هكذا
إذاً.. في تمامِ تلكَ السَّاعة
تصعدُ
سُلَّم الطائرة.
لا
تَسْمَحْ لنفسكَ بالتخاذل،
لن
ينفعَك الوقوعُ على السّلّم.
بعد قليلٍ
ستكون هكذا. بأكملك...
في
تلك الطائرة.
التَفِتْ!
أو لا تلتفت إلى الوراء:
الأصدقاء
لن يودِّعوك.
سيودِّعون
أنفسَهم.
نورما
الزوجة ستنظرُ الطائرةَ:
لن
تراها.
دلبر و
دنيز الطفلتان لن تغمضا أعيُنَهُما:
سيملأ
اتساعهم ذلك المشهد البارد:
طائرةٌ
باردة تحمل جسداً دافئاً.
انظرِ
السماء! أو لا تنظرْ!
لن
تشاهدَكَ:
مشغولةٌ
هي بحساباتِ الأنبياءِ والرُّسُلْ.
لا ترفع التَّهَدُّجَ
إلى عينيكَ،
اترُكْهُما هكذا صافيتين.
اترُكْهُما على اتِّسَاع الدَّهشةِ
علَّهُما
هكذا.. تحتويانِ المكانَ.
وتَضُمَّانِه مرَّةً ثانيةَ.
لا تسمحْ
لشفَتَيك أن ترتجِفَا.
الجوُّ
باردٌ... والماء باردْ.
والكلمات
هَهنا كلها باردة.
لا تسمحْ
لشفتيك أن ترتجفا.
اترُكْهُمَا هكذا هادئتين،
كَشِفَاهِ
الآلهة.
لا
تنتَحِبْ
لا تبكِ
لا
تبتسِمْ
لا تسمعْ
لا تَقُل.
لا تشاهدْ
لا تنظرْ
لا....
لا....
حتى
لتُصَدِّرَ كُلَّ أفعالِ العربيةِ بِلا.
وهكذا
إذاً.. في تمامِ تلك الساعةِ.
تصعدُ
سُلَّمَ الطائرة
أيُّ
أحبَّةٍ على أرض المطار؟
أيُّ
ذكرياتٍ هكذا تتناثر الآن في البلاد؟!
وهكذا
إذاً.. في تمامِ تلك الساعةِ.
تصعدُ
سُلَّمَ تلك الطائرة.
من سيجلس
معك في الطائرة؟
ذاكَ
الصينيُّ الحالِمُ بالعدالة؟!
ذاك
الأمريكي المتَردِّدُ في البوح بقلقه؟!
ذاك
السُّورِيُّ المتسائِل عن هُويَّتِه؟!
أم ذاك
الإنسانُ المخذولُ
من كلِّ
المؤسَّساتِ والدَّوائِر
والمربَّعَات وتواريخ اللُّغة؟!
من سيجلس
معك في الطائرة؟!
ماركس،
مراقباً تجوالك؟!
أو محمد
الغريب عنك؟!
حسين
عجيب،
المدهوش
من تقلبات الطقس؟!
أحمد
اسكندر،
خارجاً من
قبو عزلته إلى فضاء الطيور؟!
أم تُراه
ناظم مهنا،
حارس هذا
أو ذاك الزمان؟!
أتدري؟!
نعم تدري،
يجلس معك
هكذا إذاً
في تلك
الطائرة،
التي
تُقلِع ذاك الصَّباح البارد
وذاك
المساء البارد
إنسانٌ
تعرِفُهُ جيِّداً أو لا تعرِفُهُ،
لا الدَّهشَةُ
ولا العاديَِّة تَرتسِمُ على عينيه،
لا الخوفُ
ولا الشَّجَاعةُ.
لا الأملُ
ولا اليأسُ
إنَّه
ذاكَ:
الآن وغداً،
هنا وهناك،
إنه أحمد
جان عثمان
|