ولد ليقتل !
244 هـ قتل بعد تقطيع يديه وصلبه ثم قطع رأسه في 24 ذي القعدة 309هـ، حرق
لأجل أن يفنى أثره ! … أتلفت مؤلفاته ليفنى فكره، وهدد الوراقون في بغداد
من قبل السلطة بعدم استنساخ أي من مؤلفاته، حبست عائلته… طورد تلامذته
ومنع التكلم في أفكاره…
بدأ حياة
السفر والترحال من مكان إلى آخر فوصل الهند والصين وتلقى الكثير من
العلوم، ودامت رحلاته خمس سنوات.
في بغداد ألقى
دروسا، فأصبح له تلاميذ ومريدون… بسط لهم آراءه الصوفية " فلم يلبث ان
صار موضع جدل ونزاع " (12) وقتها بدأ عصر المؤامرات من حاسديه وخطط
للايقاع به بعد جهره (انا الحق) إلا أنه نجى بلا ضرر فاستمر بشكل أكثر
تحديا، فثار عليه الفقهاء وأكبر متصوفي بغداد مما اضطره إلى رمي الخرقة
الصوفية ومخاصمة شيخ المتصوفة – الجنيد - فأصبح للحلاج من تلك اللحظة
إيديولوجيا يجب أن يستمر في بنائها والدفاع عنها، وأصبح الانسحاب مهانة
كبيرة فلا بد من الاستمرار… لا بد أن تكون لحريته وإثارته الجدل نهاية،
فصدر الحكم بسجنه سنة 296هـ وملاحقة مريديه مما اجبره على الهرب…. القي
القبض عليه في الأحواز فنوظر سنة 301 هـ واتهم سياسيا بالقرمطة ودينيا
بالسحر والزندقة، وأصبح الأمر جادا وقتها، فسجن سنين طويلة وقيل إنه سنحت
له فرصة الهرب إلا أنه لم يفعل.
لم ينس
الفقهاء قصته فأعادوها للنقاشذ، فوقف التنفيذ يزعجهم… وأخير حكم عليه
بالقصاص – القتل - نفذ حكم الاعدام امام الناس، فقال ساعتها " هؤلاء
عبادك قد اجتمعوا لقتلي تعصبا لدينك وتقربا اليك، فاغفر لهم فانك لو كشفت
لهم ما كشفت لي لما فعلوا ما فعلوا ولو سترت عني ما سترت عنهم لما ابتليت
بما ابتليت، فلك الحمد فيما تفعل ولك الحمد على ما تريد " (13) بعدها كان
دور أبو الحارث السياف!؟
…
بعد قتله
بهذه الصورة الدرامية الدامية أخذ التصوف منحى آخر وخفت لغة الشطح، وأصبح
أكثر باطنية وتشعبت مصطلحاته وأصبح أكثر تعقيدا وغموضا لان السلطة
الدينية الفقهية برهنت أن لها القوة في الردع، فأصبح الخوف عاملا محسوبا
والا سيكون هناك أكثر من حلاج، فكان للكتمان والسرية دور في تعقيد اللغة
الصوفية وترميز الكلام لانها (اللغة) شاهد الادانة الذي يحاجج به
المتصوفة، وما يؤكد هذا ان عملية تصفية الحلاج (الجسدي + الفكري) انهت
مذهبه ولم يتجرأ احد ان يتبناها ولم يعد للحلاج سوى (سيرة) اما الحلول
والاتحاد فقد صودر نهائيا وهو من اهم الاراء الحلاجية في بناء مذهبه الذي
كان في ثلاثة فروع " أولا : الفقه، يمكن الاستعاضة عن الفرائض الخمس
بشعائر اخرى بما في ذلك الحج (اسقاط الوسائط)، ثانيا : علم الكلام، تنزيه
الله عن حدود الخلق – الطول العرض-، وجود روح ناطقة غير مخلوقة تتحد مع
روح الزاهد المخلوقة – (حلول اللاهوت بالناسوت) - يصبح الولي الدليل
الذاتي الحي على الله – هوهو - ومن ثم القول (أنا الحق) ثالثا : التصوف،
الاتحاد التام مع الإرادة الإلهية – عين الجمع - عن طريق الشوق
والاستسلام للألم والمعاناة"(14)
يعد التكلم
في أي من هذه الآراء مجازفة خطيرة يطبق عليها ما طبق على الحلاج، وهذا ما
حصل فعلا لاحد المتصوفة الأذربيجانيين (عماد الدين نسيمي) الذي حذا حذو
الحلاج فقتل في حلب بعد محاكمته عام 1417 م لقوله (انا الحق) وكان أسلوب
قتل نسيمي مشابها لقتل الحلاج بدرجة كبيرة
(15).
|