محمد أسليـم

IV. مكـونات السحـر العربي الإسلامي

 

نميز داخل السحر الممارس في المجتمعات الإسلامية، بحسب جنس الساحر والتهييء الذي يجتازه وأنواع التدخلات التي ينجزها، بين نوعين: أحدهما عالم، تخضع فيه عملية التعلم لإرادة الشخص الذي يرشح نفسه للحصول على هذا الوضع الاعتباري، وتتم المسارة إما تحت إشراف شيخ (أستاذ) أو عن طريق التعلم الذاتي، بالاطلاع على المصنفات السحرية وتطبيق ما تتضمنه من وصفات، وهذا النوع من السحر حكر على الذكور، ويشغل في تدخلاته . أما النوع الثاني، فشعبي، يمارسه الرجال والنساء على السواء. ويختلف عن سابقه أساسا في عدم استخدام الكتب، وفي كون المسارة تأخذ غالبا شكل تفاوض مع الأرواح على إثر مرض ابتدائي هو في الحقيقة انتقاء، من عالم الماوراء، للشخص الذي سيصير ساحرا.

يقدم السحر العربي الإسلامي نفسه باعتباره نشاطا ذا علاقة وطيدة بالدين. وتتأتى ملاحظة هذا الأمر في ثلاثة مستويات على الأقل: شروط تعلم السحر، حقول تدخله، ثم تداخله مع مجالات علمية مثل علم النبات الإثنولوجي (l’ethnobotanique)، علم الحيوانات الإثنولوجي (l'ethnozoologie)، والتاريخ الطبيعي (l’histoire naturelle).

غالبا ما تخصص مُصنفات السحر العربي الإسلامي فصولا لتعلم السحر وشروط نجاح العمل السحري. بحسب تلك الكتب، يمكن لأي شخص أن يصير ساحرا. والتعلم يتم بحسب إحدى طريقين: تلقي تكوين على يد شيخ عن طريق التقليد الشفهي؛ أو التكوين الذاتي عن طريق المصنفات السحرية.

ولكي تكون الطقوس فعالة، يجب على المتعلم أن يخضع لشروط عديدة يمكن التمييز فيها بين أربعة أنواع: شروط نفسية؛ شروط أخلاقية ودينية؛ شروط زمانية-مكانية؛ ثم شروط تقنية.

1. شروط مزاولة السحـر

يدور الصنف الأول من هذه الشروط حول التهييء الذهني والنفسي لإنجاز الطقوس. من بين مكونات هذا الاستعداد، يمكن ذكر: الإيمان بنجاح العمل، الاكتفاء في الأكل بما هو ضروري مع الإحجام عن تناول اللحوم.

أما النوع الثاني من الشروط، فيدور حول إقامة شعائر دينية، من بينها يمكن ذكر: الزهد، عدم إيذاء الغير، إسداء النصائح الجيدة للناس، تسخير العمل لأهداف مثالية روحية وليس لأهداف حسية، الصلاة على الرسول قبل وبعده، والاستخارة (نوع من استشارة الله، عن طريق الصلوات) حول عاقبة العمل المراد القيام به.

أما الشروط الزمانية والمكانية، فتتمثل في الخلوة في مكان منزو أثناء إنجاز الطقوس، والحرص على نظافة البدن والثياب والمكان، ثم التوجه إلى القبلة، ومراعاة الامتزاجات الفلكية.

أخيرا، تتمثل الشروط التقنية في ضرورة تحكم الساحر في قواعد الكتابة، وحفظ العزيمة، وإطلاق البخور المناسبة لكل عمل، ودعوة الجن، أي صرف عمار المكان قبل الشروع في العمل ليتأتى للأرواح المكلفة بإنجاح العمل أن تحضر، والعكس بالعكس[1].

تفسح مختلف هذه الشروط المجالَ للتفكير في أن التركيز تام على الجانب الديني والأخلاقي. هل سيكون الأمر كذلك بخصوص مجالات تدخل السحر؟

2. السحر الدفاعي والسحر الهجومـي

عرف السحر تصنيفات عديدة، من منظورات متخلفة. وهكذا، فمن حيث استخدامه - أو عدم استخدامه - للطقوس، تم التمييز بين:

- سحر مباشر، شعائري، يؤثر في الأرواح (فضلا عن الإنسان)، بواسطة طقوس، وسحر غير مباشر، أو طبيعي، يؤثر في الطبيعة عبر تقنية من نوع خاص، غالبا ما يرتكز على قانوني التشابه (السحر المحاكاتي) والاتصال (السحر المعدي)؛

ومن جانب تمحوره على الذات أو الغير، تم التمييز بين:

- سحر وقائي (بالخصوص عبر السحور والطلاسم)، وسحر فاعل (عبر شعيرة مقولبة)؛

ومن زاوية غاياته، تم تصنيفه إلى:

- سحر أبيض (أو سحر اليد اليمنى) يتدخل في المجالات الخيرة، وسحر أسود (أو سحر اليد اليمنى)، يتدخل في المجالات الشريرة؛

ومن زاوية وظائفه تم تقسيم هذه الأخيرة إلى:

- وظائف كامنة ذات طبيعة بيونفسية تتمثل في التخلص من القلق، وتجاوز الصعاب التي يكون النجاح فيها غير مؤكد (مالينوفسكي) أو اجتماعية، تتمثل في ظهور السحر حيثما تتربص بأفعال الإنسان بتقبلات الأحداث أو إرادة الآخرين وحريتهم (رادكليف براون)؛

- وظائف ظاهرة تم التمييز داخلها بين سحر هجومي موجه إلى إلحاق المرض، الجنون أو الموت، بالخصم، وسحر وقائي موجه إلى تحصين الجسد أو الدفاع عن ملكيته بواسطة سحور وطلاسم وفيتيشات؛ سحر الحب وسحر الحرب؛ سحر عرافي وسحر قرباني (من أجل ختم) ميثاق مع الشيطان[2].

ومن زاوية الوظائف الظاهرة هذه نود تصنيف مجالات تدخل السحر العربي الإسلامي.

تطول لائحة القضايا التي يقترح هذا السحر التدخل فيها بحيث يتعذر عرضها هنا. فهي تغطي سائر جوانب الفرد وانشغالاته. ولتكوين فكرة تقريبية، اخترنا مَتْنا يتألف من مصنفات سحرية قديمة وأخرى حديثة في آن واحد[3]. وقد راعينا في اختيار هذه المؤلفات، معيار كثرة الرجوع إليها من قبل «الفقهاء» المغاربة اليوم، واستثنينا المخطوطات القابعة في الخزانات، لأنها ليست في متناول السحرة الحاليين ولو أنهم يرون، هم وزبائنهم على السواء، أن وصفات السحر الأكثر فعالية هي تلك التي تؤخذ من مخطوطات لا يسهل الحصول عليها. في هذا الإطار، لم يتردد البعض في تقديم عرض لاقتناء مخطوط سحري، يقع في 360 صفحة، بمبلغ 360000 درهما، أي بقيمة 1000 درهم للصفحة الواحدة![4].

يتيح فحص مختلف حقول تدخل السحر العربي الإسلامي تصنيفها في محورين: محور دفاعي وآخر هجومي (أو عدواني). الأول يشتمل على طقوس مثل تلك التي تدور حول القضاء على معتدٍ، التفريق بين العاشقين الزانيين، أو تيسير عسر الولادة؛ أي طقوس للوقاية أو لإشباع الحاجيات المادية أو الأخلاقية دون «إيذاء» الغير. أما المحور الثاني، فيشتمل على طقوس موضوعها بالضبط هو «إيذاء» الغير لجعله يتصرف ضد إرادته. من هذه الطقوس يمكن أن نذكر، مثلا، التفريق بين الرجل وزوجته، تطويل دم حيض المرأة إلى ما لا نهاية. وفيما يلي عرض لنتائج الإحصاء الذي أنجزناه انطلاقا من المتن المذكور[5]:

محـــاور هجـومية

إجــراءات دفاعيـة

محـــــاور دفـاعيـة

محاور دفاعيــة

إجراءات طقوسيـة

أهداف الطقـوس

مصنفات السحـر

52 51 11 20 103 31 مجموعة ابن سينا
77 133 30 74 210 104 الأوفـاق
110 136 18 22 146 40 منبع أصول الحكمة
139 65 23 18 204 41 شمـوس الأنـوار
54 159 19 118 213 137 مجربات الديربي
79 32 26 64 111 90 الجواهر اللماعـة
67 41 17 14 105 31 سحـر الكهـان
21 67 12 22 88 34 السحـر الأحمـر
94 26 23 17 120 40 النـور الربانـي
52 72 12 43 124 55 إغاثة المظلـوم
745 782 191 191 1527 603 المجمــوع

من خلال الجدول الحالي يتضح أن الطبيعة المهيمنة على السحر العربي الإسلامي هي طبيعة دفاعية. فمن أصل 603 مجالا للتدخل التي تتضمنها المصنفات العشرة، يبلغ عدد الحقول الدفاعية 412 حقلا (أي يحتل نسبة 32,68%) فيما لا يتجاوز عدد الميادين الهجومية 192 مجالا (أي يحتل نسبة 67,31%). وتجد هذه الطبيعة تفسيرها جزئيا في التمثل الذي يقيمه السحر العربي الإسلامي للكون، والذي سبق لنا أن تناولناه في سياق آخر[6]. فالإنسان في هذا التمثل مجرد من كل قدرة، مأخوذ وسط شبكة من القوى (كواكب، ملائكة، كائنات غير مرئية) الغريبة عنه والتي تحدد مصيره. ويقترح السحر نفسه لتدجين هذه القوى وجعلها نافعة للإنسان بصرف الشرير منها والاستفادة من الخير منها، أو إلى منح وجود الإنسان معنى في التاريخ والطبيعة، على غرار ما ستفعله - إلى حد ما - البنيوية والخفي في أوروبا الستينيات باعتبارهما «موجتين ثقافيتين»، على حد تعبير ميرسيا إلياد، نشأتا بمثابة رد فعل على الوجودية التي كانت اختزلت الوجود الإنساني إلى عبث في أواخر الخمسينيات، حيث «من الفلسفة ومن الإيديولوجيا إلى الأدب، الفن والسينما والصحافة، كان الوسط الثقافي محكوما بقليل من الأفكار والعديد من الكليشيهات: عبثية الوجود البشري، الالتزام، الموقف، اللحظة التاريخية، الخ.»[7].

