 |
علي سفـر |
|
أيقونات لم يرسمها أندريه روبلوف*
|
|
إلى أيامهم
|
 |
الأيقونة الأولى :
هي ذي عيون تشارف أرواحاً بنظراتٍ منكسرةٍ
و الصورة ليست وحدها..
فيهما تأريخ عائلة كاملة...
ارتجافة الأب.. ثم اغماضة قلبه.. و الحديد اليلاصق الحديد..
الروح و الحقل المستباح.. الزيتونة المجرّفة .. حرائقها الملصقة كأغصان
وقد يخرج سهماً من كل ما يرى.. أو لنقل من كل ما جرى..
العيون ذاتها..و الرأس المشتعل كما لو أنه في ساعة برّيةٍ من صناعة
الأوهام..
رغبتي وحدها بلا ألوان..
حينما ليس لي سوى الموت و اغماض العينين على الحاجز..
قبل العبور من فجوات التلال.
الأيقونة الثانية :
لا لن نغلق الباب على العابرين من عتبات اللحن القديم..
حينما يرمون بالأحجيات على كهنةٍ يستعملون الزيت في صناعة خيالنا..
ههنا لما نعثرعلى دربٍ يقود عصاتنا إلى المعبد حيث تعويذة أخرى و مجدٌ
اقل من روايته على مسمع العازف العجوز..
الباب مشرعٌ على فوهتك الغريبة..
شكل الحديد مقصوصٌ بشكل الارتباك
و أنت المقعر في تاريخ الخراب..
الصورة وحدها من ينفع روحك حينما ستلحق بالعابرين..
صورة قرب " دلف"..
و ربما تكون هي العباب قبل الوصول إلى المنصة الغائرة..
الأيقونة الثالثة:
وحدنا الآن.. ربما و بيدٍ مقصوصة الأصابع و دون أخرى ترحب بآمالنا..
سنعود بنا إلى الناصرة..
قد نقف في الطرق ذات الحتف الأكيد..
لنمر على غارٍ مهدم ٍ بفعل الوطأة.. و حينما نتسرب إلى ماتراه أحلامنا
نجول على غير هدىً في الزلازل والجحيم..
يالصورة مريمَ
تلدين الله ليقتله اللصوص و نبكيه نحن في الغار المغلق على الأقل من بصيص
نورك
يا أمنا كيف نرسم الوجوه الغائبة في الظلام..؟
يا دعة.. يامسالمة.. ياابتهال.. يا يقين..
منذ الآن لن يكون لون و لن تكون روحٌ عالقة في المحض..
و ربما بعد قليل سنتقاسم الحطام المفتت، وبذا سنأتي بلا صورٍ يقترحها
الشعر :
" العذراء وحدها..
بلا ضوء البلهاء..
ستنير بدمعها الزيت
ما أخذته القنبلة.. "
الأيقونة الرابعة :
هي لوحة لا يراها أحد و لما تعرض على لجنة الحرب ليعرف الرسام ما ينقصها
من ألوان..
وحده الحديد من يرسم حدود الوهم لمن يرى..
أفقٌ مشققٌ كجدار..فوّهة ألم ٍ مقسمةٍ على وجه امرأةٍ..
جغرافيا تطوى..
تراكم التراب على أرضها المشدودة ككفنٍ، وليس ثمة من يبعثر الصور أو
يفرقها في أحافير الكلام..
وحيدةٌ ثياب العائلة.. نخرجها من بين أعيننا ممزقةً.. و في الحل والترحال
من احتمال ما يريده الرسام يراها مزقاً ملونةً من قبل أن تسمل العينين
حرابٌ تخفت في نشرة الأخبار.. و قد عاجلت ريشة الروح
خرائب لا تصلح لأن تكون طللاً.. و يختفي فيها دمُ الموتى و قد يتعثر في
الخيوط المنسلة طفلٌ لعب بالذاكرة هنا ثم مضى.. ربما خلع ملابسه وعلقها
على جدار تهدم بفعل البكاء.. لا برؤيا المساحات التي تنهب ُ..
ههنا ثمة يدٌ مقصوصةٌ و منسيةٌ في برد النص و الكلمات المتحشرجة.. وقد
يلمع في أصبعٍ ضوء يتناها إلى عين الرسام و هي تجول تبحث عما تركته
المرأة من وصايا تحتوي إلتماعات المشهد دون رتوشها..!
*
أندريه روبلوف: رسام الأيقونات الروسي الشهير
|
قصائد جديدة
- 2002 |
اللوحــة:
Giorgie
DE CHERICO, Les muses inquiétantes
|
|
|