محمد شكـري

الحلقـة الرابعـة:

المدينة بالنسبة للبدوي صدمة حضارية وستظل طنجة مدينتي الاثيرة رغم أن هناك مدنا أجمل منها
ابي هرب من فرانكو وكنت أقتات من أزبال النصاري الغنية لأن أزبال المغاربة المسلمين كانت فقيرة

حاوره:        يحيي بن الوليد  و الزبير بن بوشتي

يرفض محمد شكري الربط بين الايديولوجيا والادب، ويترفع عن الحديث عن السياسة. فهو يقول ان علاقاته مع كل الاحزاب السياسية جيدة، ويكتب في كل المجلات الحزبية باعتبارها نوافذ للكتابة وليست كمصادر للولاء الحزبي. ويقول ان كل رؤساء الاحزاب المغربية شجعوه علي الكتابة ولم يطلبوا منه الانتماء الي مؤسساتهم الحزبية. في الاطار الاخر يعود شكري للحديث عن تجربته مع مدينة طنجة، وهي المدينة التي يعترف انها لم تجد بعد كاتبها القادر علي نقل سحرها بنفس الطريقة التي تم فيها نقل اساطير مدن اخري. ولا ينظر شكري لنفسه باعتباره كاتب طنجة او الكاتب الذي ادخل المدينة في الوعي الانساني، والكتابي الادبي. ما كتب عن المدينة ليس الا مجرد ارهاصات عن سحر مدينة، كانت عاصمة دولية لكل الهاربين والباحثين عن تحرر من عقدهم ومشاكلهم، ثم اصبحت اليوم ميناء لا قيمة له.



