ياسين عدنان

Mannequins وبقايا نساء

 

 

لست وردة

و حين أكون وحيداً بلا نجمة في المساء

أفكر فيكِ

تماما كما قد أفكر

في الشاي و التبغ

و الأسبرين.

لستِ أكثر من طينةٍ

أحكمتْ رفسَها أرجُل الكون

(ماذا تظنين نفسك؟)

لست أكثر من سدرةٍ

نبتت - صُدفة - في الخلاء

لستِ ورده

و لهذا أخاف عليك

من الشعر و الكيمياء

وأخاف عليك من البحر أيضاً

لأنّ البحار تحب الوضوح

وأنت مُلغَّمة كحكاية جده

أخاف عليك من الكحل

والعشق

من اللغة العربية

والأوتوبيس

ومن سُحْب عينيك

آه أخاف عليك

وألعن نفسي

حين أحس بأني

أفكر فيك

وأكره خوفي عليك

كما أكره البيتزا والانتظار

و لكنني

دونما سبب غامض

قد عشقتكِ ذات انتشاء

وها أنذا

أتجرع مازلت

تحت سقيفة نهديك

خمر الهوى

في دنان الشقاء.

(الجزائر)

 

 

 

Sorry

لقد أدركتُ منذ عناقنا الأول أن حبكِ الصحراوي

لن يورثني غير ضربات الشمس .

والآن

وقد اكتشفتُ مُرَّكِ :

جسدكِ الخالي من النباتات

سهوبَ إبطيك - كما لو أن أمواس الحلاقة مفقودة - وفراغَ صدرك،

ها أني أعتذر

كما يليق بجنتلمان :

Sorry

لن أنغرس فيكِ،

لستُ نخلة.

(الجزائر)

 

 

 

وعيد

تزعمين أنّيَ الخاسرُ وأنك ستفضحين تاريخي الوسخ

وستقولين إني ابن كلب

جرّبي وسترين:

لأُدرِّسَنّ جغرافيتك الثّرة

للناشفين من مراهقي الحي،

ولأربطن سوتيانك المنقط

إلى قصبة

أعلقها على شرفتي

وأرهنها بمزاج الريح.

(الجزائر)

 

 

 

مرج الشبق

أنا لا أفهم ارتطامَ خواركِ اللاهبِ

بأنفاسي

ولا تمرغك الوحشيَّ

في حوض فتوتي،

أنا لازلت غضاً

وطريّا لمّا أزل،

فارفعي شفتيك الغليظتين

عن حشائش صدري

... ... ... ... ... ... ... ...

دعيني أنمو في هدوء.

(الجزائر)

 

 

 

المومس العذراء

تُرى

كيف حافظتِ

على الغشاء الشفيف

لفاكهتك اللّّزجة؟

كيف صُنته طوال هذي الأسرَّة

رغم أن الماء المجازي

صنو الحشمة

لم يضرج وجنتيك منذ أمدٍ؟

والذين جرّبوك

أجمعوا على أنّ التمدد

وسط مقلاة محمّاةٍ

أهون بكثير من الارتماء في أحضانك

وأضافوا بملامحهم و أيديهم

حركات أخرى بذيئة

لا يستطيع الشعر تأويلها

أبعدُهُم عن الإطناب

لخَّص الحكاية كلها في أنكِ

" ذئبة في حجرها نار"

أما أنا، فموقفي واضح

ولقد سُقته في نص سابق.

كل ما يشغل بالي الآن

هو كيف سقط قلبي فُجاءَةً

في فرْن أنوثتك

وأنا أقطع شارع الحياة

ذا المصابيح المكسورة

بحجارةِ الأطفال؟

(عنابة)

 

 

 

أضغاث

لو صار لي لبنيت في هذا الركن

غرفة نوم تركية

وفرشتني سريراً لكِ

لو صار لي

لحفرتُها- الغرفةَ - في القلب

سردابا ببوابةٍ حديدٍ

وحبستُ إطلالتك

خلفها

إلى الأزل

(وهران)

 

 

 

مراودة

ما ضرَّكِ لو هممتِ بي ستُلفينني طيِّعاً

ووديعاً

وسأقُدّ قمصان روحي

بين يديك

أنا الفتى الوسيم

السّلس

(الحنونُ إذا شئتِ)

أذعن كلما هيت لي

ولا أمانع إلا أبداً.

(الصويرة)

 

 

 

سحب بيضاء

لِمَ لا تشاطرينني بيتيَ الأخضر

في حي الحقول :

القمرُ كشك تبغ

والنجوم فوَّاماتُ

لفافاتٍ تدخنها الملائكة

بلا مبالاة.

الزيتونة اليتيمة

حافظةُ مواعيدَ

والبئرُ التي شرقاً

ثلاجتي السرية

حيث أحفظ اللحم طرياً

والأحاسيس.

زوريني هناك - على الأقل -

ولا تهتمي

وأنتِ تعبرين المراعي الكتيمة

بالخرفان

فهي محض سحب بيضاء.