ولكن، إذا كان الأمر على هذا النحو فيما يتعلق بالعلاقة بين النظرية الكوزمولوجية للسحر العربي الإسلامي والطبيعة العامة لطقوس هذا السحر، فهل سيكون الأمر على المنوال نفسه فيما يخص العلاقة طقوس -مجتمع؟ بالنظر إلى أن الدور الأساسي للسحر العربي الإسلامي دورٌ دفاعي، كيف يُضمَنُ هذا الدور داخل المجتمع؟ من يدافع ضدَّ من؟ أين نموضع مواقف الفقهاء المسلمين الحذرين من السحر؟ كذلك أين نموضع الطقوس الهجومية؟ تقتضي الإجابة عن هذه الأسئلة دراسة حقلين - لا نزعم القيام بها في هذا السياق - هما: النظرية الاجتماعية، والنظرية الدينية الكامنتين في السحر العربي الإسلامي.

قبل عرض مكونات هذا السحر، قد يكون من المفيد إبداء بعض الملاحظات:

- للسحر العربي الإسلامي طبيعة مؤسساتية. في الواقع، من الصعب جدا اختزال هذا السحر إلى الثلاثي الساحر-المريض (أو الضحية)-الجمهور (أو المجموعة الاجتماعية) كما هو الأمر في العديد من المجتمعات، على نحو ما بين ذلك ليفي ستروس[8]. فشساعة عينات البخور، والمعادن، والنباتات، وأعضاء الحيوانات المستعملة في الطقوس، تُولِّدُ شبكة من المستفيدين أهمهم منتجو البخور والمعادن (في المناطق المنتجة)، والذين ينقلونها إلى الساحر أو الزبائن. لا نتوفر على معلومات حول الوضعية في الماضي، إلا أن الأشياء في الوقت الراهن تمنح نفسها للمعاينة. هكذا، ففي حالة المغرب، يُعتبر العطارُ (أو بائع الأعشاب والعقاقير) الشخصَ المتخصصَ بالدرجة الأولى في مواد الطقوس السحرية، بل غالبا ما يكون أيضا ساحرا ومطببا في آن واحد[9]. إنه رجل يزاول مهنته عموميا بصفته تاجرا. يستورد بضاعته مباشرة من المناطق الجنوبية أو عبر تجار وسطاء مستقرين في مراكش أو أكادير اللتين يقال إنهما عاصمين للأعشاب والبخور. يمكن تمثيل التبادل الذي يتم بين المناطق المنتجة والزبائن على النحو التالي:

1 - رواج الأعشاب، البخور والعقاقير:

المناطق المنتجة ¬ العشاب ¬ الساحر ¬ زبائن الساحر

2 - رواج المـال:

زبائن الساحر ¬ الساحر ¬ العشاب ¬ المناطق المنتجة

- السحر العربي الإسلامي يعرضُ نفسه باعتباره شبكة من «العلوم»: إذ يظهر من تنوع الطقوس السحرية أن هذه «العلوم» قابلة للمقارنة بالعالم على نحو ما يتمثله هذا السحر. فكما ما من عنصر من عناصر الكون إلا ويرتبط بباقي العناصر، داخل شبكة من التناسبات، كذلك ما من «علم» من العلوم السحرية إلا ويرتبط بباقي «العلوم» الخفية. يرى السيوطي أن القرآن يشتمل على 450.77 علما من بينها توجد جميع العلوم الخفية[10]. كما أن عددا كبيرا من الوصفات ينحدر من مجالات مثل التاريخ الطبيعي، الطب، والزراعة[11].

- تصنيف الطقوس: بالنظر إلى تنوع الإجراءات الطقوسية للسحر العربي الإسلامي، على نحو ما رأينا في الجدول المثبت أعلاه، من الضروري إقامة نوع من التصنيف. لقد واجهت نادية بلحاج هذا المشكل، في كتابها التطبيب والسحر في المغرب[12]، فتبنت تصنيف ابن خلدون الذي يختزل السحر إلى فرعين، هما الطلسمات وسحر الحروف، ولكن ابن خلدون كان قليل الاهتمام بالمبادئ التي تحكم السحر. التصنيف الأكثر وجاهة، في نظرنا، هو ذلك الذي أقامه إدموند دوتيه، لأنه يغطي مجموع مكونات السحر العربي الإسلامي الذي ينتمي، في نظر المؤلف، إلى صنفين: الدعوات أو الطقوس الشفهية، ثم الطلاسم أو الطقوس المصوَّرة. وهذه المكونات - حسب دوتيه دائما - هي: سحر الحروف، سحر الأعداد، الأوفاق (أو الجداول السحرية)، سحر الأسماء، السحر القرآني، وسحر الدعوات[13]. وتجنبا للإطالة، من جهة، وحرصا منا على الوقوف على الجانب الذي يتبدى فيه تسخير السحر لمكونات دينية بشكل جلي، من جهة أخرى، فإننا اخترنا عدم التطرق لسحري الأعداد والأوفاق، وبالتالي الاقتصار على سحر الحروف، والسحر القرآني، وسحر الدعوات:

3. سحـر الحـروف

للحروف طبيعة قدسية بمعنى أنها رموز لله. في هذا الصدد، يقول الأمير عبد القادر:

«من بين الرموز التي يقترحها [الله] بأفعاله، هناك خلق الحروف الأبجدية: رسومها تغطي، في الواقع، أسرارا لا يمكن أن يحيط بها إلا من حباه الله بالعلم والحكمة. من بين جميع هذه الحروف يوجد لام ألف الذي يخفي تعليما، وإشارات دقيقة، أسرارا وألغازا لا تعد ولا تحصى»[14].

ولعل هذا الاعتقاد لا يخلو من صلة مع الفكر القبالي، إذ «في القبالة، اعتبرت أصوات حروف الأبجدية وأشكالها مكونات فعلية للواقع، وهو اعتقاد ترسخ بحيث بات بالوسع القول بأن القبالي المتمكن مستطيع - من خلال النطق نطقا صائبا بالأسماء (أسماء الملائكة والشياطين) وباسم الإله ذاته - أن يحوز لنفسه قدراتها وقدرات الإله»[15].

بما أن الحروف تشكل عالما غير مرئي، هو ضعفٌ للعالم المرئي، فضلا عن كونه يتحكم فيه، فإن معرفتها تغدو ضرورية لفهم الطريقة التي تؤثر بها في العالم المرئي انطلاقا من العلاقات التي تقيمها مع سائر عناصر الكون. ومعرفة الحرف تتيح استخدامه في السحر والتنبؤ بالغيب. يقول ابن عربي في هذا الصدد:

«الحروف أمة من الأمم مكلفون. فمنهم الرسل، وهم (ادرو)، ومنهم العلماء الراسخون (ذز)، وفيهم (م ن ك)، والصالحون وهم (ب س ط)، والأغنياء (ح ص ل ه)، والفقراء (ىت ق)، والأشقياء (ث ش)، وعوام الأمة ما عدا ذلك (...) إذا هملت هذا فاعرف أن الرسل والعلماء والصالحين وما خرج من أدوارها عند النطق بالجواب لا يخطئ أبدا»[16].

وبما أن اسم كل فرد يتشكل من مجموعة من الحروف، فإن هذا الفرد يدخل في شبكة من التطابقات أو التناسبات مع عناصر الكون، ومن ثمة ضرورة معرفة علم الحروف لاستكشاف المصائر السيئة واستبدالها بالمصائر الحسنة.

يُشَيِّدُ سحر الحروف مشروعيته على أساس مزدوج، هو الأسطورة والقرآن. فيما يلي أسطورة تحكي أصل هذا السحر:

«لما خلق [الله تعالى] آدم، علمه سبعين ألف باب من العلم وعلمه ألف حرف... وبث فيه سرا لم يبته في الملائكة. فبسبب ذلك جرت الأحرف على لسان آدم بفنون الجريان وفنون اللغات، فتكلم آدم بسبعمائة لغة أفضلها العربية، وله في علم الحروف كتابان هما كتاب السر المستقيم وكتاب سر الخفايا. ومن هذين الكتابين تفرعت سائر العلوم الحرفية والأسرار العددية بين الناس أمة بعد أمة إلى زماننا هذا... وورث بعده علم الحروف إدريس عليه السلام، وهو نبي مرسل وأنزل الله عليه ثلاثين صحيفة وولد بمصر واسمه باليونانية (رميس) وعرب، فقيل هرمس وبالعبرانية اسمه أحنوح... إليه انتهت الرياسة في العلوم الحرفية والأسرار العددية وله كتاب كنز الأسرار وذخائر الأبرار»[17].

في القرآن، تستهل العديد من السور بحروف مجهولة المعنى، مثل ألص (الأعراف، 1)، وألمر (الرعد، 1)، حم (غافر، 1)، ونون (القلم، 1)، الخ. وقد أطلق الفقهاء المسلمون على هذه الحروف والتعابير اسم «الحروف المتقاطعة»، كما قدموا لها عدة تفسيرات، من بينها قد تكون هذه الحروف مستودعا للأسرار، الأمر الذي فتح المجال لمحاولات عديدة لفك لغزها، من قبل المتصوفة بالخصوص. وحديثا أعاد المحاولة عالمٌ مسلم مقيم في نيويورك. إذ أجرى إحصائيات، بالحاسوب، لمختلف حروف القرآن المسماة «سرية»، ثم أجرى عددا من العمليات، فاستنتج أن القرآن رسالة إلهية، وأن نهاية العالم ستكون عام 2375م[18]. وأحدث من ذلك، نشرت يومية مغربية مقالا في الموضوع نفسه تحت عنوان: «الحروف المتقاطعة في القرآن»، رسم فيه صاحبه بانوراما للآراء حول الموضوع دون أن يقصي الطبيعة العرافية لهذه الحروف[19].

