اصدرت مجلة
"الآداب" بيانا وقّعه عدد من المثقفين (سهيل ادريس، عبد الرحمن منيف،
فيصل درّاج، سماح ادريس، يمنى العيد، محمد دكروب، نبيل سليمان، عبد
الرزاق عيد، محمد جمال باروت، بطرس الحلاق، نهاد سيريس) يندد بالحملة
التي يتعرض لها جمال الغيطاني ويرفض "مبدأ الاتهام الذي لا يأتلف مع
القيم الثقافية، بل يقمع حرية الرأي بالنميمة والتشويه..." ("الحياة" 27
ايار الجاري). الطريف ان البيان لا يشير الى المسألة التي يتصدى لها،
فجاء في كلمات غامضة تحفل بالبلاغة القوموية والوطنية اكثر من اهتمامها
بالموضوع الذي تدافع عنه.
لا أفهم سبب
هذا النوع من البيانات، التي تكتفي بالمواقف العامة. الموضوع الذي يريد
البيان الاشارة إليه هو الإتهام الذي وجهه شاعر "أم المعارك" العراقي رعد
بندر الى الروائي المصري جمال الغيطاني، بأنه كتب الرواية المنسوبة الى
الديكتاتور العراقي صدام حسين والتي تحمل عنوان "زبيبة والملك".
اتهام
الغيطاني بكتابة الرواية نُشر على موقع "الامبراطور" على الانترنت،
ووقّعه كاتب يُدعى سليم عبد القادر، ويستند الى شهادة مزعومة لرعد بندر
تفيد بأنه علم من عُدي بأن الغيطاني هو كاتب الرواية، وانه طُلب منه أن
يلعب دوراً في رواية كان عُدي يعتزم كتابتها بقلم كاتب رواية ابيه.
الحكاية
مثلما نُشرت في موقع "الامبراطور" مركّبة ولا هدف لها سوى التشهير
والنميمة، وهذا واضح من اسم كاتبها المستعار، ومن عناصرها المختلفة. ولقد
اتخذ الغيطاني، مثلما أعلن، اجراءات لرفع قضية تزوير على الموقع الذي قام
بنشرها، ومن المنطقي أن يدعم المثقفون الدعوى التي اقامها الغيطاني، وأن
يعملوا على كشف الحقائق منعاً لاستغلال سقوط الديكتاتورية البعثية
الصدامية، في سبيل تشويه الثقافة العربية.
غير أنهم في
المقابل، يجب أن يساهموا في الكشف عن جميع عناصر الفضيحة الاخلاقية التي
صنعها الديكتاتور العراقي، وخصوصاً في المجال الثقافي. من اختفاء بعض
مثقفي النظام وموتهم الى القمع الوحشي الذي مارسه صدام حسين ضد الثقافة
والمثقفين في العراق، بحيث صار المنفى العراقي هو اكبر منافي المثقفين في
العالم.
وعلينا
ايضاَ أن نكشف عن كتبة النظام والمرتشين، والاقلام التي باعت نفسها من
هذا النظام العربي الوحشي، الذي كان انجازه الأكبر استدعاءه للاحتلال،
وعدم مقاومته المخجلة لجيوش الاجتياح الأميركي - البريطاني.
لذا تبدو
المقدمة الايديولوجية لبيان "الآداب" ملصقة على الموضوع، مثلما تبدو
الصيغة التعميمية للدفاع عن الغيطاني غير منطقية. فالمسميات يجب أن لا
تُحجب بحجة التنوير او الدفاع عن العروبة أو في مواجهة الاحتلال الأميركي.
المسألة واضحة وبسيطة كاتب اتهم برواية، ميزتها الأولى هي الرداءة، ومن
حقه وحقّنا رفع دعوى قضائية من اجل رد التهمة، والكشف، وهذا هو المهم، عن
الكتّاب الحقيقيين الذين كتبوا روايات لصدام او قصص للقذافي او قصائد
وكتب لغيرهما من الامراء والضباط وقادة اجهزة الاستخبارات.
ا.خ
|