جماليـــات

إضــــــاءات

حــوارات

مقـــــــالات

تر جمــات دراســـات نصــوص سرديــة بطاقـة تعريـف   
للاتصـــــــال خدمــــــــات

خــــــاص

مواقع مفضلـة مواقع صديقة مكتبات الموقع كشك الموقـع موارد نصيــة

 

 

 

مواد أخرى لعبد الحق ميفراني في الموقع الحالي

 
   

عبد الحق ميفراني (المغرب)

" عين هاجر "

رجاء الطالبي أو شعلة الكتابة بدهشة الرؤيا

 

 

" زئبقية لا يمكن القبض عليها ، كلما توهمت امتلاكها أفلتت"

" أراض لا تكشف عن أسرارها إلا لقوي حكيم "

 رجاء الطالبي

 

*" تأسيس الاختلاف في الكتابة " هكذا بقدم الناقد حسن المودن مجموعة الكاتبة المغربية رجاء الطالبي " عين هاجر " الصادرة عن منشورات دار الثقافة هذه السنة . المقولة توسيع لهذه الرؤية التي تروم تأسيس مفهوم مختلف للكتابة وحتى التوصيف الأجناسي المحدد على غلاف المجموعة : "قصص" تمويه يغادر فعل القراءة في اللحظة الأولى من قراءة أول نص في المجموعة " من يوميات عاشق أبيقوري " ، لنكتشف سحر عوالم أتثث أعمدتها الساردة بالرهان على مغامرة الكتابة التي تتحرر كليا من مراسيم وبرتوكولات المطمح الأجناسي.

تضم المجموعة ثمانية نصوص تملأ الزاوية اليسرى للصفحة :

1- من يوميات عاشق أبيقوري

2- حبة كرز

3- موت بشفاه لامرئية

4- هاي .. شيري

5- جنائن النار

6- ذئبة الجحيم

7- نزيف الشفافية

8- حديقة أبيقور

وهي جميعها نشيد غير مكتمل بالمرة للكتابة ، في أفقها الاختياري الوجودي ، فرهان النصوص كوجيتو لذات ساردة وهي تسيج عوالم الحفر من خلال هذا الاختيار الذي يمتطي لا نهائية اللغة ، واللامرئي الأشكال ، الساردة هنا فاعل مفكر يكتسب هويته الأصيلة في استعادة " روح العالم ".

في نصوص " عين هاجر " لا نكتشف شخوصا ولا حدثا بالتحديد ، ولا توصيفا حكائيا ، في " عين هاجر " تجسس لغوي ثرثار إلى حد السفه لهذه العين السحرية والتي لا تكتفي باستعادة بلاغة المادة والشكل ، بل تنشر ذروة الرؤيا باتساع "العبارة" ثمة حلول مطلق لا ينتهي ، بل يحمل قبعة النفري بلسان هلدرلين ..

لا نحتاج لقواعد جانبية كي يكتمل اندهاش العالم في " نزيف الشفافية " :

" يكتب وكأنه ينزف " تقطر الكلمات من وريده ..تقطر وتقطر ليتكون عالمه الحكائي الجميل بشفافيته ، برقته الذابحة " {ص61} .

ولبناء وتشييد هذه العوالم تتزود الذات الساردة ب :

" اللهفة للامتلاك ، الامتلاء ، التحليق ، الهطول ، الغوص ، الانتشاء / حبة كرز { ص 27}، تحتفي الكتابة بهذا الجسد وهو جسد مكتنز بالمعرفة ، لا يتحدد بالمفاصل والأعضاء إنما بدرجة " نضج لثمار المعرفة " لأن سحر الكوجيتو السابق التحديد لا يتحقق إلا بحركة الامتلاء التي تصيغ العالم كي تحرك جنونه ، وتعترف الساردة في " موت بشفاه لا مرئية " :

" حياتها الحقيقة هي حياة أعماقها " { ص 34}

فالصخب والفوضى والامتلاء والتحقق و ..و .. متواليات لهذا النشيد المعلن والذي لا تستطيع هذه النصوص الثمانية أن تكتب وصفاته ، فالضوء الذي اختارته " عين هاجر " نداء " المجهول " وعبور " سري " يقتات من الباطن واللامرئي وكلما أمعنت الساردة في نسج هذه الخيوط ، كلما حاكت هذه الحلكة كلما ضاق " الضوء " الشفاف ليجد القارئ نفسه وسط حديقة بمتونها وتعاليمها الشبيهة بطقوس " الزن" .

ولا نستطيع إلا فهم طبيعة التوظيف الشعري الذي تلاحقه الساردة حتى في أقسى الحالات نثرية :

" أحبها حتى لو بالدم كان اقتلاعها وسكناها ..أدمنتها الدماء وأدمنت ملقها ومنآها ..أحبها ..أحب التوتر الجميل الذي يذكيه ملقاها " {ص 13}.

فالمدن ، الجسد ، والوله ، والاحتراق ...جميعها بنيان جسد معرفي بامتياز هو النص ، خلاص الساردة من توصيفها ودورها للانحلال في هذا البوح / الولع .. وكما يشير الناقد حسن المودن في شهادة / نص التقديم :" هي نصوص شعرية ، بلغة شعرية تقول الذات حكايتها " لكن أثمة حكاية حقا ؟؟؟؟

النصوص نفسها تقر فقط بشراب اللامرئي {جنائن النار}/ ص 43. وهي هنا تمتطي الجسد أعلاه في متاهاته وصحرائه ، وحتى الأشجار تأكيد على شساعة هذا العالم / الخراب ، وهذا الموت / العدم لكن هذه الذرائع تعمق بحث إضاءة ل " جسد ينزف ظلاما = أدونيس " .

