بيير بابان

اخاتمــة

نحــو لغـة وثقافـة دوليتيـن؟

ترجمة: إدريس القـري

 

هل ستقودنا وسائل الاتصال الإلكترونية، أفضل من غتنبرغ، إلى لغة دولية؟ هل ستصقل هذه الوسائل الثقافات وتنتج بعض الثقافة العالمية؟

لا تسمح التأملات التي قمنا بها صحبة خبراء مشروع اللغة السمعية البصرية والثقافة LAC بأي تأكيد شامل. فعلى الملاحظات الدراسية أن تستمر، وعلى الزمن أن ينجز تصفيته وتوضيحـه

استنتج من الدراسات الأولى الاقتراحات التالية:

1) تفرض اللغة السمعية البصرية نفسها كما وصفناها في هذا الكتاب بصفة شاملة، في كل مكان استقر به الوسيط الإلكتروني بشكل واسع. وهي حالة أمريكا الشمالية وأوروبا وبلدان آسيوية متعددة. من الجدير القول هنا بضرورة أخذ الوسيط هنا بمعناه الواسع، فليس من الكافي توفر تلفزيونات ومذياعات في بلد ما حتى تكون اللغة السمعية البصرية مستوعبة ومتبناة فيه، بل ينبغي أن تكون هناك كل الشروط والبنيات التحتية التي تسمح للوسيط بالعمل بطريقة مستقلة، أي أن تكون هناك: وحدات التصنيع والتصدير والتبادل التجاري ومراكز التكوين والإنتاج، إلخ. ومع ذلك فإن مثل هذا التجذر للوسيط يظل بطيئا.

لن يكون الوسيط إلا فضولا ومجرد وسيلة وأداة لتفخيم الثقافة التقليدية في البلدان التي يوجد بها كدعامة، بالمعنى المحدود لكلمة دعامة، لتوزيع المنتوج واستهلاكه. فهو لن يزيد عن إغناء السمات الخاصة للثقافة المحلية، فالتلفزة بإفريقيا ستفخم مواهب الحكي والرقص والغناء في أسلوب فرح وهادئ. وسيسخر المذياع في تداول الأخبار العائلية وتقعيد سلطـة الرئيـس.

2) علينا التمييز بين اللغة والبرامج، حيث لا يعني تبني لغة وسائل الاتصال تبني أو استنساخ البرامج. فللهند أشرطتها السينمائية وبرامجها التلفزية، حيث لاعلاقة للمضمون ولأسلوب الشخصيات ولطريقة الغناء وممارسة الحب بمسلسل دالاس. ونفس الأمر ينطبق على المسلسلات البرازيليـة.

مما لاشك فيه أن برامج أمريكية عديدة تقتنى في العالم كله. وهي تباع على العموم بثمن أقل من أثمنة البرامج الفرنسية. وإذا كانت الدول الأجنبية تشتري برامج التلفزة الأمريكية فلأن أمريكا تصنع برامج جيدة وليس لأن هذه الدول تحب أمريكا حسب مزحة ن. بوستمان N. Postman [1]. وبعبارات أخرى، فإن اللغة هي ما يشترى. إن اللغة ذات الأساس التقني الإلكتروني هي التي تشترى وليس المضمـون.

3) تختفي ببطء مظاهر معينة من الثقافات التقليدية مع غزو وسائل الاتصال للبلدان، حيث تمحي قيم معينة وتتولد قيم أخرى تغزو العالم كله شيئا فشيئا. فكيف يمكننا السهو عن ملاحظة اختفاء عبادة الشيوخ وحلول عبادة الشباب محلها حيث ينتشر تحرير المرأة وأخذ الذاتية بعين الاعتبار والبحث عن الميكانيزمات الديموقراطية؟إن القيم كونية، تتعدل تعبيراتها وانحرافاتها أيضا حيث يتم الانتقال من الحب في الحجرة إلى ممارسته عن بعد، كما يتم الانتقال من الكحول إلى المخدر. سيكون من المثير للسخرية السعي إلى توحيد عالمي للقيم الثقافية ومع ذلك، بدأت تظهر ملامح مشتركة للثقافة في كل مكان تقريبا، من آسيا إلى إفريقيا ومن أمريكا إلى الاتحاد السوفياتي (سابقا) بداية بديكتاتورية الاستماع التي تعوض تدريجيا تحكم الرؤسـاء!

4) لاشك في أن بعض الثقافات الصغيرة مهددة وسط هذه الفوضى المعاصرة. فهل نتهم وسائل الاتصال بذلك؟ لا، فعلى العكس من ذلك، تجعل وسائل الاتصال من الممكن وجود لغات وثقافات الأقليات التي قد تكون اختفت لولا هذه الوسائل، وتلك هي حالة الفرنسية بالكيبيك. ويتوقف اختفاء الثقافات على أسباب متنوعة مثل الديموغرافيا، والوضع الاقتصادي، والسياسة المتبعة، إلخ. وواضح أن التكنولوجيات الإلكترونية لا تقتـل الجماعات والشبكات الاجتماعية، بل تنمي العامة كما تنمي الجماعة الخاصة، وتنمي الجموع الكبرى كما تنمي الأنديــة.

 

 

 

 

موارد نصيـة

بيير بابان

لغة وثقافة وسائل الإعلام

المحتــوى

الفصل الأول: الإحساس أولي

الفصل الثاني: الأسبقية للخلفية

الفصل الثالث: الأدرمـة

الفصل الرابع: تكويـن الصـورة

الفصل الخامس: تكوين الحكاية

الفصل السادس: التلعيب

الفصل السابع: المـزج

الفصل الثامن: منطـق آخـر

خاتمــة

 

 

جماليـــات صالـون الكتابـة

حــوارات

مقـــــــالات

تر جمــات دراســـات نصــوص سرديــة بطاقـة تعريـف   
للاتصـــــــال خدمـــــــــات

خــــــاص

مواقع مفضلـة مواقع صديقة مكتبات الموقع كشك الموقـع موارد نصيــة

موقـع محمد أسليـــم - تاريخ الإنشاء: 27 ينايـر 2002.