منذ
بودلير إلى الآن ..
لم تتوقف
تلك الغابات اليانعة
عن تزيين حواشيها الألف
بالمزيد من الأشجار ..
أراها تظلل
أكثر من عابر
أكثر من بياض
!
من رحم العشب
تلد لها الغابات
كذلك
حطابين
ووحوشا
تقضم ما ينضج في العتمة
من أزهار
!
لكي
ترسم سوزان
حديقتها الماسية
أحضرت بعض الأدوات
البسيطة
:
معولا ومقصا
بذرة لبلاب
وقليلا من الضوء ترش به
شكل التربة،
ربما
لم تفكر سوزان أبدا
بميزان
تقيس به الألوان
!
قرب الغيضة الأم،
تنمو دائما
أشجار بلا رائحة ولا لون
..
ليس لها شكل جاهز
تبعثره الريح إذا ما هبت
من الخلف،
لكنها
بالقليل من الإزاحة,
تصلح
لصياغة غابة كاملة !
هذا الكتاب الذي بين يدي
بدفتين فقط،
بكفتين متعادلتين في
القياس تماما
لا تتسعان حتى ليدي
الممدودة في
الأفق !
فمن أين أضيف لعيني
هذا الاختلال الذي
تنشده؟
بعض الكتب فقط
تستحق توازنها المريح !
ــ من كل الأسماء
المورقة
سأنسج مرجا لي ..
إكليلا من زنبق
من شقائقي الحمراء ..
(قالت سوزان لصورتها في المشتل)
ينثره الشعراء على قبري
والمطرودون من الجنة،
يتعهده النساجون من بعدي
بالفوضى ..
بالإشراق ..
وبالتفتيت التام
متى نضجت بين مغازلهم
أسرار القصيدة
!
يتسع المرج لكل
الممسوسين،
لكل الأحبة ..
إذ
يقطف هذا المارق رامبو
فاكهة " الشر "
أو
زهرته النارية
من أضمومة بودلير
يدعكها بين يديه
فتنبت في الكف المدماة
:
رعشة مالارميه ..
لوتريامون ..
سان جون بيرس ..
روني شار
…
ومن
سيؤوب إلى المرج من
السلالة ..
طوت سوزان معطفها الأخضر
دعكته بين أصابعها
كي يزهر وفق شروط
الإخلال فقط
!
همست سوزان
لزائرها المحتمل
:
ــ أنا كل هؤلاء السحرة
!
حتى قبل
أن تشرع يدها الرحيمة في
هدم المعبد
خمنت بأن يصل الدمار
إلى هذا البياض
!
هكذا
الأصوات المهيبة
تأتي دائما من بعيد
!
ــــــــــــــــــــــ
[*] سوزان برنار: صاحبة كتاب
قصيدة النثر من
بودلير إلى أيامنا
|