المستحيل يوازيه ويكمله
احتفاء بهي آخر بالشعر وبأعراس القصيدة ضمن قصائد هذا الديوان.
الشاعر "محمد الشيخي" في ديوان (وردة المستحيل) يفك قيود الحصار ويسير
وحيدا يشق عباب البحار ويرتاح في عش ذاك الفضاء ، وهو بذلك في عشقه
لغرناطة والفردوس المفقود كان دائما راحلا إلى غياهب الحلم في الوصل
والحنين ليقضي مسامراته وسفرته التي لانهاية لها في هذا المكان، كأنه نورس لايسعد أو يهنأ له بال حتى يحوم في بحريقطف منه فاكهة الشمس وينشر
ألوانه في زحام الشوارع، ثم يمضي بعيدا في مجرى شهوة ذاك المساء.
وللإشارة فالشاعر محمد الشيخي واحد من الشعراء المغاربة الذين تناولتهم
أطروحة الشاعر عبد الله راجع حول شعراء جيل السبعينيات، فنجد إشارة في
مؤلف (القصيدة المغربية المعاصرة بنية الشهادة والاستشهاد) هذه الدراسة
النقدية أكد فيها عبدالله راجع: "... كان لزاما علي ألا أغض الطرف عن
هذا الحضور القوي والمتميز لمتن شعري ينبغي فحصه والتمعن فيه...
وفيما يلي إليكم نص الحوار:
* عرفت تجربة شعراء
جيل السبعينيات بمرحلة الجمر والرماد ، ومرحلة فوران الايديلوجية ، ما
الهم الذي كان يرفع لواءه هذا الجيل لتأسيس متن الحداثة الشعرية بالمغرب
؟
**...كان هناك الهم
الشعري ، وهناك عامل التوجيه... كنا نسعى الى تغيير الواقع، كما كنا نسعى
الى تغيير اللغة الشعرية و كذلك التصور، طبعا كان هذا إشكال استطاع البعض
أن يخرج منه سليما، والبعض الآخرأصبح معه الشعر عبارة عن شعارات مرحلية
إديلوجية لم تنته إلى الآن، والواقع أن الاديلوجية هي التي يجب ان تمتلك
الشعر، لكن هذه الاديلوجية تبدو مرتبطة بتصور وبدوغمائية معينة ، وبمرحلة
معينة، إذ أن الشعر لايمكن أن يرتبط بالمرحلية، وقد كان همي أنا وجيلي من
الشعراء ومنهم : أحمد بنميمون ، محمد بنطلحة وعبدالله راجع... كيف نستطيع
ان نحقق الشعرية و هي التي تلعب دورا أساسيا في تشكيل الصورة وفي تشكيل
اللغة والايقاع نفسه أصبح خافتا على عكس الايقاع السابق الذي كان إيقاع
من بريق...و هناك أيضا تحولات في الواقع، والناقد يمكن أن يرفض من الشاعر
نفسه .
* ديوانك
وردة المستحيل قلت كتب في فضاءات مختلفة، من بينها غرناطة... ماهو المكان
الذي أثر فيك وما هي حدود المكان الشعري... ومن جانب آخر بمن تأثرت من
الشعراء في مسارك الشعري ؟
** حقيقة أن
الديوان الاخير" وردة المستحيل" يحملني نحو فضاء مثل غرناطة، ولكن ليس
هذا الفضاء على المستوى المكاني والسياحي، وإنما كفضاء ثقافي، لذلك تجد
في الديوان "لوركا" و"آلبرتي" وأماكن معينة في غرناطة مثل : ساحة كارمن ،
ساحة الحمراء ،إلى غير ذلك... أما بالنسبة لتطوان فهناك حضور الذاكرة
والماضي و الطفولة ، إذا صح التعبير، هناك "باب الصعيدة" الذي كتبت فيه
قصيدتي الاولى ، وكذلك هناك فضاءات غابت عندما عشت ربع قرن في مدينة
الدار البيضاء وهذه المدينة هي التي شكلت الفضاء المكاني بالنسبة لشعري
في الديوانين السابقين .