وقد استخدمت الحروف طقوسيا في العرافة والسحر، على حد سواء، بيد أن الاستعمال الثاني هو ما يهمنا هنا. يتم استخدام الحروف في السحر بإحدى ثلاث طرق: استعمال الخواص السحرية لحرف واحد؛ اللجوء إلى عمليات تسمى «علوما»؛ وأخيرا اللجوء إلى التناسبات بين الحروف ومختلف مكونات السحر العربي الإسلامي.

ينفرد كل حرف بخواص يستمدها من تناسباته مع عناصر الكون وأسماء الله الحسنى التي تستهل به. هكذا، فالحرف (ج)، في نظر البوني، هو رطبٌ ويابس في آن واحد؛ له طبيعة نارية، ومحطته القمرية الإكليل (مجموعة كواكب تقع في القطب الجنوبي، وتحمل اسم الإكليل لشبهها به)، وله من الأرواح تلك التي تختص بالأعمال الشريرة. وبذلك، يؤكد أن الاستخدام السحري لهذا الحرف يجب أن يتم في جميع المجالات الأرضية. ومن بين الوصفات التي يذكرها:

الوصفة 5: [لقهر الوحوش والإنـس والجان]:

«من كتب ثمانية عشرة قافا هكذا:

ق ق ق ق ق ق

ق ق ق ق ق ق

ق ق ق ق ق ق

وكتب حولها أسماء الله تعالى: قادر قوي قائم قدير قهار إحدى وعشرين مرة على لوح حديد، وحمله على عضده قوي على حمل الأثقال وهابته الوحوش والإنس والجان ولا يقدر أحد من الجن والإنس الطيارة والغواصة وغيرهم أن يؤذوه بشيء أبدا فاعرف قدره»[20].

سنعود إلى أسماء الله الحسنى لدى تطرقنا لسحر الأسماء. يمكن ملاحظة أن حرف القاف الذي يشكل أساس هذه الوصفة هو عنوان سورة قرآنية تستهل بالحرف نفسه. بالطريقة نفسها، جميع أسماء الله الحسنى التي يجب أن تحيط بالقاف، مكتوبا بالطريقة المشار إليها، يجب أن تستهل بالحرف نفسه، ويكون لها بمثابة حقل دلالي مشترك الغاية التي يستهدفها الطقس، وهي القوة والقدرة.

ثمة إجراءات أخرى منهجية تنعت بـ «علوم» وتسمى على التوالي: «الاستنطاق»، «البسط»، و«الطريقة الروحية»، وتدور حول إنجاز عمليات وطقوس شديدة التعقيد انطلاقا من الحروف.

في لحظة أولى، يفكك الساحر اسم المستفيد من الطقس واسم الضحية، ثم يمزجهما، بطريقة تقدمية إذا كان موضوع الطقس خيرا (الحب مثلا) وبطريقة تراجعية إذا كان موضوع الطقس شريرا (التفرقة بين شخصين، مثلا)[21]. وعبر إجراء عملية طويلة ومعقدة، لا يتسع المجال لإيرادها هنا، يتمكن الساحر من استخلاص جملة تذكر موضوع الطقس (فلانٌ سيحب فلانة، مثلا).

وفي لحظة ثانية، يستخرج السَّاحر أسماء الموكلين، أو الأرواح التي ستتكفل بضمان نجاح العمل. ويتم ذلك بإجراء عمليات تتيح انتقاء عدد من الحروف، ممزوجة مسبقا، وتفضي إلى التعرف على أسماء هذه الأرواح التي تنتمي إلى العالم العلوي إذا كان موضوع الطقس خيرا، وإلى العالم السفلي إذا كان موضوع العمل شريرا. عدد هذه الأرواح أربعة، وتحمل كلها اللاحقة «اييل» التي تعني «إله» بالإغريقية[22]. هكذا، إذا كان موضوع الطقس جعل زيد يحب هندا، فإن الأرواح التي ستكلف بتحقيق هذا الهدف ستكون: زيداييل، هنداييل، يباييل، وحدزاييل. بعد ذلك، تأتي مرحلة التعرف على الروح الحاكم، من بين هؤلاء الأربعة، وتتضمن مجموعة من العمليات. فبالنسبة للمثال السابق، يتم الاستخراج على النحو التالي:

أولا، استخراج مجموع القيم العددية للجملة «زيد يحب هندا»، وهي هنا 100. ثم تعويض هذا المجموع بالحرف الذي يناسبه، وهو هنا «القاف». بعد ذلك، تضاف لاحقة تبعا لموضوع الطقس؛ اللاحقة «اييل» بالنسبة للأعمال الخيرة، واللاحقة «طيش» بالنسبة للأعمال الشريرة. هكذا، فالروح الحاكم، في المثال الحالي، هو قازيل، إذا كان الطقس يرمي إلى جعل زيد يحب هندا، وقاطيش إذا كان يهدف إلى زرع التفرقة بين الاثنين. أخيرا، يجب اختيار أحد أسماء الله الحسنى يبدأ بحرف القاف، مثل «قهار» أو قادر»، مثلا.

بعد ذلك تأتي مرحلة موالية تدور حول صياغة الدعوة التي ستصلح لكتابة الحرز واستدعاء الأرواح. يجب على الصيغة أن تحتوي على أفعال أمر موجهة إلى الأرواح. من بين الصيغ الممكنة الخاصة بالمثال السابق، يمكن اختيار:

«أجب يا زيد إييل وأنت يا عمر إييل ييائيل وأنت يا حد زاييل بحق أسماء الله تعالى العظام زكي مؤمن شكور أجيبوا أيها الأرواح وتوكلوا بتعطيف قلب زيد على عمرو حتى يحبه حبا زائد لا يستطيع مفارقته طرفة عين ولا أقل من ذلك أجيبوا وافعلوا ما أمرتكم به بحق الملك الغالب أمره عليكم زمشائيل»[23].

أخيرا، تأتي المرحلة النهائية، وهي مرحلة إنجاز الطقس، وتتم في ثلاث لحظات: كتابة الحرز، قراءة الصيغة عدد من المرات تحدَّد انطلاقا من عمليات خاصة، ثم وضع الحجاب في مكان يناسب الطبيعة المهيمنة للحروف المستعملة. إذا كانت نارية وجب إحراق الحجاب، وإن كانت ترابية وجب دفنه، وإذا كانت مائية وجب إلقاؤه في الماء، وإن كانت هوائية وجب تعليقه في شجرة مثلا.

4. سحـر الأسمــاء

ليس الإيمان بخواص أسماء الله بالأمر الجديد عند المسلمين، بل يعود إلى الآشوريين والمصريين وجميع شعوب العالم الكلاسيكي القديم. فقد كان قدماء المصريين يعتبرون الاسم جزءا من كيان الإنسان ومن روحه على السواء، وكانوا يعلقون أهمية كبيرة على معرفة الأسماء وعلى كيفية استعمالها: «فالأسماء في اعتقادهم لها قدرات سحرية. وهي ضرورية لكل من الأحياء والأموات على السواء. واعتقدوا بأنه لو عرف الإنسان اسم إله أو شيطان، فناداه باسمه، فإن الإله أو الشيطان سيستجيب لأوامره. كذلك معرفة اسم إنسان ما، تجعل الجار مثلا قادرا على فعل الخير أو الشر لصاحب الاسم»[24]. وفي القبالة «بات بالوسع القول بأن القبالي المتمكن مستطيعٌ - من خلال النطق نطقا صائبا بالأسماء (أسماء الملائكة والشياطين) وباسم الإله ذاته - أن يحوز لنفسه قدراتها وقدرات الإله»[25]. ويدرج فرويد هذا النوع من السحر ضمن سحر اللغة عموما، إذ يقول: «كل سحر الكلمات ينبع من هذا الاعتقاد بكلية قدرة الفكر، مثله مثل اليقين الراسخ بالقدرة المرتبطة بمعرفة اسم من الأسماء أو النطق به»[26].

لإنجاز أي طقس، ليس من الضروري معرفة اسم المستفيد أو الضحية، لأن هناك فرعا بكامله من السحر يسمى «سحر الأسماء»، ويسعى إلى التأثير باستخدام أسماء الله الحسنى أو أسماء القرآن، أو أسماء الملائكة، والجن، والكواكب. وسنهتم هنا بخواص أسماء الله التي اعتبرها إدموند دوتيه «علما» يشكل واحدا من فروع السحر الإسلامي الكبرى والأشدها الأهمية[27].

يقسم السحر العربي الإسلامي أسماء الله إلى صنفين. الأول يسمى «اسم الله الأعظم»، والثاني يُدعى «أسماء الله الحسنى» التي يبلغ عددها 99 اسما.

أ. اسـم الله الأعظـــم

يعود الإيمان بقدرة التأثير في العالم باسم الله إلى الآشوريين والمصريين وجميع شعوب العالم الكلاسيكي القديم. ولأن هذا الاسم يتصف بقدرة عظيمة على الفعل في الكائنات، فقد أحيط بسرية كبرى لدى قدماء المصريين واليهود على السواء، الأمر الذي جعله محل تخمينات كبرى في كل العصور لفك لغزه[28]. وهكذا، فالقبالة اليهودية سجلت العديد من التخمينات حوله، إذ «النطق باسم يهوه أحيط دائما بحرص بالغ. وفي الأزمنة القديمة، كان الكهنة لا يجرؤون على تعليم أي تلميذ لهم النطق بذلك الاسم إلا مرة واحدة كل سبع سنوات، وكان الكتبة الذين استنسخوا رقائق التوراة مطالبين بأن يجعلوا أذهانهم في حالة تعبد عند كتابة الاسم، فإذا ما أخطأوا في كتابة حرف واحد منه بات الخطأ غير قابل للتصحيح»[29]. وبحسب إدموند دوتيه، فقد استعار المسلمون هذا الإيمان من اليهودية[30].

