السنــة الجامعية:
2001-2002
|
مركز تكوين المفتشيـــــن |
سلك المفتشين المركزيين - السنة الأولى.
المـــادة: مناهـج البحــث
تحديد موضوع البحـــث
تعتبر هذه الخطوة تعد أشد خطوات البحث صعوبة. مبدئيا يكون
الباحث حُرّا في اختيار أي موضوع في ودراسته بالمنهج الذي
يبدو له أكثر ملاءمة للإجابة عن جميع الأسئلة التي تخطر على
باله.
لكن كثيرا ما يحدث أن يخطئ البحث الطريقَ منذ نقطة الانطلاق،
لكون الأسئلة المطروحة تكون بسيطة جدا أو شديدة العمومية، أو
لكون مجال البحث المختار يكون غير محدد بدقة أو من الصعب جدا
الإحاطة به، أو لكون المنهج المختار لا يلائم المشكل المراد
دراسته. ولذا يحدث أن يبذر المرء شهورا في بدل مجهودات جادة
حول عمل ما لتتضح بعد ذلك العيوب الكثيرة التي ينطوي عليها،
والمترتبة عن عدم التهييء الجيد له.
ولذلك يجب على الباحث أن يفكر مليا في اختيار العناصر التي
تشكل المبادئ الأساسية للبحث وهي: موضوع البحث، الإطار
المرجعي (أو النظري) للبحث، منهج البحث، ثم صياغة الإشكالية.
لدى اختيار موضوع البحث، يجب معرفة ما إذا كانت هناك فائدة
معينة في دراسة قضية معينة، ثم رؤية إلى أي حد سبق التطرق
لهذا الموضوع، وهل تم ذلك بما فيه الكفاية أم لا. إذ يحدث أن
«تُوسَعَ» قضية ما بحثا دون أن تستنفد كافة جوانبها.
وهناك من يقرن ولادة البحث بمشكلة أو سؤال يكون في حاجة إلى
حل أو جواب، لكي يكون هذا السؤال أو المشكلة قابلا للخضوع
للبحث العملي يتعين أن تتوفر فيه خاصية أساسية، هي: إمكان
وضعه بطريقة تتيح الإجابة عنه باستعمال الملاحظة والتجريب.
يترتب عن ذلك إقصاء الأسئلة التي تتضمن اختيارات أو قيما لا
يمكن بناء الإجابة عنها على أساس الحقائق العلمية فقط.
مثــــــــــال1:
«هل تدريس التلاميذ بالطريقة الحوارية تؤدي إلى زيادة نقطهم
في الاختبارات التقويمية أكثر من طريقة الإلقاء؟»
مثل هذا السؤال يمكن فحصه تجريبيا عن طريق مقارنة مجموعتين
متكافئتين من التلاميذ، درست إحداهما عن طريق الحوار والأخرى
عن طريق الإلقاء، شريطة أن تتكافأ المجموعتان في كل شيء عدا
طريقة التدريس.
مثـــــــال2:
«هـل طريقـة الحـوار أفضـل للتلاميذ من طريقـة الإلقـاء؟»
لا يمكن فحصه علميا ما لم يعرف المقصود بكلمة «أفضل»، ومعرفة
كيفية قياس «الأفضلية»
ومما سبق تتضح ضرورة الابتعاد عن الكلمات المتضمنة لأحكام
القيمة أثناء تحديد المشكلة.
في مجال البحث لا يمكن القول بأفضلية موضوع على آخر، كما لا
توجد قاعدة لاختيار مشكلة دون غيرها. غير أنه قبل مباشرة هذه
العملية يحسن بالباحث أن يتساءل عما إذا كانت هناك فائدة ما
في دراسة قضية خاصة، ثم إلى أي حد تم التطرق إليها، وهل تمَّ
ذلك بما فيه الكفاية. وحتى في هذه الحالة، فإن ذلك لا ينبغي
أن يثني عن التفكير في البحث في الموضوع، إذ كثيرة هي
المواضيع التي يكون الباحثون قد «أشبعوها» بحثا ومع ذلك تظل
جوانب فيها محتاجة إلى تعميق وإضاءة.
لإنجاز هذه المرحلة، يحسن استشارة بعض الكتب البيبليوغرافية
المتخصصة، والبيبليوغرافيات الموجودة في نهاية المؤلفات التي
تطرقت للموضوع نفسه أو لقضايا تتقاطع معه بهذا القدر أو ذاك.
كما يحسن أيضا استشارة بعض الأشخاص ذوي الكفاءة أو المتخصصين
في الموضوع المزمع إنجاز بحث فيه. فهذه الاستشارة كثيرا ما
تكون نافعة جدا لكون هؤلاء الأشخاص يمكن أن يرشدوا الطالب
إلى بعض جوانب الموضوع التي لم يطلها البحث بعد أو إلى زوايا
منه لا زالت تستحق دراسات معمقة.