وتستحيل أية مقاربة تتباهى بجينيرالات المنهج أن تستضيفها " عين هاجر " هكذا ، دون فعل " تحول / ص 46" فأمام الروح هدير " الآلام المهولة تداعب عمقها المجروح / ص 46" .

نصوص عين هاجر في النهاية تحلل بطواعية لذة الكتابة ذاتها ، فالنشيد السري شموس هاجر ، أما فعل الكتابة فعينها السحرية والسرية .

في " ذئبة الجحيم " سيرة الموت وشعريته ، وهو ألق النصوص في تجذير وتقعيد منطق الكتابة لدى المبدعة رجاء الطالبي ، يبدأ النص بفعل ماض ناقص ليختتم { طباعيا } بتفجير لربيع " هائل " ، الامتداد هنا يصبغ بمواجهة الذات الكاتبة مع عوالم الكتابة ، وهذه الذات موسومة ب :

· زئبقية

· عربيدة

· دائمة الترحال

· متأبطة عدمها

· شيطانية

· دائمة التدمير

· تشتعل ، تتوغل ، تتسربل بالظلمة

· متأهبة للانفجار

· مضيئة ........

إن فعل التذويت يتحلل تدريجيا اتجاه توازي جسد النص بشعرية الموت لكنه " الموت الذي يحيا فينا / ص 51" وبذلك تتحقق نبوءة الكتابة في سيزيفيتها ما دام هذا التضاد يحكم الرؤية الموجهة بالتوهج لفعل الصيرورة ، حتى يعيد النص وجوده من لحظة التدمير ..

إننا أمام شطحات بحس أسلوبي خاص ، ولا تكتمل الحضرة إلا داخل طقوس جسد النص نفسه دون الحاجة الماسة لانتظامه لسنن خاصة ولا قواعد صارمة ، فالحديقة / الصحراء ، الكتابة منتهى نهائي لكن حين نساءل نصوص عين هاجر تخبرنا أنها منتهى نهائي في اللانهائي ...

في نص " نزيف الشفافية " تخبرنا الساردة :

§ " تدهشني هذه الرؤى والعوالم ، أحتاج التركيز الوفير لأجد لها مخرجا يحميها من الضياع على الورق " {ص58}.

§ " صمتي قراءتي ، صمتي إنصاتي ، صمتي صفحة شفافيتي الناصعة ".

إن نزيف الشفافية جزء منه نزيف لصمت مرآوي لذات تخربش وتخطط رؤاها بحثا عن " عمق مشتهى " لكن ألا تتحول الكتابة الملاذ الآسر لوسيط فعلي تستطيع عبره تخييلات " الرؤى " و" العوالم " أن تعبر كي تتحقق نبوءة هاجر الثانية : " كتابة الصمت ، كتابة البياض ، كتابة الشفافية التي لا حد لنزيفها ، كتابة ما لا ينقال Indicible ، كتابة الأعماق ..كتابة الحكمة " ص 61.

في النهاية ، مآل هذه النصوص ليس بناء جدار حكائي بشخوصه ، بسننه الضابطة ولا بالوصول للاعتراف بها على الورق ، مآلها الاستحمام في " خمرة اللامرئي " اضطرام أكثر في " الشهوة للحياة " ، الإنصات الى " نداء المجهول " ، أن تكتب " بالدم " أن تمتلك " قوة النشيد " .

لكن ، حين نساءل منطق التجريب الممارس كلية في عين هاجر لا نجد أنفسنا أمام { تكسير لخطية السرد ، ولا تعدد الأصوات ، ولا توظيف للبعد الفانطاستيكي ، ولا .. نكون أما رهان ما عبر عنه الناقد حسن المودن ب " استعادة الهوية الأصلية للكتابة " وأبعد من فعل الاستعادة ، ثمة تحقق لهذه الهوية " ككائن " فعلي في مجسمات نصوص هي أقرب للوصايا ، وترياق العزلة هنا في الخصوصية والفرادة معا ..

* " عين هاجر " رجاء الطالبي ، قصص ، منشورات دار الثقافة / ط1 ، 2004. المغرب.

الأربعاء 28 يوليوز 2004

أرشيـف الموقـع

 

 

عبد الحق ميفراني

شاعر وناقد من المغرب، صدر له ديوان شعر "كولاج الشاعر" 2001 منشورات اتحاد كتاب المغرب. يصدر له هذه السنة ديوان "صمت الحواس" .

abmifrani@maktoob.com

جماليـــات

إضــــــاءات

حــوارات

مقـــــــالات

تر جمــات دراســـات نصــوص سرديــة بطاقـة تعريـف   
للاتصـــــــال خدمــــــــات

خــــــاص

مواقع مفضلـة مواقع صديقة مكتبات الموقع كشك الموقـع موارد نصيــة

 

موقـع محمد أسليـــم - تاريخ الإنشاء: 27 ينايـر 2002.