لقد خص الحديث النبوي هذا الاسم بإشارات عديدة، منها:

«حدثنا عبد الله بن جعفر الرقي عن عبيد الله بن عمرو عن زيد عن جابر عن أبي الضحى عن مسروق عن عبد الله قال قرأ رجل عندَ عبدِ الله البقرة وآل عمران فقال قرأت سورتين فيهما اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى».

أو:

«حدثنَا أَبو عاصمٍ حدثَنَا عبيد اللَّه بن أَبي زياد عن شهرِ بن حوشب عن أَسماء بنْت يزيد قَالَت قَال رسول اللَّه (ص): اسم اللَّه الأعظَم في هاتَين الآيتَين ( اللَّه لا إلَه إلا هو الْحي الْقَيوم ) (وإلَهكُم إلَه واحد)»[31].

أو:

« في هذين الآيتين ( الله لا إله إلا هو الحي القيوم ) و (الم الله لا إله إلا هو الحي القيوم ) إن فيهما اسم الله الأعظم»[32].

انطلاقا من هذه النصوص وغيرها ستنشأ تخمينات عديدة حول الاسم المذكور، صدرت عن الفقهاء والسحرة والمتصوفة على السواء، الأمر الذي أفضى إلى إنتاج حشد من الآراء، تعكس في نهاية المطاف حيرتهم أمام فك لغزه، واستمرار ذكرى سرية اسم الإله السحيقة، كما تفسر لماذا دعا فريق من القدماء إلى ترك التفضيل بين أسماء الله تعالى واعتبار بعضها أعظم من الآخر أو أكبر منه[33].

يتكئ الاستخدام السحري لهذا الاسم على:

أ) الجزم بوجوده في القرآن إذ قيل «إنه أخفي فيه كما أخفيت الساعة في يوم الجمعة وليلة القدر في شهر رمضان ليجتهد الناس ولا يتكلموا»[34]؛

ب) الاعتقاد بإمكان التحقق الأتوماتيكي للأمر المرغوب فيه، خيرا كان أم شرا، بمجرد معرفة هذا الاسم واستخدامه؛

مع أن بعض المؤلفات السحرية لا تتردد في التصريح باسم الله[35]، فإنها تحرص على الإبقاء على طابعه اللغزي، كأن يقال: «واعلم أن البسملة الشريفة مركبة من أربع كلمات: بسم ولفظ الجلالة والرحمن والرحيم. فالكملة الأولى عبارة عن الاسم المضمر الذي يدل على أن ما بعده الاسم الأعظم وهو الله»[36]، أو «اعلم أيها الطالب هذا اسم الله الأعظم المعظم، وهو الذي كتمه أهل الكشف، وهو هكذا (ا هـ م ك س ق ح ل ع ى ص)، فاهم ترشد»[37]. ثم إن المصنفات ذاتها لا تزعم إمكان التصرف به من قبل أي كان، لأنه وإن أمدَّ بالوصفات الضرورية لاستخدامه، فإنه يظل ملزما باجتياز مجموعة من الطقوس، هي نوع من الكشف الباطني الذي سيتيح له في نهاية المطاف الوقوف بنفسه على اسم الرب الأعظم.

من الوصفات المقدمة في هذا الصدد، يمكن ذكر:

الوصفة 6: [لقضاء جميع الأمور]:

«لقضاء كل أمر تريده خيرا أو شرا تذكر اسم الذات ألف مرة، ثم تقول: فسبحانك يا قدوس عجبا لمن يعرفك ويعصاك لوهيم شماخ العالي على كل براخ المحتجب عن خلقه في علو شموخيته صاحب القوة والقدرة آه آه آه فبحقه عليكم يا خدام الاسم الأعظم أن تجيبوا دعوتي وتنفذوا عملي بحق ما أقسمت به عليكم، وإنه لقسم لو تعلمون عظيم تكاد السموات ينفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا الوحا 2 العجل 2 الساعة 2 مائة وإحدى وعشين مرة فترى العجب»[38].

والملاحظ أن العمل باسم الله الأعظم يتعالى عن الشروط المطلوبة في إنجاز الطقوس السحرية الأخرى كالأوقات الفلكية والبخور وأجزاء الشخص المستفيد أو الضحية، الخ.

ب. أسمـاء الله الحسنـى

نجد في القرآن والحديث مقاطع خاصة بالموضوع. جاء في الوحي: «لله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون» (الأعراف، 180)، وجاء في الحديث أن «لله تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحدا من أحصاها دخل الجنة»[39]. انطلاقا من هذا النص ستشهد أسماء الله استخداما مزدوجا: أحدهما ديني، والآخر سحري يتغذى من الأول، ذلك أن الفقهاء هم الذين حددوا هذه الأسماء التي يأخذ استخدامها السحري أشكالا عديدة أكثرُها شيوعا ما يسمى بـ «الذكر»، وفيه يتم تقسيم هذه الأسماء إلى أنماط. والذكر ينقسم إلى نوعين، يسميان على التوالي: «الرياضة»، و«معاني أسماء الله».

الرياضة طقسٌ ذو طابع صوفي يتيح للساحر الحصول على القدرة التي يتضمنها أحد أسماء الله الحسنى. بمجرد ما يتأتى للساحر ذلك تجعله هذه القدرة في مستوى التدخل بفعالية في مختلف المجالات، بواسطة طقوس بسيطة تنجز باستخدام أحد أسماء الله الحسنى. في هذا المستوى، يجب على الساحر أن يعتزل أياما عديدة في مكان خال، طوالها يتعين عليه أن يخضع لنظام غذائي صارم يتكون من فواكه جافة بعد أن يقضي اليوم صائما. كما يجب عليه أن يتلو في كل يوم مجموع أسماء الله الحسنى عددا من المرات. ومعرفة الاسم الذي سيمنح للساحر قدرة، تتم عن طريق شيخ (أستاذ) يجب عليه أن يتلو لائحة أسماء الله، على مقربة من الساحر، إلى أن تبدو عليه اضطرابات جسدية (احمرار الوجه أو ارتعاشات...). والاسم الذي يصادف هذه الحالة هو مفتاح قدرة الساحر[40].

أما الإجراء المسمى «معاني أسماء الله»، فيدور حول الاستخدام السحري لهذه الأسماء بحسب معانيها. هذا الإجراء يلتقي مع ما يسميه فريزر بالسحر التعاطفي (magie sympathique) الذي يرتكز على مبدأين: مبدأ استدعاء المثيل للمثيل، أو قانون التشابه المسمى «السحر التجانسي»، ثم مبدأ المثيل يؤثر في المثيل بواسطة شيء رمزي، أو قانون الاتصال أو التماسّ المسمى أيضا «السحر المعدي»[41]. في هذا المستوى، قبل إنجاز الطقس، يختار الساحر اسم الله الذي يعبر عن الغاية المنشودة. هكذا، بحسب البوني، ليحصل المرء على وضعية مادية ميسورة، يجب عليه أن ينجز طقسا انطلاقا من اسم الله «الباسط» الذي يشمل حقله الدلالي كل ما ينتمي إلى الاتساع، وجلب الغنى، والبركة، وإبعاد الأحزان. أما الطقس، فيدور حول تلاوة هذا الاسم عدد من المرات مع حمل حجابٍ يحتوي على وفق امتلأت خاناته بحروف الاسم المذكور وأعداد مطابقة له[42].

الشكل الثاني من استخدام أسماء الله الحسنى سحريا يسمى «أنماط أسماء الله». وهو شديد الشبه بالإجراء السابق. وقد خصص البوني، في مصنفه شمس المعارف الكبرى، جزءا هاما لهذا الموضوع[43]، كما أفرد الإمام أبو محمد اليمني اليافعي الشافعي (ت. 768 هـ.) قسما ملحوظا من مؤلفه الدر النظيم في خواص القرآن العظيم[44]، للموضوع نفسه. المؤلفان معا يقسمان الأسماء التسعة والتسعين إلى عشر فئات، يشكل كل منها حقلا دلاليا متجانسا، ويعرض المؤلفان أسماء كل مجموعة وكذلك خواصها السحرية ومختلف الإجراءات الطقوسية مع اختلاف في لائحة الأسماء التي تتضمنها هذه الأنماط. هكذا، فالنمط الثاني، مثلا، عند البوني يتكون من أسمائه: «الغفور»، «الشكور»، «الغافر»، «التواب»، «الحميد»، و«السامي»، «البصير»، «الودود» و«الشاكر». في حين تتكون الفئة ذاتها عند الشافعي من الأسماء: «الأحد»، «الواحد»، «الصمد»، البصير»، «السميع»، «القادر»، «المقتدر»، «القوي»، و«القائم». لأسماء هذا النمط، حسب البوني، خواصّ سحرية تتمثل في كونها تضمن لمستخدمها التوبة والغفران، وتحسن أحواله المادية والأخلاقية، وتحجب عيوبه، وتليين قلوب الناس من حوله[45]. في حين لأسماء النمط نفسه، عند الشافعي، خواص سحرية - أيضا - تتجسد في مقاومة ألم الجوع، ودفع الخواطر والوساوس، ومساعدة أرباب الأعياء والحرف الثيقلة، الخ. بيد أن كلا من هذه الأسماء يمكن أن يشكل موضوعا لطقس منفرد - حسب البوني - وكأنه يشكل بمفرده فرعا أو علما من السحر. من الوصفات التي يوردها المؤلف يمكن أن نختار:

الوصفـة 7: [للكفاية والنفقة من عالم الغيب]:

«وأما اسمه تعالى الرزاق، فهو اسم عظيم قديم. فإن الله تعالى لم يزل رزاقا والملك المخلوق من عدده يهوائيل عليه السلام. وعوالمه في الأرض موكلون بسوق الأرزاق إلى الخلائق أجمعين. وهم الذين يربون الزرع والنبات. ومن عرف اسم هذا الملك ووكله بزراعته أو بستانه أثمر وأينع وأطلع بخلاف عادة الأرض. وهو رئيس على أربع قواعد تحت يد كل قائد 308 صفا، كل صف 308 ألف ملك حاملين البساط الأخضر الموكلين بالقطر والنبات. وذاكر هذا الاسم ينزل عليه الملك ويعطيه الكفاية ويصير ينفق من الغيب»[46].