وعموما، مهما يكن موضوع البحث الذي يقع عليه الاختيار، فإنه
يتعين على الباحث استحضار الشروط التي تم فيها هذا الانتقاء.
فلعملية الاستبطان، هذه، ميزة إتاحتها للباحث فهم المواقف
التي تظهر أثناء إنجاز البحث، وبالتالي تساعد على اجتياز
المراحل الصعبة.
هذه الظروف يمكن أن تنبع من: اهتمام خــاص بالموضوع، أو من
الموقع الخاص لصاحب البحث (احتلاله موقعا إداريا يتيح له
اللقاء مباشرة بالمبحوثين - أو مزاولته لوظيف يسهل عملية
الحصول على الوثائق...). كما يمكن أن تنبع من إثارة للموضوع
في محاضرة أو الوقوف عليه خلال المطالعة مما يولد إرادة في
الدفع بالتأمل في المسألة إلى مستوى أرقى. كما قد تنشأ تلك
الظروف من وجود غاية عملية من البحث (قطاعات الطفولة
والاجتماع والأنثروبولوجيا التطبيقية)، أو من إحساس بقصور
الدراسات التي تناولته، وبالتالي إرادة المساهمة شخصيا في
المسألة. أخيرا يمكن أن يصدر اقتراح الموضوع عن أستاذ أو
رئيس مؤسسة.
ومهما يكن من أمر هذه الظروف، فإن الطالب حالما يختار موضوع
بحثه يصبح هذا الأخير محور اهتمامه. وهنا لابد من إدخال طابع
النسبية على البحث من خلال ربطه بالمدة الزمنية التي سينجز
فيهـا، والمكان الذي سينجـز فيه، والتيارات الفكرية الشائعة
أو المناخ الفكري السائد أثناء إنجـازه (استحضار الأطر
النظرية السائدة).
كما يحسن اتباع قاعدة عامة يمكن اعتبارها بمثابة قانون، وهي:
اختيار موضوع محدود جدا مع وضعه في سياقات أعم.
*
مثــــال 1: «التسرب الدراسي في المغرب» موضوع لا يمكن
للطالب أن يفكر في اختياره كبحث لامتحان التخرج، وذلك نظرا
لإغراقه في العمومية.
*
مثــــال 2: «التسرب الدراسي في التعليم الأساسي بالوسط
القروي في المغرب من سنة 1990 إلى 1995، قرية (س) نموذجا».
يمكن أن يشكل موضوعا مفيدا للغاية.
ومعنى ذلك لكي يكون موضوعا ما مفيدا، فإنه يتعين وضعه في
سياقات أعم، أي موضعة المؤسسة التعليمية موضوع الدراسة في
السياق الاقتصادي للمنطقة، ودراسة البنية السكنية بالمنطقة،
وروح الجماعة ومزاجها
(ethos)
إلخ.
وللإحاطة بهـذه السياقـات العامـة يجـب الاطـلاع علـى
الأدبيـات الموجودة. ومن ثم، يأخذ البحث الوثائقي قيمته في
كل بحث جامعي. وتتعدى أهمية الأدوات الوثائقية وضرورتها هذا
الجانب إلى مراحل أخرى من البحث، سيما منها تلك التي تمس
التحليل المعمق للموضوع، وعرض النتائج التي توصلت إليها
أبحاث ميدانية سابقة، مثلا، لتأكيدها أو دحضها، أو عقد
مقارنات، بالإحالة على بعض المؤلفين أو المؤلفات.
وعدد الصفحات التي يتعين منحها لهذه السياقات، أثناء تحرير
البحث، يجب أن تكون متناسبة عكسيا مع «اتساع» السياق
المدروس، كما يتضح من الرسم البياني التالي:


أ = المشكل أو جانب من المشكلة موضوع البحث؛
أ' = التحليل المفصل لـ أ، واقتراحات لتغييره احتمالا؛
ب - المحيط المباشر لـ أ؛
ب' = وصف هذا المحيط؛
ج = السياق االعـام؛
ج' = وصف هذا السيـاق العام؛
د = السيـاق الأعـم، الأكثـر اتساعا؛
د' = تحديـد مفاهيـم البحث العامة جدا، والأولية.
(1) = فهـرست المحتويات، تصديـر، مقدمـة.
(2) = خلاصات عامـة والبيبليوغرافيا النهائيـة.
المسافـة أ ب = العدد الإجمالي لصفحات البحث.
*
مثـــــال:
أ = جوانب من مشكلة تعليمية في مستوى معين بمدرسة محددة؛
ب = وضعية أقسام هذا المستوى في المدرسة، من الزوايا التي
تهم المشكلة أ؛
ج = المدرسة [التي تتضمن الفصول المدروسة] في سياقها الجهوي
أو الوطني، دائما من الزوايا التي تهم المشكلة أ؛
د = مقارنات عالمية، التعريفات والمفاهيم الأولية المتعلقة
بـالمشكلة أ.
