ظهركِ
منحنٍ، و الضيق يلوكُ ما تبقى من روحِك، برودة لذيذه تعمّ المكان، بفِعل
أجهزة التكييف، تتمنين لو أن لهذه الأجهزة بعض الهدير، الصمت المطبق حين
يفرض نفسه على المكان يفضح كل الصراخ و الفوضى العارمة في داخلك، و هذا
أخر ما تريدين!!
تمسكين
بالقلم، و تبدئين بكتابة أولى الحروف، بخطِّك المرتجف خوفاً من مواجهة
الكلمات، بعد أن فشلتِ في مواجهةِ صورتك أمام المرآة صباحاً حين صففت
شعرك،و لم تسمحي لشعرةٍ أن تكون خارج مِشبك الشعر. بعد أن كتبتِ بضعة
أسطر، تلقين القلم على الطاولة بطريقة مفاجئة هستيرية:
((((لماذا
كلما حاولتُ الكتابة عنك، تختلطُ عليّ ملامحك، تغورُ عيناكَ و يستقرُّ
محلهما التحديق! حاجباكَ يستنفران ليشكلا قوساً على أهبة تسديد خيبات
الآمال..! تحتدُّ استقامة أنفكَ لكأنّه قائمُ صليبٍ يستعدُّ لفضح حالتي
بك، ويْحي و كلما حاولتُ الكذب عن دفء أضلعك، تقتصُّ مني القشعريرة!))))
تفركين يديك طلباً لبعض الدفء، تنظرين للأعلى، جهاز التكييف اللعين ملأ
المكان بالقشعريرة، الصمت يتنصّتُ على أحرفك، و الفوضى العارمة داخلك
هدأتْ دهشةً مما خطَّ قلبك على الورق من حبر. لكنكِ لم تقوي على مغادرة
الورقة، و لا إخماد فضول الصمت و الفوضى، بعد أن بدأتْ أولى جلسات
الاعتراف...
((((أحاول استعادة ملامحكَ، فتتمثل أمامي ارتعاشة
يدكَ، و زمجرتها لي، كأنني بحبّكَ قد أرتكبتُ الخطيئه الكبرى! أما صوتكَ،
أحاول عبثاً تذكره، لكن ارتباكي بحضوركَ، يتمثل لي فارضاً نفسه على
الذكرى، وقارضاً لآخر أمل لي فيها..!))))
المرةُ الأولى التي تعترفين لنفسك بها، أنت التي كنتِ تؤمنين بأن الحب
ضعف، أو حتى وهم، يتواجد فقط حين نشاء، و أنه باستطاعتنا نسيانه حال وضع
رؤسنا على وسائد النوم!
((((مُستوحشة أنا بدونكَ، هلا سكنتني؟ مريضةٌ أنا بكَ، هلا شافَيْتَني؟
أو كن مؤمناً و كأضعف الإيمان: أَعِد إليّ ذاتي، كينونتي، قبل إتخاذك لي
"خيمة بلا دعائم"!!))))
البرد
يقرصك، تبحثين عن شيء يبعث بالدفء إلى أطراف أصابعك الممسكة بالقلم،
نظرتِ حولك لم تجدي سوى علبة الثقاب القابعة على الطاولة منذ رحيله
الأخير. بذات اليد المرتجفة، أخرجت عوداً و أشعلته، ألقَيتِ بالعلبة و
حملتِ اعترافك، لتلتهمه النار و ليدفئك، ولازلتِ تتمنين لو أن لأجهزة
التكييف بعض الهدير ليواري صوت مضغ النار لاعترافك..
|