تكاد الإجراءات الطقوسية الخاصة بهذه الأسماء أن تكون كلها متشابهة. إذ تتشكل، بالإضافة إلى مراعاة الشروط الخاصة بكل طقس سحري، من قراءة الاسم المعني آلاف المرات، والصيام، وإحراق البخور المناسبة.

على غرار الحروف، تدخل أسماء الله في تناسب مع جميع عناصر الكون. ومع أن الجدول التالي يظل بعيدا عن أن يكون شاملا، فإن من شأنه أن يقدم فكرة عن ذلك[47]:

حروف

بخـــور

ملائكـة

أرواح أرضية

طـلاسـم

كواكـب

أيـــام

أسماء سريانيـة

تطابقات أسماء الله

ف

سنـدروس

رقيائيـل

مذهب

 

شمـس

أحـد

ليلطهيلن

فــرد

ج

كبابــة

جبرائيـل

مـُرَّة

 

قمـر

إثنين

مسطهطيلن

جبـار

ش

صندل أحمر

شمسمائيل

الأحمـر

 

مـريخ

ثلاثـاء

قهطيطالين

شكـور

ت

صمغ جاوة

ميكائيـل

برقـان

 

عطـارد

أربعـاء

فهطيطلن

ثابـت

ظ

مصطكـا

صـرفيائيل

شمهـروش

 

مشتـري

خميـس

نهجططيلن

ظاهـر

خ

قرنفــل

عنيائيـل

زوبعـة

 

زهـرة

جمعـة

جهلططيلن

خبيـر

ز

لادُن

كسفيائيـل

ميمـون

 

زحـل

سبـت

ليكهطليلن

زكـي

تسهل ملاحظة الاستعمال الديني لأسماء الله الحسنى في المغرب الراهن. هكذا، وإلى وقت قريب جدا، كانت التلفزة المغربية تذيع يوميا، خلال شهر رمضان، بعد صلاة المغرب مباشرة، نشيدا دينيا يحتوي على ابتهالات وتلاوة أسماء الله الحسنى التسعة والتسعين. كما توجد فئة من الأشخاص الذي يضمنون قوتهم عن طريق «بيع»كتيبات صغيرة تسمى «الحصن الحصين» وأوراقا (أو قلائد معدنية) كتبت عليها آية الكرسي (البقرة، 256) مع اسم الله ولائحة هذه الأسماء التسعة والتسعين، وذلك في الحلقات أو في الأماكن العمومية ومحطات الحافلات الطرقية بالخصوص. واستعمال أسماء الله الحسنى، في هذا المستوى، يطابق التعليمات الدينية التي تقدمها باعتبارها ذات خواص خيرة يستفيد منها المؤمن بمجرد قراءتها. غير أنه، يجب ملاحظة أن الاستعمال المشار إليه في الأمثلة التي ذكرناها للتو، يقع في منتصف الطريق بين الدين والسحر؛ أسماء الله عزيمة سحرية بمعنى أن الفرد يحملها للاستفادة من خواصها الخيِّرة، بيد أن الممارسة نفسها ليست سحرية كليا بمعنى أن كاتب ما نعتناه بالحرز لا يكون ساحرا بالضرورة، كما أن فعالية هذه التميمة لا تخضع للشروط الخاصة بالسحر.

5. السحـر القرآنـي

تكثر في مصنفات السحر العربي الإسلامي الطقوس السحرية المنجزة انطلاقا من القرآن بحيث تشكل فرعا مستقلا من هذا السحر. في الواقع، ينطلق السحر القرآني من طريقة محددة جدا: استخدام سور قرآنية بكاملها، استعمال آيات تعتبر بمثابة آيات مستقلة، ثم استخدام آيات معزولة عن سياقها الأصلي ومُدخَلة في دعوات أو عزائم ليست في الحقيقة سوى تناص آيات عديدة.

أ. استخدام سـور قـرآنيـة

يرتكز الاستعمال السحري للسور القرآنية على الإيمان بخواصها التي يؤكد بعضَها العديدُ من الأحاديث النبوية وأقوالُ الصحابة. رأينا أن المعوذتين، بحسب الرسول، تقيان من السحر والأوجاع البدنية. وقبل أن تعرض المصنفات السحرية وصفات مشكلة انطلاقا من سور قرآنية غالبا ما تورد أحاديث مختلفة حول خواص هذه السورة أو تلك. هكذا، فالرسول أكد، حسب الديربي، أن تلاوة سورة الإخلاص، قبل النوم، تقي من الشرك[48]، وقال، حسب الشافعي، أن «من قرأ سورة الفتح في أول ليلة من شهر رمضان في التطوع حفظ في ذلك العام»[49]. ويجب ملاحظة أن الأحاديث النبوية المزعومة، في هذه المسألة، ترتكز غالبا على التعاطف باعتباره مبدأ سحريا، بمعنى أن الخواص المنسوبة لهذه السورة أو تلك تطابق المعنى الذي تحمله السورة نفسها. واعتمادا على المبدإ نفسه ستستدعي المصنفات السحرية أغلب السور في الطقوس السحرية.

والإجراءات الطقوسية، في هذا المستوى، عديدة جدا، تتضمن كتابة أحجبة، تلاوة سور، إطلاق بخور، الخ. وعندما يتعلق الأمر بطقوس ذات هدف شرير، فإن المصنفات تستبدل حروف الكلمات المفاتيح بقيمتها العددية على نحو ما يتضح من الوصفة التالية:

الوصفـة 8: [للطـلاق]:

«تكتب سورة الطلاق في ورقتين أو ورقة وإناء ثم يمحي الإناء أو 6035010 الورقة وتمحى بماء الـ 5601350 وترش في البيت والورقة الثانية تلقى في الـ 80105020 فإنه طلاق فاتق الله تعالى فهو كفر والعياذ بالله»[50].

فباستدعاء الحروف المطابقة للأعداد السابقة، نستطيع فك الرموز المستغلقة وإعادة كتابة الوصفة على النحو التالي:

«تكتب سورة الطلاق في ورقتين أو ورقة وإناء ثم يمحي الإناء أو ينجس الورقة وتمحى بماء النجاسة وترش في البيت والورقة الثانية تلقى في الكنيف فإنه طلاق فاتق الله تعالى فهو كفر والعياذ بالله».

فالعدد 50 يطابقه حرف النون، والعدد 3 يطابقه حرف الجيم، والعدد 1 يطابقه حرف الألف، الخ[51].

من الوصفات التي يمكن إيرادها، في هذا المستوى أيضا، ما يلي:

الوصفـة 9: [للقبـول والجلب]:

«تقرأ سورة المجادلة، وكلما مررت بالجلالة تكتبها وتكتب تحتها (واو وصاد)، وتحملها فإنه قبول عظيم. وإذا أردت جلب احد اجعل الورقة بين كفيك واطبق عليها واقرأ الإخلاص عدد 3 مرات والمس بها من شئت فإنه يتبعك»[52].

ب. استخدام آيات قرآنية

وبما أن عدد الآيات القرآنية يفوق بكثير عدد السور، إذ تتألف معظم السور من آيات عديدة، الأمر الذي يفسح المجال لإجراء عدد غزير من التأليفات بينها، فإن استخدام الآيات سحريا يتجاوز إلى حد بعيد استخدام السور. بيد أن بعض الآيات تحتل مكانة مركزية. من بينها آية الكرسي (البقرة، 256) والآيات الست التي تسمى «آيات الشفاء»، والتي تشترك في ورود الحروف المشكلة لجذرها.

تكتسي آية الكرسي من الأهمية ما جعل السيوطي يفرد لها رسالة بكاملها[53]. ويرتكز الإيمان بفعالية هذه الآية على مجموع يتألف من أحاديث نبوية، وزمرة من الأخبار. فقد قال الرسول «من قرأ دبر كل صلاة مكتوبة آية الكرسي لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت»[54]. ثم إن العديد من المصنفات الدينية والسحرية تروي كيف تأتى لأبي هريرة، تبعا لنصيحة أسداها له الرسول، أن يتخلص من الشيطان بفضل قراءة هذه الآية[55]. أخيرا جاءَ في الخبر أن «هذه الآية لما نزلت على النبي (ص) نزل معها سبعون ألف ملك من الملائكة الكرام إجلالا لقدرها»[56]. ومن بين الوصفات السحرية المنشأة انطلاقا من آية الكرسي، يمكن إيراد:

الوصفـة 10: [لقضاء الحوائج]:

«تقرأ آية الكرسي 213 مرة مع هذا القسم وهو أن تقول: بسرياخ كشيهلخ شلخمة طلح أحضروا بارك الله فيكم وعليكم وافعلوا كذا وكذا. وصفة حضورهم أنهم ينزلون على هيئة طيور خضر وعددهم أربعة وأجنحتهم متصلة ببعضها. إذا حضروا فاصرفهم بأن تقول انصرفوا إلى ما أمرتكم به وانصرفوا مأجورين بارك الله فيكم وعليكم وجزاكم عنا خيرا»[57].