* من كان معك في
تلك المرحلة مرحلة الدار البيضاء، التي تعتبر مرحلة الغليان السياسي
والثقافي ؟
**أتذكر
الشاعرالراحل أحمد الجوماري ، وقد أهديته قصيدة في ديوان وردة المستحيل ،
وكذلك الشاعر أحمد المجاطي، والمرحوم عبدالله راجع ك و الشاعر احمد
بنميمون الذي عاش معي فترة في الدار البيضاء، وكذلك شعراء آخرين مثل
إدريس الملياني، وغير ذلك من الشعراء ،هؤلاء طبعا ينتمون الى النقد
الصحافي (جيل الستينات والسبعينات) ولكن في الواقع لم يكن هؤلاء نسخة
واحدة فـ :عبدااله راجع ليس هو احمد بنميمون ولهذا فان النقد هو الذي صنف
هذه الفئة كأنها تشكيلة وهناك هم سياسي، لكن هذا غير صحيح ، و عندما أعود
أنا شخصيا كقارئ إلى شعري " حينما يتحول الحزن جمرا " لاأجد شعارات،
والشعرية لم تختف ، كل ما هناك أننا كنا نريد تغيير الواقع لذلك كان يجب
أن نناضل بتشكيل حداثة جديدة ،وصور جديدة و لخلق التعدد في إطار ما يسمى
بالحداثة الشعرية المعاصرة، وكان من الأجدر أن لانتحدث عن انتمائنا إلى
جيل واحد ،وإنما إلى خصوصية الفردية التي يجب أن نلمسها في اللغة و
الايقاع وتشكيل الصورة والفضاء والرؤيا .
* في هذه
اللحظة العربية الصعبة إننا نسأل عن جدوى الشعر وهل الشاعر نادم لكونه
شاعر، وما ضرورة الشعر في هذه اللحظة العربية؟
** يمكن أن
أجيب ببساطة عندما كتبت وردة المستحيل وهي آخرقصيدة في الديوان، كنت
قارئا مستحيلا ، كذلك في الحقيقة عدم الاستسلام للقبح وللشر هو شيئ أساسي
لذلك كان هناك خراب في الواقع، و خراب في الروح ، والقيم هي الشيء الباقي
في الروح المتوهجة ،والروح التي لا تستطيع أن تجدد نفسها يمكن أن تتجدد
في الخراب في القتل . الشعر يجب أن يقاوم هذا، هوفي الحقيقة لا يغير
الواقع ، ولا يستطيع كذلك أن يحارب القنابل الذكية، ولكنه يستطيع أن يصنع
إنسانا جديدا ، و يستطيع أن يعطي الايمان بالقيم الجميلة، و كما قلت
سابقا يمكن أن يجد الوردة ولو في إطار الخراب ،ومن بين أنقاض الخراب يمكن
أن ينشأ جيل جديد ،وإنسان له ثقة لكي يعيد كطائر العنقاء الرماد ، ويمكن
كذلك أن يخرج انسان جديد وشباب جديد .
* نعيش هذه الفترة عيد الكتاب إلى أي مدى ديوان شعري المغربي يجد رواجا
عند القارئ ؟ هل فعلا هذه حقيقة لو وضعنا مقارنة مع السابق حيث أن عدد
الدواوين التي كانت تطبع كانت بعدد أصابع اليد ؟
** هو في الواقع أن
عدد القراء هم من أصبحوا أكثر قلة ...أنا أتحدث عن تجربتي في إصداري
دواني الاول والثاني والثالث ، طبعا حتى من حيث عدد النسخ التي طبعتها في
ديواني الاول لم أتجرأ على طبعها في ديواني الأخير، و هذا مرتبط بالقراء
وقراء الشعر أصبحوا قلة ، اقل من السابق. لماذا ؟ ربما هذا سؤال طبعا
مرتبط بالكتابة، وبوسائل الاتصال ، فقراء الشعر صاروا اليوم قلة هل هذا
بسبب ما ينشر الآن من دواوين كثيرة ، ومتعددة حيث يطرح سؤال عميق ، هل كل
هذه الدواوين تنتمي الى ما يسمى بالشعر؟ .
* كلمة في الهواء
الطلق ؟
** كلمة حرة أنا في
الحقيقة أنتمي إلى مدينة تطوان ، عدت إليها مؤخرا بعد غيبة طويلة ، وهناك
بدأت استكشف طفولتي، وكذلك ذاكرتي . وأتمنى أن أكتب فيها قصائد بعد عمر
طويل إن شاء الله .
|