محمد شكري وسؤال المغرب الآن

يحيي بن الوليد: يظهر أن المغرب عرف تحولات سياسية في الآونة الاخيرة، ولذلك كيف ينظر محمد شكري من موقعه كاتبا الي هذه التحولات بل هل هناك تحولات سياسية في نظرك ؟
محمد شكري: لا نستطيع أن نحكم علي نتائج التحولات السياسية وتصفية بعض الكوادر التي كانت موجودة في عهد المرحوم الحسن الثاني. إنها مازالت في طريق التصفية. وتصفية هذه الكوادر التي أساء بعضها الي المسيرة السياسية السوية التي تذمر منها المغاربة، هي سياسة سارية، وآخذة مسارها القويم. هناك بشارات، ولا ينبغي لنا أن نستعجل إنجازها قبل أوانها المناسب.
يحيي بن الوليد: وقد يكون التناوب أهم حدث سياسي عرفه المغرب في نهاية القرن. وقد التزم بعض المثقفين الصمت تجاه هذا الحدث، فيما ابدي البعض الآخر موقفه من هذا الحدث، كيف يمكن لمحمد شكري أن يتدخل في هذا الموضوع ؟
محمد شكري: طبعا. أنت تلقي علي سؤالا سياسيا وأنا لست منتميا حزبيا.
يحيي بن الوليد: ولكن هناك أكثر من روائي يتحدث في أمور السياسة والايديولوجيا ؟
محمد شكري: ومن قال لك أنا أحدهم ؟ أنا لا أكتب في السياسة والايديولوجيا. كل ما هنالك هو أنه لي علاقات حميمة جدا قديمة وبعضها حديث مع بعض الاخوان السياسيين الذين أستفيد من تحليلاتهم السياسية تجاه حكومة التناوب. واستنتاجي، من خلال محادثاتي معهم ـ وهم أعمق مني سياسيا ـ استنتجت أن حكومة التناوب تقوم بتنوير بعض العتمات التي كانت مظلمة قبل توليها مسؤوليتها. أنا معجب بعبد الرحمن اليوسفي المناضل القديم والحديث. أهديت له في طنجة كتابي غواية الشحرور الابيض . وهو سيرة قراءاتي. وقد ابتسم لهذا الاهداء وانشرح في بهو أحد الفنادق صحبة محمد بن يحيي، الصديق المشترك مع محمد خير الدين (الطائر الازرق) كما كنا نسميه مداعبة.
يحيي بن الوليد: وكان سيحضر افتتاح النشاط الذي نظمه فرع طنجة لاتحاد كتاب المغرب حول تجربتك ومحمد الاشعري وزير الثقافة و الاتصال بلّغ لك تحيته في هذا الافتتاح.
محمد شكري: أعتذر لكونه أصيب بوعكة صحية منعته من الحضور. وهذا ليست أول مرة يولي فيها عبد الرحمن اليوسفي اهتماما بالمنتديات الثقافية.
يحيي بن الوليد: وعلاقتك بموسم أصيلة كيف تراها ؟
محمد شكري: علاقة ودية منذ تأسيسه. وإذا كنت لا أشارك في أنشطته فلأنّ المواضيع التي تطرح فيه ليست من تخصصي. وقد بيّنت ذلك في كلمة وجيزة ألقيتها في حفل الاختتام للسنة الماضية (2000) علاقتي بأصيلة وبأهلها بدأت في بداية الخمسينات، فقد أخذني أحد أبنائها الي العرائش لأحارب الامية. ثم إن علاقتي بمحمد بن عيسي ومحمد المليحي فيها الكثير من التقدير والصداقة المتبادلين منذ أكثر من ثلاثين سنة.
يحيي بن الوليد: نعود الي المسألة الحزبية في المغرب، ومن هنا كيف تنظر الي الكتاب الذين ينتمون الي أحزاب معينة ؟
محمد شكري: علاقتي هي بالاشخاص وليست بالمنضمين الي أي حزب. فقد سبق لي أن قلت بأني قد أفطر مع عبد الجبار السحيمي، وأتغدي مع محمد برادة وأتعشي مع عبد الله الستوكي. ومعلوم أن انتماءهم السياسي مختلف.
يحيي بن الوليد: ألم يحاول حزب معين أن يستقطبك؟
محمد شكري: لقد جالست علال الفاسي (زعيم حزب الاستقلال)، محمد اليازغي (نائب الكاتب الاول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية) والمعطي بوعبيد (الرئيس المؤسس للاتحاد الدستوري) ولم تكن مسألة الاستقطاب واردة. كنت أقدر سياستهم الوطنية وكانوا هم يشجعونني علي الاستمرار في الكتابة، خاصة علال الفاسي . أما التعاطف مع حزب معين التوجه يخصني.
يحيي بن الوليد: كما هو معروف، الصحافة المغربية أغلبها متحزب فكيف تعاملت معك هذه الصحافة؟
محمد شكري: ما يعنيني هو جودة الصحيفة أو المجلة وليس توجهها الحزبي. لقد نشرت في معظم المنابر اليسارية واليمينية.
يحيي بن الوليد: وكيف تنظر الي وجود الشاعر محمد الاشعري علي رأس وزارة الثقافة.
محمد شكري: منصب تولاه في الوقت المناسب وهو يستحقه عن جدارة.
يحيي بن الوليد: واتحاد كتاب المغرب ما الذي قدمه لك وما الذي قدمته له ؟
محمد شكري: كلانا خدم الآخر، فقد شاركت في الكثير من تظاهراته الثقافية بدءا من أواخر الستينات. ثم إنه هو الذي ساهم الي جانب محمد الاشعري وزير الثقافة في رفع المنع عن الخبز الحافي الذي بقي محبوسا سبع عشرة سنة.
يحيي بن الوليد: الملاحظ أنك في الآونة الاخيرة أخذت تقاطع مؤتمرات الاتحاد هل يعود ذلك الي المسألة الاجيالية أو الي موقف معين ؟
محمد شكري: لقد طغي علي بعض مؤتمراته التهافت الي حد الشتم علانية أو في الكواليس. وهذا ما أبعدني عن المشاركة في تجديد مكتبه المركزي أكثر من مرة.
يحيي بن الوليد: وكيف تنظر الي رئيسه الحالي حسن نجمي ؟
محمد شكري: يتسم حسن نجمي بالرزانة والجدية في مواقفه الوطنية والثقافية. إنه عميق في شاعريته وحميم في صداقته، أما خلافاته الحزبية فهو العــارف بما ينفـــعه منها ولا ما ينفعه.

