وحجة الرافضين لهذه
التهمة ان جمال الغيطاني كاتب وطني معروف لايصح اتهامه بانه كان عميلا
لاي نظام حاكم، وان علاقته بالنظام العراقي كانت من خلال صحبته القديمة
لوزير الدفاع العراقي عدنان خير الله في الجبهة السورية ابان حرب تشرين
عام 1973 عندما كان خير الله قائدا لوحدة الجيش العراقي الذي شارك في هذه
الحرب، وكان الغيطاني مراسلا عسكريا لصحيفة « الاخبار» المصرية ومن
المعروف ان عدنان خير الله لقي مصرعه فيما بعد بطريقة غامضة ـ وقد الف
الغيطاني من خلال هذه العلاقة كتابا عن تاريخ الجيش العراقي وبطولاته صدر
عام 1975 في بغداد تحت عنوان «حراس البوابة الشرقية» قبل انفراد صدام
حسين بالسلطة ومن دون ان يجتمع به الغيطاني. اضافة الى ان حبكة الرواية
ركيكة وساذجة اذ تترك زبيبة ـ وهي مواطنة عراقية شابة من وسط شعبي عادي ـ
تترك جانب الشعب المتآمر على الملك وتنضم لجانب الملك الذي كان يزورها
سرا الى ان سقطت شهيدة في احدى المعارك وهي تدافع عن قضية مليكها
المفدى!!.. وان جمال الغيطاني لايعقل ان يهبط الى هذا المستوى من الركاكة
والسذاجة، اضافة الى ان مظاهر النعمة الجديدة التي تظهر عادة على من يغدو
مليونيرا لم تظهر على الغيطاني الذي لايزال يعمل رئيس تحرير مجلة « اخبار
الادب» ويعاني من عمله الصحفي الذي يعيقه عن التفرغ للكتابة الابداعية.
اما حجة المؤيدين
للتهمة فتتلخص في ان اسفار الغيطاني للعراق كانت كثيرة جدا، وان تأليفه
كتابا عن الجيش العراقي ـ وهو عمل بعيد عن اختصاصه كروائي ـ مبالغ في صحة
ودقة معلوماته مما يوحي بان المؤلف منحاز للنظام الحاكم، وان ركاكة رواية
«زبيبة والملك» كانت بسبب تقيد الغيطاني بالاحداث التي ذكرها الرئيس
العراقي في المخطط او المسودة التي صنعها للرواية واصر على الاحتفاظ بها
ووافق الغيطاني على ذلك مادامت المسألة كلها سرية.. وهكذا!..
القضية الان امام
القضاء بعد ان رفع الغيطاني دعوى ضد الذين اتهموه، فما رأيكم دام فضلكم :
هل فعلها الغيطاني. ام لا؟!
انا شخصيا ارفض رفضا
تاما هذه التهمة اذ ليس من المعقول ان ينزل الغيطاني الى هذا المستوى
بالرغم من احواله المادية السيئة «كمعظم الكتاب» ، وتاريخه السياسي
والشخصي لاينسجم مع هذه التهمة اطلاقا مهما كان المبلغ الذي قبضه ـ
بالدولار ام باليورو ـ كبيرا وبالرغم مما يقال عن علاقاته الجيدة بالنظام
العراقي السابق !. ولكن السؤال الذي يحيرني حتى الان : ما الذي يدفع
حاكما مطلقا بعد ان استقر له السلطان زمنا طويلا، وبعد «الامجاد» و «
الاوسمة» الغزيرة التي حصل عليها.. ما الذي يدفعه الى اقتحام ميدان
الابداع الادبي برواية ركيكة ساذجة مثل «زبيبة والملك» ؟ اليس هذا دليلا
على ان تمتع الانسان بموهبة ادبية لايقل شأنا عن تمتعه بموهبة سياسية
كبرى؟
فلماذا يشكو الادباء
اذن من فقرهم مادام بعض الحكام يحسدونهم على موهبتهم ويطمحون الى الحصول
عليها.. ولماذا لايقال بان كاتبا ما موهوبا قد يساعد حاكم البلاد على
كتابة الرواية تشجيعا له على ان يقترب من عالم الادب والادباء ويفهم عن
قرب همومهم حين يغدو واحدا منهم، وقد يدفعه هذا الى التحول شيئا فشيئا من
ديكتاتور الى حاكم ديمقراطي؟
ومع ذلك فانا لا اصدق
اطلاقا ان الغيطاني قد فعلها!!