أما ما يسمى بآيات الشفاء، فهي:

1 - «ويشف صدور قوم مؤمنين ويذهب غيظ قلوبهم» (التوبة، 14)؛

2 - «يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاءٌ لما في الصدور وهُدى ورحمة للمؤمنين» (يونس، 57)؛

3 - «يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس» (النحل، 69)؛

4 - «وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين» (الإسراء، 82)

5 - «الذي خلقني فهو يهدين، والذي هو يطعمني ويسقين، وإذا مرضتُ فهو يشفين» (الشعراء، 78-80)؛

6 - «قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء...» (فصلت، 44)[58].

إذا كانت هذه الآيات كثيرة الورود في الوصفات العلاجية، فإنه يمكن القول إن ما نسميه بـ «السحر القرآني» بكامله يرتكز - ويؤسس مشروعيته - على تأويل معين للآية الرابعة التي من خلالها يقترح القرآن نفسَه لإشفاء الآلام التي تتربَّص بالمؤمنين. وكلمة «الم» تشمل، في المصنفات السحرية، جميع مجالات تدخل السحر. وبذلك تكثر هذه المؤلفات من الاستشهاد بهذه الصيغة لشرعنة الممارسات السحرية واستخدام القرآن استخداما سحريا.

يتم إدراج آيات قرآنية في الوصفات السحرية بطريقتين مختلفتين: تارة تقطَّع السورة الواحدة إلى آيات عديدة، وتدرَج هذه الآيات متفرقة في دعوة مَّا، وتارة أخرى تنتقى آيات عديدة من سور مختلفة لإدراجها في دعوة من الدعوات. ومبدأ الانتقاء، في الطريقة الثانية، هو تطابق معنى الآيات مع غاية الطقس على نحو ما يتبين من الوصفة التالية:

«الوصفة 11: [للتفريق بين الزوجين]:

«يكتب يوم السبت آخر الشهر وضعه في غابة وسد عليه بشمع وادفنه تحت عتبة من تريد. والبخور حنتيت ومر وصبر وشعر قط أسود وشعر كلب وقشر بصل وقشر ثوم. وهذا ما تكتب: "انقلبت الشمس وانقلب القمر وانقلبت النجوم في السماء وانقلبت الحيتان في البحر. اللهم كما قلبتهم بقدرتك وعظمتك أن تقلب وجه... بن ... في وجهه وتجعل وجهه في وجهها كوجه القردة ووجهها في وجهه كوجه الحمار. وإن خرجت دخل، وإن دخلت خرج لا يدخل ولا يجتمعا حتى يلج الجمل في سم الخياط [الأعراف: 7] كأنهم حمر مستنفرة [المدثر: 50] (فرت 30 مرة) كذلك تفرّ ... بنت من عند ... بن... كأنهم يوم ترونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها [النازعات: 46] والمرسلات عرفا فالعاصفات عصفا والناشرات نشرا فالفارقات فرقا [المرسلات: 1-4] اللهم فرق بين ... وكذا من عند ... وكذا"»[59].

6. سحــر الدعــوات

يتعلق الأمر في الدعوة أيضا، كما في الذكر، بالسعي إلى الحصول على القدرة السحرية المتضمنة في الأسماء. ولكن بينما يهدف الذكر إلى الحصول على قدرة أسماء الله، تسعى الدعوات إلى نيل قدرة الأسماء الموجودة في العهد الذي وقعه سليمان مع الجن. وتعلم الدعوات يتم انطلاقا من طقوس شديدة التعقيد، تسمى رياضة (تمارين روحية)، تستغرق مدة إنجازها أحيانا أكثر من أربعين يوما، كما في حالة البرهتية.

من بين الدعوات الشائعة، في المصنفات السحرية، نجد «البرهتية»، و«الجلجلوتية»، و«الدمياطية». باستثناء الأخيرة، التي ترتبط تسميتها بنور الدين الدمياطي (نسبة إلى دمياط بمصر)، فإن الأوليين لا معنى لهما في اللغة العربية. إنهما نسبتان إلى أسماء توجد في نص الدعوتين. ومن بين الدعوات الثلاث، وحدها «الدمياطية» هي التي تحظى بشعبية كبيرة في المتخيل الشعبي بالمغرب. إنها رمز لامتلاك قدرة سحرية كبرى، لا يضاهيها في الشهرة إلا خط الزناتي (علم الرمل)، على صعيد العرافة. إذ يشكل «خط الزناتي» و«الدمياطي» موضوع أساطير عديدة تحكي قدرة هذا العراف أو ذاك، فعالية هذا الساحر أو ذاك. في هذه الأساطير، يبدو «الطالب» الذي تعلم الدمياطية «قويا» جدا. إنه يحكم الجن، ويسخرهم، يلتقي بهم شخصيا، ويتفاوض معهم، ويرغمهم على الامتثال لأوامره، وبالتالي تكون تدخلاته فعالة دائما. أمرٌ يؤكده أستاذ جامعي لمادة الفكر الإسلامي والدراسات النفسانية بكلية بنمسيك، حيث يقول: «... هو [=الدمياطي] كتابٌ سري وغير موجود وخطير، بحيث إذا وقع بيد شخص من الأشخاص سيتحول إلى ساحر ومشعوذ، ذلك أنه يتضمن جداول وطلاسم و...، تكشف عن سحر التفريق أو المرض و...، وهي الحوافز التي تدفع المشعوذين إلى البحث عنه والتعامل من خلاله»[60]. على النحو نفسه، فـ «الفقيه» الذي تعلم علم الرمل يقدَّم باعتباره يتلفظ دائما بنبوءات صائبة ودقيقة.

«الدمياطية» عبارة عن منظومة تعليمية مؤلفة انطلاقا من أسماء الله الحسنى. ويختلف استعمالها عن استخدام «الذكر» من أوجه عديدة:

- فهي لا تتوفر على أية فعالية خارج سياقها. خلال الطقوس، لا يتلو الساحر أسماء الله معزولة وإنما يقرأ الأبيات المنظومة.

- ثم إن هذه الأسماء تُعتَبَر دائما في علاقتها بالدعوتين الأخريين، «البرهتية» و«الجلجلوتية». بحسب مصنفات السحر العربي الإسلامي، قبل أن ينزل القرآن على النبي، كانت هتان الدعوتان تحتويان على أسماء الله الحسنى كاملة. بتعبير آخر، ليست «الدمياطية» سوى ترجمة أسماء الله الحسنى من السريانية إلى العربية؛ فالاسمين «عجين» في «الجلجوتية» و«كرير» في «البرهتية»، مثلا، معناهما «رب» في «الدمياطية».

- أخيرا، تحتكِرُ أسماء الله، في هذا المستوى، أي منظومة في كلام موزون ومقفى، مجموع مكونات السحر العربي الإسلامي. يقول البوني في معرض تقديمه لقسَم «البرهتية»: «هو رأس علوم الروحانية وأساسها»[61]. ويقول الدمياطي أيضا عن الدعوة ذاتها: «اعلم أن هذا العلم هو القاعدة وهو أحصى سائر العلوم وكل شيء لا أصل له لا ثبات له كالأقسام المخترعة والعهد هو فرع العلم وأصله»[62].

لتعلم «الدمياطية» طبيعة دينية تذكر بطقوس المسارَّة عند الشامان في القبائل البدائية[63] وطقوس المسارة الصوفية في السياق الإسلامي، إذ يتعين على الساحر أن يعتزل طيلة سبعة أيام في مكان طاهر، مع الحرص على نظافة البدن والثياب، والخضوع للبرنامج التالي: صيام النهار، وإحراق بخور طيبة، مضافة بالخصوص إلى الجاوي والراتنج. كما يتعين قراءة الدعوة سبع مرات عقب أداء كل صلاة من الصلوات الخمس، وحمل حجاب يحتوي نص الدعوة. بالإضافة إلى ذلك، يجب عليه ألا يكف عن ذكر اسم «الله»، والتوسل إليه، وطلب مغفرته. عند غروب الشمس، يجب تناول وجبة تتكون من عسل، زيت الزيتون، زيتون، وكمون. في الليل، يجب قراءة الدعوة سبعين مرة، وصلاة ركعتين عقب كل عشر قراءات. وفي اليوم الثامن يحرز المريد على القدرة السحرية المتضمنة في الدعوة ويدخل في مرحلة جديدة تتطلب شروطا أخرى: فلكي تكون الطقوس فعالة، يجب عليه من الآن فصاعدا أن يواظب على قراءة الدعوة سبع مرات بالنهار، وسبعين بالليل، وتجنب معاشرة السفهاء، والصيام كل اثنين وخميس[64].

واضح أن مراعاة الشروط الثلاثة الأخيرة هو ضرب من التجديد اليومي للقدرة المحصل عليها خلال الطقس المساري الكبير، بما يضمن للطقوس فعالية شديدة. وهذه الطقوس تتنوع حسب الهدف المنشود. يمكن إجراء الطقس انطلاقا من بيت شعري واحد، إذا تعلق الأمر بهدف خير كطرد الأحوال النفسية السيئة، مثلا، أو علاج بعض الأمراض، كما يمكن إجراء الطقس بمقطع من المنظومة، بل ومن النص بكامله أحيانا، إذا تعلق الأمر بهدف شرير كالقضاء على العدو مثلا،:

الوصفة 12: [للقضاء على العدو]:

«تصوم سبعة أيام والبداءة يوم الأربعاء الأخير من الشهر والقمر في النطيح أو في الثريا، ثم تعمد إلى ثلث الليل الأخير وصلّ ركعتين الأولى بفاتحة الكتاب والفيل أربعين مرة والثانية كذلك وتشهد وتسلم وتأخذ قصبة خضراء فيها سبع جعبات وفي طولها أربعة أذرع 7 ذراع من أردت هلاكه إن أمكن وتكتب فيها أبيات التدمير نحو ويا قادر اهلك عدوي بكيده»[65].