طنجة

الزبير بن بوشتي: هل تستطيع أن تستحضر صورة طنجة كما رأتها عيناك الطفليتان وأنت تحل بها لأول مرة؟
محمد شكري: لا أستحضر كل شيء بكامل الوضوح. هناك انفلاتات. هجرة المجاعة الريفية ـ مثلاـ تحتفظ ذاكرتي ببعض ملامحها وليس بكل ما حدث أثناء الرحلة رغم أنني عشت منتها. لا أذكر بالضبط كم دام مشينا علي الاقدام لكي نصل الي طنجة ـ الفردوس آنذاك ! غير أني أذكر الناس الذين كانوا يسقطون أحيانا مرضي وأحيانا موتي. رأيتهم يدفنون حيث كانوا ينهارون. الجوع والعياء كانا قاتلين. عندما بلغنا طنجة لم نجدها ذلك الفردوس الموعود لكنها لم تكن جحيما. من سوء حظنا أن أبي كان جنديا هاربا من جيش فرانكو. قبض عليه وسجن سنتين قضاهما بين طنجة وأصيلة. اضطرت أمي الي بيع الخضر والفواكه في أسواق المدينة وأنا كنت أقتات من أزبال النصاري الغنية لأن أزبال المغاربة المسلمين كانت فقيرة.
الزبير بن بوشتي: نود لو تحدثنا عن علاقتك بالمدينة وطفولتك فيها.
محمد شكري: الحقيقة ليست علاقة بقدر ما هي صدمة ! لأن العلاقة تسعي إليها. إنها صدمة بين المعيش القروي والمدينة. أنا خرجت من قريتي الريفية الواقعة في نواحي الناظور وجئت الي مدينة طنجة قهرا وليس اختيارا. لقد أوتي بي كما أوتي بالآخرين.
الزبير بن بوشتي: لماذا كانت طنجة صدمة؟
محمد شكري: لأنني لم أكن آمنا فيها بل إنني كنت أعيش في حالة طوارئ بين السادسة والسابعة من عمري وجدت نفسي فريسة ظروف الشارع. المدينة بالنسبة للبدوي صدمة حضارية. وككل البدويين بهرتني أضواء المدينة. ستظل طنجة مدينتي الاثيرة رغم أن هناك مدنا أجمل منها.
يحيي بن الوليد: حتي الآن تحدثت عن دهشتك الاولي بطنجة الكوسموبوليتية، من داخل هذا الاطار هل يمكن لك أن تحدثنا عن الفضاء الانساني في مدينة طنجة أيام شموليتها؟
محمد شكري: يعرف الجميع أن ما كان سائدا في هذه المدينة هو الطغيان الكوني الاستعماري باعتبارها لم تعش الاستعمار بمفهومه التقليدي أي من قبل دولة واحدة بل كانت مستعمرة دولية. الحكم فيها كان دوليا. وبطبيعة الحال كان المغاربة محرومين من الامتيازات الاجتماعية والسياسية ما عدا الفئة المتعاونة مع الاستعمار حفاظا علي مصالحها. كان ميناء طنجة في عهدها الدولي يشكل عمودها الفقري: بواخر حربية وغير حربية. أما الآنه فقد أصبح ميناؤها ثانويا جدا. ومدن الموانئ، صعب التعامل معها.
الزبير بن بوشتي: وهل كانت طنجة كذلك ؟
محمد شكري: لم تكن تقل خطورة عن مدن الموانئ المعروفة بالقرصنة والاغتيالات والمؤامرات... لذلك كانت في عهدها الدولي تعرف بمدينة المافيا وتصفية الحسابات الي درجة أنهم وصفوها بالفرنسية TangerـDanger. كانت تشكل ملجأ ومحمية للمهربين والمجرمين المضاربين والمتاجرين في الممنوعات والمتابعين في بلدانهم والذين كانوا يحتمون بسيادة نظامها المتعدد الجنسيات. لذلك فإن الحديث عن الفضاء الانساني في طنجة ـ في هذه الفترة ـ فيه كثير من التعقيبات، فرغم سحرية تاريخها ستبقي بالنسبة لي، مدينة معقدة جدا. وهذا لا يعني شتمها بل هو تاريخها الذي تتميز به.
الزبير بن بوشتي: لقد اشتهرت طنجة كمدينة للديبلوماسية والجاسوسية والتهريب والاغتيالات لها ارتباط وثيق بالميناء، لكن ما طبيعة العلاقة التي كانت تجمعك بهذا الميناء.
محمد شكري: علاقتي بالميناء كانت علاقة عمل بحثا عن القوت اليومي. كنت أبيع مختلف البضائع للاجانب مدنيين وعسكريين.
الزبير بن بوشتي: وما هي نوعية هذه السلع التي كنت تتاجر فيها؟
محمد شكري: نماذج من الصناعة التقليدية، وأحيانا أبيع للجنود الامريكيين الكيف.
الزبير بن بوشتي: كما كنت صلة وصل بين الميناء و بورديلات السوق الداخلي.
محمد شكري: نعم كنت أقود الجنود الامريكيين للمواخير الاوروبية وليس المواخير المغربية. كانت هذه المواخير تخضع للرقابة الصحية. ماخور مدام سيمون كان الاشهر.
الزبير بن بوشتي: ما موقع السوق الداخل في حياتك وكتاباتك؟
محمد شكري: إنه فضاء عالمي يعج بكل الاجناس. طنجة معروفة قديما بهذا السوق الذي يمثل قلبها. ومعلوم أن المدينة كانت لها سبعة أبواب تقفل في المساء. لم يبدأ العمران خارج المدينة إلا في العقد الاول من القرن العشرين.
يحيي بن الوليد: ننتقل الآن الي الوسط الثقافي في مدينة طنجة. كيف اكتشفته؟
محمد شكري: نحن نعرف أن الفضاء الشمولي بالنسبة للروائي والقاص أغني وأوسع أفق من فضاء الشاعر. فضاء الشاعر محدود، وبما ان علاقتي مع الكتابة بدأت شعرا فقد دشنت مسيرتي الادبية شاعرا فاشلا.
يحيي بن الوليد: وطبيعة المواضيع التي كنت تكتب فيها؟
محمد شكري: كانت مواضيع رومانسية.
يحيي بن الوليد: وهذا كان سائدا في تلك الفترة حتي في مدينة تطـوان؟
