يؤشر عنوان هذا الكتاب إلى المنحى الخرائطي في النقد والمتابعة، وهو
منحى لا يدعي إنجاز خريطة نقدية مطابقة لواقع الرواية المغربية
المعاصرة، وإن كان لا يخفي الحاجة إلى وجود ناقد خرائطي (cartographe) يراهن على لغة - واصفة تجريبية، تتفاعل في
نسيجها روافد التنظير الروائي، والتأريخ الأدبي، والنقد الروائي، بهدف
المساهمة في رسم بعض خطوط ومعالم التجربة الروائية المغربية.
إن الخلفية المركزية لمشروع هذا الكتاب، تتمثل في التجريب (مصطلحا ومفهوما واستراتيجية)،
وذلك باعتباره مفتاح القبض على بعض مكونات المشروع الروائي المغربي في
لحظته المتحولة - الراهنة:
(عناصره التأسيسية، آليات إنتاجيته، بوادر التجديد فيه،
ورهاناته المستقبلية...)؛ ولأن
روح التجريب تتنافى مع ادعاء امتلاك أية حقيقة، فقد حرصنا على تنسيب كل
الفرضيات والتصنيفات والاستنتاجات الواردة في مقاربات هذا الكتاب، وذلك
من خلال العمل على ردم الهوة بين «الأكاديمي» في صرامته المنهجية و«الصحفي» في نزعته الانطباعية المخلة. وبهذا المعنى، فإن «الناقد
الخرائطي» هو قارئ تتجاذبه سلطتين
معرفيتين: سلطة المعرفة الموضوعية
وسلطة المعرفة التذوقية، وبين مقتضيات العلم والذوق، يمكن - دائما - لخرائطي آخر أن ينهض كطرف في
هذه المعادلة، وذاك هو القارئ الذي لا نطمح إلى أكثر من تحريضه على
إنجاز خرائطه الخاصة في القراءة والتذوق.
محمـد أمنصـور
مكناسـة المحروسـة في 1 أكتوبر
1997.
|