(مراكش)

 

 

 

أحلام صغيرة

أحلم بامرأة جميلةٍ بحسابٍ أحبها وتحبني

وأعلق أنفاسها الخضراء

في رئتيَّ تميمةً

أحلم بزوجة تقرأ الجرائد

تفهم أنّ للشراكة معنى آخر

غير السرير

وتُفحمني بطفلين وسيمين

أحلم بشقة من ثلاث غرف فقط

(ولو في الطابق السابع)

واحدة للنوم

ولإخفاء خزانة الكتب

وأخرى للجلسات الدافئة

أمام تلفاز قارسٍ

والثالثة للضيوف من مختلف الثرثرات.

أحلم بشقة من ثلاث غرفٍ

ولا أفكر في السيارة.

(مراكش)

 

 

 

وردة البيداغوجيا

أحلم بتلميذات أكثر أناقة وجمالا

وتلاميذ

أقل سماجة ولؤماً

ليس من أجل راحتي

(وإلا فإني أناني)

ولكن لكي تتفتح

وردة البيداغوجيا

جنوب

السبورة.

(ورزازات)

 

 

 

بسمتك الموسيقى

بسْمتُكِ الموسيقى ولهذا أنا مقتنع تماماً بشفتيكِ

عيناكِ هدوءُ الحديقة زوالاً

وأحفظ لسحرهما صنيعاً

أنْ بدأتُ أنام مبتسما كطفل.

نهداك الريحُ فجأةً

ثم إني مُروِّضهما:

تكرر في أحلامي ركضهما

كمهرين

وأنا ألسع الهواء خلفهما

بلهاثي.

إنني مقتنع بكِ

وطرقاتك بالذات تفحمني

غير أني لم أفهم بعد

كيف لم تُخطئي السابعة قط؟

... ... ... ... ... ... ... ...

حاولي التأخر ولو لمرة واحدة

كي أجرب التفكير

في الانتحار؟

(مراكش)

 

 

 

أحب أسرارها

ما أحوجها إلى الحذاء ذي الكعبين

والرُّوجِ الشديد

الذي يُردِي الشفتين

عاصفة نارية.

ما أحوجها إلى الوردة،

إلى اللهب الذي يصقل الأحشاء.

ذاك أنها تضع أنوثتها

في تميمةٍ

تسرّها بين النهدين.

وبلا رائحة تذكر،

تخرج إلى خُطاها المضبوطة

كبندول ساعةٍ أنجلوسكسونيةٍ.

هي هكذا،

بلا رائحة تخرج

معقوفةً كعكازة الأعمى

مائلة كشجرة موز عجوز.

ثم إنها لم تفهم بعد أني

أحب أسرارها

ولا أريدها لنفسي

لم تفهم بعد أنّ صباحها

ليس كصباح عائشة

وأن مصيرها منذور

لأشياء غامضة

لن يُخمِّنها عصفور

فوق شجرة.

(مراكش)

 

 

 

الغرفة العمياء

الأرض تدور على رسْلِها والمرأة ذات الملامح النفيسة

تتجرع بالويسكي

حبات الأوراسيلين.

الأرض تدور...

المرأة تشرب الويسكي

ولا تعرف أين اختفت

قطتها العمياء.

الأرض تدور بلا هوادة

والقطة المحبوسة في

محجر الظلمة

تجرُّ حليبَ الضوء

من ساقِ طراوته

فتجافيها

روائح البياض.

الأرض تدور على عواهنها

والمرأة ذات الملامح الصيفية

علقت أحلامها الفاترة

على مشجب الشتاء الناعس.

الأرض تدور الهوينى،

القطة تداعب

السيقان الخفيفة الظل

لكرسي المكتب،

والمرأة بذات الملامح

تحدق في مصباح الغرفة البارد.

المرأة

ذات العينين المطفأتين

تحدق فترى كل شيء.

(آسفي)

 

 

 

سهر الحواس

... الثالثة أرقاً،

ومازال ضارباً في صحراء روحه

بعيداً عن واحة النوم و النسيان.

كيف ينساها؟

كيف ينسى مرايا فتنتها :

الغربان التي كانت تحلق

في شعرها،

خطاها الشفيفة

إذ تتوغل في سريرة المطبخ،

تعلقها الناعم بمقلاتها الحمراء،

انغراسها الرّنان بين أضلاعه

حين تحرن الموسيقى

والكهرباء،

قبلها الحارة كأصابع الفلفل،

الصدى الوثير

الذي يحدثه حفيفُ إقبالها

بشراشف قيلولته،

سهر حواسه في بستان أنوثتها

والأعضاء نيام؟

كان يذكر كل شيء:

أشجانها

ومناديلها،

أجراس ضحكتها

ونظرتها ذات التلابيب.

(مراكش)

 

 

 

معطف القلب

كلما شعرتُ بالبرد يعرِّش في مفاصلي

كلما تفتحتْ في مسامي

نُدَفه البيضاء،

اكتشفتُ أنّ طيفكِ

فزَّ

خارج القلب.

