سعـاد جبـر

ثنائية ( وعي الذات ، الرمز ) في الأدب القصصي

 

 صقلت التيارات النفسية الحديثة ، حركة القص فيما بعد الحداثة ، وعكست فيه بعد انفتاح النص القصصي على عوالم الوعي الساكنة في أعماق شخوص النص الدفينة ، ومايستعور فيها من تضادات وتنهدات وبوح داخلي ، وقد لعب تيار الوعي دوراً بالغاً في صقل هذا الاتجاه القصصي وعكسه بعمق في حركة الأدب القصصي ، إذ يغوص فيها الراوي " السارد " في أغوار عمق شخوصه ويستنطق ما في أعماقها قبل نطقها على مساحات الواقع ، فيدير بمساراته السردية حورات داخلية تدور في جنبات تلك الذات ويوجه أدوات الكشف التصويرية على آتون أعماقها ، وتعرجات خلجاتها في أمواج صراعاتها الداخلية ، سعياً وراء كشف الذوات في النص السردي ، من خلال لغة خاصة تحمل شيفرات سلوكية ، مغلفة بالثوب الرمزي في القص .

وهنا ملتقى العلاقة الوثيقة بين النص المتفتق من بعد وعي الشخوص في نهج القص واللغة الرمزية في التعبير ، وذلك يعود لفرضية موضوعية ، مفادها أن خلجات أغوار النفس والمغامرة في كشف متعرجاتها ، مرجانها ،أمواجها المتصارعة ، منظومة التضادات في آتون أنفاسها ، لا يمكن أن تقوى على تلك الألتواءات ومطبات انحناءاتها وما يستعور في أغوارها الهائمة ، لغة ذات رتابة عادية في الأدب ، إذ لا يتناسب مع تلك الطاقات الفياضة المتدفقة في أغوار الذات وتقف عاجزة عن تشكيل اللوحة الذاتية في حوارها الداخلي وعوالم المونولوج المتدفقة منها ، فأقتضى التلازم مع تلك الفرضية ومعطياتها في النص الأدبي أن تتشكل تؤامة بين تلك الثمرة القصصية المتولدة من أغوار الكينونة النفسية والكينونة الذهنية في التحامها العابر من الذاكرة وعوالم المخيلة إلى النص القصصي غبر فنيات اللغة الرمزية في التعبير ، إذ تنطلق مساراتها في دواليب رؤى عميقة متدبرة ومعبرة بسحر فني عن عوالم تداعيات تلك الذات وما يعتريها من انكسارات ، متناقضات ، في لغة تستنطق ( الزمن ) باعتباره يحمل في جوهره وشيجة ملتحمة مع تيار الوعي المعبر عن عوالم الوعي والشعور في الذات المتشكلة في النص القصصي إذ يعد أداة مهمة في المضي بتكثيف العرض مع الإضاءات المركزة الموجهة بانعكاس على الذات المخترقة للزمان في اسقاطاتها الشعورية ، وكذلك عنصر المكان يشكل وحدة فنية في تشكيل سيمفونية لغة الوعي وتداعياتها في النص القصصي الدائر في منظومة تيار وعي الذات ، وترجمته من خلال شيفرات سلوكية من النص القصصي .

وبذلك يسهم البعد النفسي في كشف الستار عن الشخوص المتحركة المتحركة بعنفوان وحراك نشط في النص ملتقيا في تؤامة نجاح العمل القصصي مع سائر أدوات الكشف من عناصر العمل القصصي من المونولوج وفينات الحوار الداخلي وعنصر الزمان والمكان وما يحمل من اسقاطات شعورية وأدوات العبور من كينونة النفس ، العقل إلى الذاكرة والمخيلة الخصبة في انسكاب النفس على النص في لغة رمزية تصهر الجميع في لوحة قصصية معبرة تتكاتف مع سائر أدوات العمل الفني في القص فيبدو لن النص القصصي في ألق العرض ، وبهاء الطلة ، وثراء الغوص في عوالم وعي الشخوص ، وجمال البناء في السرد ، في تراقص لغة رشيقة سلسة بين أعيننا ، تستهوي الفكر والقلب معا ، في مسيرة إثراء المنجز القصصي في لغة الجمال والإبداع

أرجو ان أكون قد وفقت في هذه الإطلالة في عوالم تيارات وعي الذات وبرمجتها في المنجز القصصي ، ورسمها بلغة موجزة موفية الغرض والهدف المنشود في عرضنها ، حتى يتحقق ما أصبو إليه في إثراء الثقافة القصصية لدي كتاب القصة القصيرة والقاء الضوء على أبعادها المتنوعة في مسيرة تهدف إلى تؤامة العمل القصصي مع الحركة النقدية الهادفة البناءة التي لا تنظر من بعد عاجي للعمل القصصي ، بل تتبنى مدرسة النقد الحديثة التي ترنو نحو البناء الملتحم في بنية النص القصصي وما يتولد عنه من قراءات للنص تتشكل في منظومة جيناته في العرض بحيث تصبو إلى الإمتاع والإبداع معا في العمل القصصي والحركة النقدية .

 

 

موارد نصيــة

سعـاد جبـر

 

 

المحتــوى

ثنايئة الوعي ، الرمز في النص القصصي

الإبداع الأدبي بين الماهية والواقع

الأدب القصصي بين الحداثة والواقع

 ثنايئة التعبيـر، التفسير في لغة الأدب

ضبط الكاتب لمسارات شخوصه في النص القصصي

وقفة نقدية في القصة القصيرة جدا

القصة القصيرة الميلاد والتساؤلات 

ثنائية (المواطن - النخبة) في كتابات بوفاتح سبقاق القصصية

ثنائية ( العشق، الرفض ) للمجتمع في المشهد الأدبي

 
 
 
جماليـــات إضــــــاءات

حــوارات

مقـــــــالات

تر جمــات دراســـات نصــوص سرديــة بطاقـة تعريـف   
للاتصـــــــال خدمـــــــــات

خــــــاص

مواقع مفضلـة مواقع صديقة مكتبات الموقع كشك الموقـع مـوارد نصيـة

موقـع محمد أسليـــم - تاريخ الإنشاء: 27 ينايـر 2002.