بعد اختيار موضوع البحث يكون الطالب أمام حرية مؤقتة، فيضع
عنوانا مؤقتا، وتصميما مؤقتا، ووصفا إجماليا لموضوع الدراسة
محددا تحديدا جيدا، وكذا وصفا مفصلا بهذا القدر أو ذاك
للمنهج (أو المناهج) الذي يعتزم استعماله، وأخيرا لا ئحة
للإحالات البيبليوغرافية.
كما يتعين على هذا التقرير أن يتضمن إشكالية البحث
و''فرضيته'' أو فرضياته)، إذا كان الطالب قد اهتدى إليها، أي
السؤال الرئيسي للبحث وفكرة عامة يكون الطالب قد افترضها
كجواب مؤقت عن هذا السؤال، وسيتخذها بمثابة الخيط الناظم
للبحث.
*
مثال للفرضيات:
- عن طريق إنجاز تغييرات معينة (تحدد فيما بعد)، يمكن تحسين
مستوى التحصيل الدراسي في فصل معين بمؤسسة تعليمية محددة.
- يمكن القضاء على ظاهرة الشغب في الفصول (س) بالمدرسة (ي)
عن طريق تحسين العلاقة بين المدرسين والتلاميذ...
بعد تسجيل موضوع البحث، يتعين اتباع تعليمات المؤسسة التي
سيقدم إليها. وعنوان البحث وإن كان قابلا للتعديل فيما بعد،
فإنه يجب مع ذلك صياغته صياغة جيدة، بحيث يكون قصيرا ووافيا.
ومن ثمة أهمية اختيار العناوين الفرعية في كثير من الأحيان.
*
أمثــلة:
- "الماركسية والتحليل النفسي" عنوان مغرق في العمومية،
ويكاد يجعل البحث غير قابل للإنجاز في سنة جامعية واحدة. لكن
إذا قُيِّدَ باللجوء إلى عنوان فرعي بحيث يصير، مثلا:
الماركسية والتحليل النفسي
من خلال "العائلة المقدسة" لماركس و"الطوطم والحرام" لفرويد
صار بحثا قابلا للإنجاز.
- تمثل التلميذ للأستاذ وأثره في التحصيل الدراسي" عنوان
مغرق في العمومية أيضا، لكن يمكن تقييده وجعله دقيقا وقابلا
للبحث، وذلك بجعله يصير مثلا:
"أثر تمثل التلميذ للأستاذ في التحصيل الدراسي بالتعليم
الأساسي
نموذج السنة الأولى بمجموعة مدارس (س)
يتعين على التصميم المؤقت أن يتضمن - بالتفصيل - كافة خطوات
إنجاز البحث، لكن مع إضافة تفاصيل كثيرة بحسب ما يقتضيه
موضوع البحث. وهو يختلف عن تصميم التحرير النهائي للبحث، هذا
الأخير الذي تعد صياغته أساسية جدا للتحرير لأنه هو الذي
سيحدد الطول الخاص بأبواب وفصول ومباحث البحث بكامله.
لدى وضع التصميم النهائي للبحث، يجب احترام مجموعة من
المبادئ، بحيث يتضمن العملُ العناصرَ التي نعرضها في الخطاطة
التالية:
- غلافا من ورق الكارتون يتضمن عنوان البحث (انظر المطبوع
الخاص بالبحث الذي أعده المركز)
- ورقة تتضمن عنوان البحث
- صفحة الشكر
- فهرست المحتويات
- قائمة علامات الاختصارات إن وُجِدَتْ
تقديــــم (أو تصدير)
مقدمـــة
البــاب الأول: عنــوان
الفصــل الأول: عنــوان
المبحـث الأول:
عنـوان
1. المطلب الأول
2. المطلب الثاني
3. المطلب الثالث
المبحـث الثانـي: عنــوان
1. المطلب الأول
2. المطلب الثانـي
الفصـل الثانـي: عنـوان
1. المبحث الأول: عنـوان
2. المبحث الثاني: عنـوان
3. المبحث الثالث: عنـوان
الباب الثانـي: عنــوان
الفصل الأول: عنــوان
المبحث الأول: عنـوان
1. المطلب الأول
2. المطلب الثاني
3. المطلب الثالث
المبحـث الثانـي: عنــوان
1. المطلب الأول
2. المطلب الثانـي
الفصـل الثانـي: عنــوان
1. المبحث الأول: عنـوان، إلخ.
استنتاجات عامـة
بيبليوغرافيــا
ملاحـق
(إن كان للبحث ملاحق)
غلاف من الكارتون لا يكتب عليه أي شيء
وأثناء وضع هذا التصميم يتعين مراعاة مبدأ عام يتمثل في
توازن الأجزاء، بمعنى أن تتكافأ فقرات المباحث في الطول،
والفصول في عدد المباحث والصفحات...
|