محمد شكري: نعم. لقد قضيت فيها طفولتي وجزءا من مراهقتي. لم أبدأ الكتابة إلا عندما جئت الي طنجة لأدرّس فيها.
الزبير بن بوشتي: لنعد الي اكتشافك للفضاء الثقافي في مدينة طنجة والدهشة الاولي.
محمد شكري: مغربيا، لم يكن هناك وجود لفضاء ثقافي حقيقي في مدينة طنجة. كانت هناك أسماء عددها لا يتجاوز أصابع اليد. لم يكن هناك مناخ أدبي مغربي ماعدا كتابات تقليدية لها علاقة بالكتابة الفقهية أكثر منها أدبية. والمحاولات الادبية التي كانت تظهر وتختفي، خاصة في الستينات، ارتبطت بالنضال السياسي. لذلك فقد كان الفعل الثقافي والادبي لم يتأسسا بعد بمفهوميهما الرقيين عن الفضاء العام في مدينة طنجة بينما الحضور الادبي والفني كانا قويين عند الاجانب. كان هنا من المقيمين مثل بول بولز وجين آور وبراين غايسن وهو رسام أكثر منه شاعراً أو روائياً. ترجمت روايته الوحيدة الي الفرنسية بعنوان الصحراء المفترسة . أما الذين كانوا يزورون طنجة علي فترات قصيرة أو طويلة فلا حصر لهم. غير أن هؤلاء لم يكونوا بالضرورة يكتبون عن طنجة إلا شذرات موزعة في بعض أعمالهم. كانوا ينقحون هنا ما كانوا قد كتبوه في أماكن أخري. فضاء طنجة في معظمه كان شبه استراحة لهم. جون هايكنز كتب ذباب طنجة ، ولكنها رواية لا قيمة لها أدبيا. كما أن هناك كتابا آخرين يأتون إليها للاقامة فيها لمدة معينة والكتابة عنها. وهذه الكتابات السريعة لا تدوم إلا كانبهار إن كان فيها ما يبهر.
يحيي بن الوليد: يبدو من خلال حديثك أن لك ميلا للكتاب الاجانب أكثر من ميلك للكتاب المغاربة الذين كتبوا عن طنجة. في نظرك ما هي الاعمال غير التافهة التي كتبت عن طنجة من طرف الاجانب ؟
محمد شكري: إن طنجة لم تجد بعد كاتبها الحقيقي في مستوي وليام فوكنر أو غارسيا اللذين كتبا عن فضائهما.
الزبير بن بوشتي: هل يعني هذا أن محمد شكري لا يعد نفسه كاتب مدينة طنجة ؟
محمد شكري: لا أعد نفسي في مستوي زخم تحولاتها علي جميع المستويات الثقافية والحضارية. ما كتب عنها لا يعدو أن يكون إرهاصات حاولت لم شتات الذاكرة في محاولات شتي سواء ما كتبته أنا أو ما كتبه عنها كتاب زاروها أو أقاموا فيها من الاجانب مثل وليام بواروز في روايته الغداء العاري وبولز في روايته دعه يسقط . ومن المغاربة محمد برادة في روايته الضوء الهارب ومحمد عز الدين التازي في عمله مغارات و فراق في طنجة لعبد الرحيم المودن. إن الكتابات الواقعية حميمية في تعاملها مع الفضاء والزيارات الخاطفة لطنجة لا تحقق روح فضائها.
الزبير بن بوشتي: حتي الآن لم نتحدث إلا ان الكتاب الاوروبيين وبعض الكتاب المغاربة الذين خصصوا لطنجة كتابا من كتبهم، لكن ماذا عن الكتاب العرب المشارقة؟
محمد شكري: أنا لم أسمع حتي الآن عن مشرقي كتب كتابا عن طنجة.
الزبير بن بوشتي: الي ماذا تعزو عدم كتابة المشارقة عن طنجة ؟
محمد شكري: لأنهم زاروها ولم يعيشوا فيها. ولم يبدأوا في زيارتها إلا لدي انطلاق موسم أصيلة الثقافي منذ اثنتين وعشرين سنة. لقد زرت القاهرة لمدة لا تتجاوز أحد عشر يوما وعدت منها دون أكتب عنها شيئا. لا أستطيع أن أكتب عن مدينة مكثت فيها أسبوعا أو اسبوعين. إن الكتابة المتسرعة مثل البطاقات البريدية تموت بمجرد توصلك بها وقراءتها.
يحيي بن الوليد: يلاحظ أن هناك حرصا علي تنميط مدينة طنجة ليس فقط علي مستوي الكتابة الروائية بل حتي علي مستوي السينما إذ نري أن هناك رغبة في تكريس صورة عن طنجة كمدينة للتهريب والمافيا والدعارة الي غير ذلك. كيف تفسر ذلك ؟
محمد شكري: في الواقع إن مدينة طنجة لا تستحق كل هذه السمعة اللصيقة بها، إن الذين يكرسون فقط هذه الصورة عن طنجة هم في الواقع يتجاهلون موقعها الحقيقي في ذاكرة التاريخ بصفتها مدينة لا تخلو من قيم نبيلة علي مدي تاريخها القديم والحديث. أين هي المدينة الفاضلة سوي أن تكون في الكتب ! يكفي أن ينبع سحر طنجة من سحر أسطورتها. إن شعبا لا يملك رصيدا من أساطير تقاليده هو شعب غير متحضر شعب شبه هلامي فكل الحضارات متعلقة بأساطيرها.
الزبير بن بوشتي: كيف يمكنك شرح أسطورة هذه المدينة؟
محمد شكري: الاسطورة إذا شرحت في حد ذاتها فقدت سحرها وسرها. عليها أن تحتفظ بلغزها. هناك سؤال وجواب محيران: من بني هذه المدينة ؟ السؤال قد يلقي، لكن لا أحد يستطيع أن يقنعك بجواب حقيقي. أليس هذا جزءا من أسطورتها ! هناك أسطورة تفترض أن أنطنيوس هو مؤسسها وسماها باسم زوجته طنجيس. وهناك أسطورة مغربية تقول إن نوحا عندما رأي طينا بين رجلي طائره المرسل للاستكشاف صاح: طين .. جا أي الطين جاء، وقد رست فلكه قرب هضبة الشرف ومن هنا تأسطرت المدينة ومعها اسمها.