تظهر مكونات السحر العربي الإسلامي إلى أي حد نجح هذا السحر في إدماج عناصر دينية كثيرة. خلافا لطروحات الفقه، لم يمنح إسلام المصنفات السحرية السحرَ وضعا اعتباريا مُباحا فحسب، بل وأمدَّه أيضا بالعناصر الضرورية لتحقيق القسم الأعظم من طقوسه. في الواقع، كل شيء تمَّ وكأن أي سحر كان مستحيل الوجود في السياق العربي الإسلامي ما لم يمر من وساطة الدين. ولذلك، لن يتردد بعض المصنفين في السحر في العودة إلى قصة سحر الرسول، والحديث النبوي «اجتنبوا السبع الموبقات...»، ليستخلص حكما شرعيا في هذه الممارسة، يبيح نوعا منها ويحرم نوعا آخر: «وخلاصة القول عن حقيقة السحر وعن الحكم الشرعي فيه (...) السحر ينقسم هنا إلى قسمين: سحر حرام وهو السحر الأسود الذي يشمل جميع أنواع الأذى والشر والضرر، مثل الرباط والنزيف، والتفريق بين المرء وزوجه (...) والسحر الآخر، وهو الحلال وهو ما كان بضد ذلك شاملا أعمال الخير مثل فك المربوط ورفع النزيف والوفق بين الزوجين...»[66]. رأي يزكيه بدون شك المحسن محمد المهدي، مدرس العلوم العربية والشرعية والقراءات بالأزهر الشريف، الذي كتب تقديما لهذا المصنف السحري «الجامع في علوم الفلك الروحاني والجغرافي والميقاتي وأسرار السحر والجن وعالم الروح والتنويم المغناطيسي»، إذ يقول: «وقد قمت بمراجعة هذا الكتاب فوجدته مطابقا للشريعة الإسلامية»[67].

هذا التداخل بين السحر والدين يمكن ملاحظته في مستويات عديدة في المغرب الراهن. هكذا، فلتحاشي تسمية «السحر»، يؤكد ممارسوه وزبائنهم، على السواء، أنهم لا يمارسون السحر أو يسعون إليه، وإنما يسعون إلى الاستفادة من بركة أسماء الله. وهكذا، فقد صرخ أحد الفقهاء، لدى محاكمته بتهمة النصب والاحتيال، أمام هيئة المحكمة مرددا ما مضمونه: لا أرى أي سبب لاعتقالي ومحاكمتي، ما دمت لا أفعل شيئا آخر عدا عدا كتابة أسماء الله لزواري، وهذا ما يسير دائما على مايرام كما يؤكدون لي ذلك[68]. وفي بعض الأوساط الشعبية غير المتمدرسة، لنعت هذا الدواء أو ذاك بأنه شديد الفعالية، يتم تشبيهه بأسماء الله الحسنى، فيقال: «بحال سمايات الله» [كأنه أسماء الله الحسنى أو يشبه أسماء الله الحسنى [في الفعالية]».

كما تنظم العديد من العائلات المغربية، في الأوساط الشعبية طقسا ليليا، يدعى «ليلة الطلبة» بمناسبة طقس جنائزي، أو عقيقة، أو زواج، أو ختان. خلال هذه الليلة، يحضر إلى المنزل جماعة من الطلبة («الفقهاء»)، فيصرفون الليلة، حتى مطلع الفجر أحيانا، في قراءة القرآن وإمطار الحاضرين بدعوات الخير، مقابل هبات نقدية. وما يهم بالنسبة لمنظمي تلك الليلة والطلبة على السواء ليس كيفية القراءة أو ما يُقرأ، وإنما فعل القراءة وحدَه، لأنه سيكون له - في اعتقادهم - مفعولٌ سحري على حياتهم الاجتماعية، المادية، والأخلاقية. كذلك، عندما ينجو فرد ما، من الوسط نفسه، بأعجوبة من موت محقق، عقب حادثة مثلا، فإنه يقيم الليلة نفسها لكي لا يعترض الشر سبيله ثانية.

قبل فحص الخطابات الرائجة حول السحر بالمغرب، قد يكون من المفيد إيراد نص للصوفي محيي الدين بن عربي الذي، بعدما أعاد التفكير في ظاهرة الحسد التي خصها القرآن بسورة الفلق مدمجا إياها في السحر، رَسَمَ أفقا للتداخل بين السحر والدين. أفق لا يمكن لكل منهما أن يكون فيه سوى وجه آخر للثاني:

«قال عليه السلام لا حسد إلا في اثنين: رجل آتاه الله علما فهو يبثه في الناس، ورجل آتاه الله مالا فهو ينفقه في سبيل البر فقام أهل النفوس الأبية التي تأبى الرذائل وتحب الفضائل وجماع الخير، فقالوا لا ينبغي الحسد إلا في معالي الأمور. وأعلى الأمور ما تعرف إلا أربابها، ورب الأرباب وذوو الصفات العلى والأسماء الحسنى هو الله، فيقال: نتشبه به في التخلق بأسمائه، ففعلوا وبالغوا، واجتهدوا إلى أن صاروا يقولون للشيء كن فيكون. وذلك أقصى المراتب التي تمدح الله بها، فلولا الحسد ما تعمل القوم في تحصيل هذا المقام.

ومنهم الساحرون السحر بالإطلاق صفة مذمومة. وحظ الأولياء منها ما أطلعهم الله عليه من علم الحروف، وهو علم الأولياء، فيتعلمون ما أودع الله في الحروف والأسماء من الخواص العجيبة التي تنفعل عنها الأشياء لهم في عالم الحقيقة والخيال. فهو وإن كان مذموما بالإطلاق فهو محدود بالتقييد، وهو من باب الكرامات وخرق العوائد، ولكن لا يسمون سحرة مع أنه يشاهد منهم خرق العوائد، فسمي ذلك في حقهم كرامة وهو عين السحر عند العلماء»[69].

-------------------------------------------------------

[1] راجع، على سبيل المثال، المرزوقي، الجواهر اللماعة في إحضار ملوك الجن في الوقت والساعة، بيروت، المكتبة الشعبية، (د. ت.)، صص. 4-10، وإبراهيم ابن الحاج، شموس الأنوار، الدار البيضاء، (د. ن)، (د. ت.)، صص. 49-51، والطوخي الفلكي، إغاثة المظلوم في كشف أسرار العلوم، بيروت، المكتبة الشعبية، (د. ت.)، صص. 3-4، السيد الحسيني، السر الرباني في علوم الفلك والروحاني، (د.م.)، مطبعة النصر، (د.ت.)، صص. 76-78.

[2] R. Bastide, R. Alleau, «Magie», op. cit.

في الموضوع نفسه يمكن الرجوع، على سبيل المثال، إلى: يوسف ميخائيل أسعد، السحر والتنجيم، م. س.، صص. 79-116، ود. سامية أسعد الساعاتي، السحر والمجتمع...، م. س.، صص. 89-118.

[3] هذه المصنفات هي: ابن سينا، مجموعة ابن سينا السحرية الكبرى، بيروت، المكتبة الشعبية؛ أبو حامد الغزالي، الأوفاق، الدار البيضاء، طبعة المغرب؛ البوني، شمس المعارف الكبرى، بيروت، المكتبة الثقافية، (د. ت.)؛ ابن الحاج، شموس الأنوار...، م. س.، الديربي، مجربات الديربي الكبير، بيروت، المكتبة الشعبية؛ الطوخي الفلكي، السحر الأحمر، بيروت، المكتبة الشعبية؛ الطوخي الفلكي، النور الرباني في العلم الروحاني، الطوخي الفلكي، إغاثة المظلوم في كشف أسرار العلوم، بيروت، المكتبة الشعبية.

[4] مرية مكريم، «الكتب الصفراء تعلمك: كيف تصبح ساحرا»، الصحيفة، ع: 03 - 25 شتنبر - 01 اكتوبر 1998.

[5] نقصد بـ «أهداف الطقوس» ما يحاول الساحر تحقيقه انطلاقا من تدخلات مثل، على سبيل المثال، زرع التفرقة بين الزوجين، تحويل الورق إلى مال، علاج الأسنان، الاختفاء عن الأبصار، الخ. أما «الإجراءات الطقوسية»، فنقصد بها هنا مختلف العناصر (البخور، الصلوات، الدعوات، العزائم، الكتابات، الحركات، أسماء الكواكب، الملائكة والجن، الخ.) التي تستعمل في كل طقس وتجعل منه وحدة مستقلة ومتميزة عن باقي الطقوس.

[6] M. Aslim, Magie et sorcellerie au Maroc actuel, Thèse pour le Doctorat de l’Ecole des Hautes Etudes en Sciences Sociales, Paris, 1990, Ch. I.

[7] M. Eliade, Occultisme, sorcellerie et modes culturelles en occident, trad. de l’anglais par Jean Malaquis, Paris, Gallimard, nrf, 1976, pp. 20-29.

[8] C. Lévi-Strauss, Anthropologie structurale, op. cit., p. 197.

أو ترجمته العربية: كلود ليفي ستروس، الإناسة البنيانية، م. س.، ص. 196.

[9] انظر: نادية بلحاج، التطبيب والسحر في المغرب، الرباط، الشركة المغربية للناشرين المتحدين، 1986، القسم الخاص بعرض نتائج البحث الميداني، حيث ساقت المؤلفة وصفات سحرية وتطبيبية أمدها بها عطارون بمدينة الرباط.

[10] انظر: السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، بيروت، المكتبة الثقافية، 1973، ج. 2، ص. 128.

[11] يمكن الإشارة، على سبيل المثال، إلى: زكريا القزويني، عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات، م. س.، وداوود بن عمر الأنطاكي، تذكرة أولي الألباب...، م. س.، وابن الحاج، تاج الملوك، بيروت، المكتبة الشعبية، (د. ت.)، وكمال الدين الدميري، حياة الحيوان الكبرى، (د.م.)، المكتبة الإسلامية، (د. ت.).

