركون أيديهم فرحا وبهجة فقد تفحصوا الجينات الأدبية الوراثية
ليتأكد لبعضهم أن الجثة هي للروائي المصري جمال الغيطاني
.
لقد
قبروه في أرض العراق دون أن يقيموا لقبره نصبا .. وساد حفّاري
القبور صخبٌ وهرج ومرج وتعالت أصواتهم (وجدنا الزبيبة) .. تلك
الزبيبة التي لم تحمل في مؤخرتها ((العودة))
على غير ما جرت العادة في مأثور المثل الشعبي القائل ((طول عمرك
يا زبيبه في مؤخرتك هالعوده))
مأساة جميع هؤلاء ممن أثبتوا مخبريا أن جمال الغيطاني هو بلحمه
وشحمه (((الجثة التي كشفت عنها الحفريات))) أو أولئك ممن ينفون
أية تطابق بين جينات هذه الجثة وبين جمال الغيطاني ... مأساة
هؤلاء جميعا أنهم لم يتفحصوا مؤخراتهم ليكتشفوا أنهم العودة
الملتصقة دوما بالزبيبة
.
هؤلاء إذا واصلوا نبش المقبرة الثقافية الجماعية فهم حتما
سيعودون ليهيلوا التراب على رؤوسهم يلطمون الخدود ويشقون الجيوب
مولوليين ((ليتنا لم نفعل ولم ننبش)) ذلك أن ثانية الجثث ستكون
جثة الشاعر المبدع محمد مهدي الجواهري الذي لم يكتب (الزبيبة) بل
صير نفسه وجعلها ((زبيبه للملك)) ففي ميزان النسبية الأخلاقية ما
الفرق بين جمال الغيطاني (الذي إنخرط في تمجيد صدام ورفع شأنه)
وبين الجواهري الذي صعد المنابر في عمان مادحا الملك حسين
بقصيدته (يا سيدي إسعف فمي) وما الفارق بين صدام حسين وبين الملك
حسين ... كلاهما طعنا ظهر الأمة بل إن جريمة قبر واغتيال القدس
على يدي الملك حسين أفظع وأبشع جرائم الخيانات .. .. فكيف إذن
يقف الجواهري مادحا خائنا غادرا متسلطا
.
وفي
المقبرة أيضا سيتوالى إكتشاف الجثث الثقافية فسيخرج نزار قباني
من تحت الثرى يحمل في رميم عظامه ((إمرأة من جنوب العراق)) وإلى
جانب عظام قباني سيتم العثور على العظام النخره لمحمود درويش
الذي (ترك الحصان وحيدا) في إسطبل الشعب الفلسطيني ليدخل في حصار
((طايا عرفات من الشهرة والثروة)
..
فالجواهري الذي قبض تحت
الشمس مائة ألف دولار في عمان ومحمود درويش الذي يقبض عليه ليليا
في حانات رام الله ومن ورائهما طابور طويل وعريض من المحيط إلى
الخليج يقتاتون جميعهم على فتات موائد القادة والملوك كلهم
سيجدون أنفسهم في طبقات التراب جثثا متعفنه كجثة جمال الغيطاني
...
من
لا يصدق من هؤلاء أنه جثة وأنه زبيبه في مؤخرة السلطان فليتفحص
نفسه جيدا ليكتشف أن هذه الزبيبة تحولت لذنب طويل
..
مسكين جمال الغيطاني ألقوا القبض عليه يمارس البغاء .. بينما
الجميع من حوله وصلوا مراحل القواده وأدمنوا الفسق والمجون
..
فمن
كان منكم بلا زبيبه فبالتأكيد لديه ذنب
ـــــــــــــ
[*]
دكتور في الإجتماع السياسي .. من أصل سوري ويقيم
في مسقط
|