القدس العربي (اللندنية)، يوم 03/02/2002
 

 

موارد نصيـة

محمد شكـري

(حــوار)

المحتــوى

الحلقة الأولـى: يزعحني التعامل معي كظاهرة أدبية تعلمت في سن متأخرة...

الحلقة الثانيـة: كنت أسرق كل ما يمكنه أن يملأ معدتي حتى لا أصير عبئا على أسرتي

الحلقة الثالثـة: أترك الدين لفقائه والسياسة لمناضليها... وانتمائي لهذا البلد يلزمني باحترام الإسلام

الحلقة الرابعـة: المدينة بالنسبة للبدوي صدمة حضارية، وستظل طنجة مدينتي الأثيرة...

الحلقة الخامسـة: بول بولز نبيل في إخلاصه للأدب أما سلوكه الأخلاقي والمادي فأمر آخر...

الحلقة السادسـة: الطاهر بنجلون أسدى إلي معروفا كبيرا... وأعتقد أنه ندم على ترجمته الخبز الحافي...

الحلقة السابعـة: أنا لم أذهب إلى الإسرائيليين وأطلب منهم ترجمة كتابي...

الحلقة الثامنـة: ينتابني شعور الخـوف... ليس من الموت، ولكن من الطريق المؤدي إليه

الحلقة التاسعـة: علال الفاسي كان رجلا منفتحا.. وسمو فكره منعه من مناقشة روايتي

الحلقة العاشـرة: أتمنى حرق مقتنياتي ورسائلي حتى لا يكون مصيرها أسواق الخردولات...

 

موقـع محمد أسليـــم - تاريخ الإنشاء: 27 ينايـر 2002.