وحين أذكرك،

أحس كما لو

أرتدي

معطفاً مخلصاً من الفرو.

... ... ... ... ... ...

يا لذكراكِ الدافئة !

(الرباط)

 

 

 

بلا أسرار

في البار ،

كانت تثرثر كثيراً

كأنَّ أحلامها ماتزال خضراء.

تدخن بنهم مَن لن يُعمِّر طويلاً

و ترسم بأصابع دخانها

الأعمار. النوايا. وصفيرَ قطاراتِ السبت.

كانت

تضحك بلا هوادةٍ

ومن بين نهديها

يسيل عسل القهقهات .

(وهي تضحك،

قلما كانت عيناها تبتسمان)

في العناق،

كانت

تئنُّ

عميقاً

تماماً كمُراهقةٍ في السرير الأول

وكانت تنام بلا أسرار.

(آسفي )

 

 

 

هدية عيد الميلاد

عيد ميلادك قريب ولكم احترت في أمر الهدية.

هل أهديك

تنورة قصيرة

تشي بما فوق ركبتيك من قشدةٍ

كلما احتضنتك بجانبي

مقعد تحت جنح السينما؟

أم أهديك نظارة سوداء

تُداري

بقايا الزرقة حول عينك اليسرى

تلك التي كلما أبصرتُها

عاودني الإحساس بالذنب؟

أم زجاجة عطرٍ

فصيحة الرائحة

تُذكرك بي

كلما أطرى بارفانُكِ

مُتحذلق لئيم؟

صدقيني جميلتي

لقد فكرت ملياً،

وبما أن اليد قصيرة

واللسان طويل

سأهديك قصيدة.

(مراكش)

 

 

 

 

 

 

Mannequins

الفتاة التي ثقّبَتْ أسهُم الوقت

فستانها الوحيد

فبدت

بدون فستانٍ

الفتاة التي

نسيت ما تبقى من العمر

في غرفة

لا تكاد تذَّكَّرُ عنوانها

الفتاة التي

سقطت من كُناش أنوثتها

ورقة

في الطريق العام

فاغتصبها

عقب سيجارة مكبوت.

الفتاة التي

ضبطت ثبّانها

عارياً

في غرفة رجل غريب

فأحرقته

(التبانَ أقصدُ)

الفتاة التي

اكتشفت

بعد سبعة وعشرين سريراً

أنها ذكر

الفتاة التي

تنام على التاسعة وعشرين دقيقة

أو على الواحدة بعد منتصف الحلم

وقد لا تنام

(حسب الـ conditions)

الفتاة التي

تنتقي بدقة عصماء

العشيق المناسب

للون تنورتها

الفتاة التي

ترتدي مع كل Bon soir

بسمة لائقة

الفتاة التي

- مجردة من القوافي-

تجلس إلى كُنتوارِ اللغة

ولا أعني سليمى رحّال

رغم ما قد يتبادرُ

الفتاة التي

رمى بها حظّها التعس

إلى برج العذراء

فضاجعت الأسد

انتقاماً لفائض الشبق

الفتاة المأكولة الصدر

والثديين

والبطن،

تلك التي التهَمَت أحشاؤها

رجلاً

في روايةٍ للطاهر وطار

الفتاة التي

توقع الخواطر المطمئنة

والقبلات الفاترة

تلك التي تزوج سعد سرحان

غيرها

الفتاة التي

اسم والدها

السي المختار الحمري

الفتاة الجميلة

لولا

ثقبان في أنفها

الفتاة التي

كانت تسكن ب :

< رياض العروس درب الحلفاوي رقم الدار 13>

قبل أن تسكن إلى نفسها

الفتاة التي

تَطلِعُ

على الغرائز

والأفئده

الفتاة التي

لن يصيبها

إلا ما كتب الله لها

أيّهُنَّ

تصلح مسودًّة

لعارضة القصيدة؟

( مراكش)


اللوحة:

Diego VELASQUEZ, La Vénus au miroir

 

موارد نصيـة

ياسين عدنان

Mannequins

(شعر)

المحتــوى

Mannequins وبقايا نساء

لست وردة

Sorry

وعيـد

مرج الشبـق

المومس العذراء

أضغـاث

مـراودة

سحب بيضـاء

أحـلام صغيـرة

وردة البيداغوجيـا

بسمتك الموسيقـى

أحب أسـرارها

الغرفة العمياء

سهـر الحواس

معطف القلـب

بلا أسـرار

هدية عيد الميـلاد

Mannequins

دبابيس وحروب صغيرة

 

جماليـــات

إضـــــــاءات

حــوارات

مقـــــــالات

تر جمــات دراســـات نصــوص سرديــة بطاقـة تعريـف   
للاتصـــــــال خدمــــــــات

خــــــاص

مواقع مفضلـة مواقع صديقة مكتبات الموقع كشك الموقـع موارد نصيــة

موقـع محمد أسليـــم - تاريخ الإنشاء: 27 ينايـر 2002.