[12] م. س.

[13] E. Doutté, Magie et religion dans l’Afrique du Nord, op. cit.

[14] Emir Abd el-Kader, Ecrits spirituels, Paris, Seuil, 1982, p. 104.

ملحوظة: تعذر علينا العثور على الأصل العربي لهذا الكتاب، فاضطرننا لتعريبه من ترجمته الفرنسية!

[15] عن: شفيـق مقـار، السحـر في التـواراة والعهـد القديـم، م. س.، ص. 327.

[16] نقلا عن عبد الفتاح الطوخي الفلكي، سر الأسرار في علم الأخيار، بيروت، المكتبة الشعبية، (د. ت.)، ص. 8-9.

[17] الكشناوي بهجت، الأوفاق، نقلا عن نادية بلحاج، التطبيب والسحر في المغرب، م. س.، ص. 106.

[18] الدكتور رشاد خليفة، «دروس من القرآن في نهاية العالم»، ضمن العلم والإيمان (الليبية)، العدد: 74، 1982، ود. رشاد خليفة، «إسلامنا حقيقي أم مزيف؟»، ضمن العلم والإيمان (الليبية)، العدد: 75، 1982.

[19] جريدة العلم، ليوم 23/03/1989.

[20] البوني، منبع أصول الحكمة، بيروت، دار الكتب العلمية، ط. I / 1995، ص. 131.

[21] أبو حي الله المرزوقي، الجواهر اللماعة...، م. س.، صص. 9-15.

[22] E. Doutté, Magie et religion..., op. cit. p. 119-120.

[23] المرزوقي، الجواهر اللماعة...، م. س.، ص. 12.

[24] واليس بدج، السحـر في مصر القديمة، ترجمة وتقديم: د. عبد الهادي عبد الرحمان، لندن-بيروت-القاهرة، سينا للنشر-مؤسسة الانتشار العربي، ط. I / 1998، ص. 143.

[25] شفيق مقار، السحر في التوارة والعهد القديم، م. س.، ص. 328.

[26] S. Freud, l’Homme Moïse et la religion monothéiste, op. cit., p. 212.

أو (ترجمته) س. فرويد، موسـى والتوحيـد، م. س.، ص. 157، ومنه نقلنا نص الإحالة. سبق أن عرضنا، في القسم الأول من العمل الحالي (وبالضبط في أسطورة في تعلم السحر)، رأي فرويد في هذه المسألة واعتراض مالينوفسكي عليه والمنزلقات التي سقط فيها هذا الأخير على نحو ما بينها تودوروف.

[27] E. Doutté, E. Doutté, Magie et religion..., op. cit. p. 207.

[28] شفيق مقار، السحر في التوارة والعهد القديم، م. س.، ص. 320-322.

[29] نفسـه، ص. 27.

[30] E. Doutté, E. Doutté, Magie et religion..., op. cit., p. 206.

[31] الدارمي، كتاب فضائل القرآن، يحملان على التوالي: رقم: 3259 و3255، وقد أحال عليه إدموند دوتيه، في السحر والدين في إفريقيا الشمالية (بالفرنسية)، م. س.، ص. 204.

[32] مسند أحمد، الحديث رقم: 26329.

[33] الإمام اليافعي الشافعي، الدر النظيم في خواص القرآن العظيم، م. س.، ص. 38.

[34] نفسـه، ص. 41.

[35] حول اسم الله الأعظم، يمكن الرجوع إلى: ابن سينا، مجموعة ابن سينا السحرية الكبرى، م. س.، ص. 49-54، الإمام الغزالي، الأوفاق، م. س.، ص. 11، 53، والبوني، منبع أصول الحكمة، م. س.، ص. 97 وما بعدها، أبو حي الله المرزوقي، الجواهر اللماعة...، م. س.، ص. 95، الدمياطي، شرح الدمياطي...، م. س.، ص. 3، والطوخي الفلكي، اسم الله الأعظم، بيروت، المكتبة الشعبية، (د. ت.)، ص. 46.

[36] البوني، منبع أصول الحكمة، م. س.، ص. 99.

[37] الطوخي الفلكي، اسم الله الأعظم، م. س.، ص. 46.

[38] البوني، منبع أصول الحكمة، م. س.، ص. 101.

[39] رواه ابن ماجة، كتاب الدعاء، والترمذي في كتاب الدعوات، تحت رقم 3428 إلى 3430، والبخاري، في كتاب الدعوات، تحت رقم 5931، و6843، ومسلم، 4835 و4836، وأحمد 7189 و7304، و7799، و9148، 1076، و10128، و10268، وحول لائحة هذه الأسماء، راجع: ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، م. س.، ج. 2، ص. 268، 591، وحول لائحتها بالفرنسية، انظر: إدموند دوتيه، السحر والدين في إفريقيا الشمالية (بالفرنسية)، م. س.، صص. 200-202.

[40] البوني، منبع أصول الحكمة، م. س.، ص. 38-39.

[41] James Georges Frazer, Le Rameau d’or, le roi magicien dans les sociétés primitives, Paris, Robert Laffont, 1981, p. 41-42.

[42] البوني، منبع أصول الحكمة، م. س.، ص. 44.

[43] البوني، شمس المعارف الكبرى، م. س.، الفصل 21.

[44] م. س.، صص. 71-81.

[45] نفسـه، ص. 275.

[46] نفسـه، ص. 278.

[47] البوني، منبع أصول الحكمة، م. س.، ص. 254.

[48] الديربي، مجربات الديربي الكبير، م. س.، ص. 28.

[49] أبو محمد اليافعي الشافعي، الدر النظيم في خواص القرآن العظيم، م. س.، ص. 120.

[50] الطوخي الفلكي، سحر الكهان في حضور الجان، م. س.، ص. 65.

[51] للوقوف على ما يطابق الأعداد من حروف، يمكن الرجوع، فضلا عن أغلب كتب السحر العربي، إلى: محمد بن إسماعيل الصنعاني، رسائل شريفة فيما يتعلق بـ: الأعداد للحروف والأوفاق وكم الباقي من عمر الدنيا؟ ويليها تمام جواب السؤال وهو في ذكر المهدي المنتظر، تحقيق وتخريج وتعليق: مجاهد بن حسن بن فارع الوصابي المطحني، صنعاء، مكتبة دار القدس، ط. I / (د. ت.)، ص. 9، هامش رقم 3، أو: أحمد حجازي السقا، علم السحر بين المسلمين وأهل الكتاب، م. س.، ص. 5، هامش رقم: 1.

[52] محمود نصار، غاية الحكيم للأستاذ المجريطي، بيروت، دار الفكر، (د. ت.)، ص. 103.

[53] جلال الدين السيوطي، آية الكرسي، معانيها وفضائلها، تحقيق وتعليق: يوسف البدري، (د.م)، (د.ت.)، (78 ص.).

[54] ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، م. س.، ج. 1، ص. 307.، والديربي، مجربات الديربي الكبير، م. س.، ص. 10.

[55] انظر، على سبيل المثال: ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، م. س.، ج. 1، ص. 306، والديربي، مجربات الديربي الكبير، م. س.، ص. 10.

[56] الديربي، مجربات الديربي الكبير، م. س.، ص. 10. للإشارة، فإننا لم نعثر على هذا النص في موسوعة الحديث، م. س.، المتألفة من الكتب التسعة (صحيح البخاري، صحيح مسلم، سنن الترمذي، سنن النسائي، سنن أبي داود، سنن ابن ماجة، مسند أحمد، موطأ مالك، سنن الدارمي).

[57] المرزوقي، الجواهر اللماعة...، م. س.، ص. 80.

[58] الطوخي الفلكي، السر المكشوف في طب الحروف، بيروت، المكتبة الثقافية، (د.ت.)، ص. 89-90.

[59] الطوخي الفلكي، سحر الكهان في حضور الجان، م. س.، ص. 30. وأسماء السور، وأرقام الآيات، الواقعة بين معقوفين هي من وضعنا.

[60] مرية مكريم، «الكتب الصفراء تعلمك: كيف تصبح ساحرا»، م. س.

[61] البوني، منبع أصول الحكمة، م. س.، ص. 62.

[62] الدمياطي، شرح الدمياطي والبرهتية والجلجوتية، م. س.، ص. 39.

[63] انظر، على سبيل المثال:

- Alfred Métraux, Religions et magies indiennes d’Amérique du Sud, Paris, Gallimard, 1967, Ch. V, pp. 103-116.

(وقد ترجمناه ونشرناه ضمن كتاب السحر من منظور إثنولوجي، مكناس، مطبعة سندي، 1999، صص. 45-59).

- ماجد الموصلي، «ملاحظات حول إثنولوجية شخصية الطبيب الشعبي»، التراث الشعبي، بغداد، دار الجاحظ للنشر - وزارة الثقافة والإعلام، العددان 9-10، السنة 12، أيلول-تشرين الأول، 1981، صص. 7-16.

- M. Eliade, Le chamanisme et les techniques archaïques de l’extase, Paris, Payot, 1983.

[64] الدمياطي، شرح الدمياطي...، م. س.، ص. 5-6.

[65] نفسـه، ص. 34.

[66] السيد الحسيني، السر الرباني في علوم الفلك والروحاني، م. س.، ص. 37-38.

[67] انظر نص تقديم الـ م. س.

[68] انظر: الاتحاد الاشتراكي ليوم 20/03/1988.

[69] محيي الدين بن عربي، الفتوحات المكية، بيروت، دار صادر، (د.ت.)، ج. 2، ص. 135.

 

 

محمد أسليـم

الإسـلام والسحـر

 

المحتــوى

مقدمــة

القـرآن والسحـر

الحديث النبـوي

تطـورات لاحقــة

مكونـات السحر العربي الإسـلامي

خـلاصــة

المصادر والمراجع

 

موقـع محمد أسليـــم - تاريخ الإنشاء: 27 ينايـر 2002.