بدأت في ما
يبدو بوادر تداعيات انهيار نظام صدام حسين على الوسط الثقافي العربي، إذ
انطلق الفصل الأول من مسلسل يتوقع أن يمتد طويلاً، ويدور حول مسألة إفساد
ذمم صحافيين وكتاب وأدباء عرب طالما اتهم بها النظام العراق المخلوع، وفي
هذا الفصل "التمهيدي" من الحرب الأهلية بين المثقفين المصريين والعرب،
جاء اتهام عبر موقع على الإنترنت للروائي المصري الشهير جمال الغيطاني،
بأنه مؤلف رواية "زبيبة والملك" التي نشرت باسم صدام حسين، وزعم الموقع
الإليكتروني المعنون باسم (الامبراطور*)، والذي تتصدره إشارة إلى أن
مؤسسه هو الشاعر والكاتب العراقي اسعد الجبوري، وتحت عنوان فرعي في
الموقع هو (فضح الرموز) ورد به أن الغيطاني هو الكاتب الحقيقي لرواية
(زبيبة والملك)، والرواية كما جاءت على لسان الشاعر العراقي رعد بندر
الذي كان مقرباً من القصر الرئاسي في بغداد، أن هذه الرواية كانت لها
ترتيبات سريّة خاصة قام بها عبد حمود مدير مكتب الرئاسة الخاص في القصر
الجمهوري مع نبيل نجم، الذي كان يشغل قبل سنوات منصب مندوب العراق الدائم
لدى الجامعة العربية في القاهرة، نقل رسالة شخصية مغلقة بالشمع الأحمر من
الرئيس العراقي المخلوع إلى الغيطاني، الذي يشغل منصب رئيس تحرير أسبوعية
"أخبار الأدب" المصرية.
ومضى الموقع في
نشر تفاصيل تلك الرواية التي تضمنها مقال منسوب للكاتب سليم عبد القادر
المقيم في العاصمة الاردنية عمان، موضحاً أن رسالة صدام كانت على ما يبدو
تحتوي على ما أسماه "خربشات لفكرة لقصة"، التي طلب صدام تحويلها الى
رواية وكان له ما أراد، فما الذي دفعه صدام من مال لا أحد يعرف كم كان
سعر كتابة الرواية بالضبط، ولا المقابل الذي يزعم أن الغيطاني تقاضاه عن
هذه المهمة "الأدبية".
وتابع قائلاً :
"بعد يومين على لقائي بعدي , تم استدعائي. فوجدت لي جواز سفر باسم مزور
هو (عبد المنعم سامي) وصورتي عليه مع مبلغ من المال لي ورسالة للروائي
جمال الغيطاني لا اعرف ماذا كانت تضم في داخلها بالضبط. أمرني عدي بالسفر
الى الأردن. ومنها الى القاهرة طيراناً. لكن الأمور لم تمض على خير ما
يرام، فقد فضح تلك المهمة السائق (محمد عبادي) المكلف بايصالي الى
الأردن، بغير قصد منه، عندما أتصل بأحد من أقارب عائلته من هاتف بأحد
مكاتب اللجنة الاولمبية ليخبرها عن سفره الى عمان وما إذا كان يحتاج إلى
شراء بعض البضائع من هناك. وأنذاك لقط الخبر الكاتب نجمان ياسين ليكتب
تقريراً لوزير الثقافة حامد يوسف حمادي عن سفرتي المفاجئة للأردن"، وما
هي إلا ساعات حتى أصبحت أمام عبد حمود للاستجواب في القصر الجمهوري. ولم
أخرج من القصر لثلاث ليالٍ متتالية. حيث قضيت الوقت في سجن من سجون
القصر. ليدرك بعدها عدي بأن والده قد وضع يده على القصة كلها، فتم طردي
من عملي، ليبدأ بعد ذلك بشن الهجمات تلو الهجمات الاعلامية العنيفة على
وزير الثقافة حمادي.
حكايات رعد
ومضى المقال
قائلاً ان الشاعر العراقي "رعد بندر"، الذي وصفه بأنه "شاعر العهد
البائد" ، و"مداح صدام" قد اكد انه فهم من هذا السياق ان جمال الغيطاني
قد كتب رواية صدام إثر لقائه مع عدي، الابن البكر للرئيس العراقي
المخلوع، واضاف إن عدي طلب منه الذهاب الى القاهرة ومقابلة الغيطاني،
وطلب منه أن يكتب رواية أخرى، لكن لعدي هذه المرة، طالباً أن تكون أجمل
من تلك الرواية التي كتبها لوالده، وذلك في إطار العلاقة المتوترة
والملتبسة بين عدي وأبيه.
وتابع الموقع
قائلاً في المقال المنسوب سليم عبد القادر "إن اعترافات الشاعر العراقي
رعد بندر بالدور الذي قام به طوال السنوات الماضية من حكم حزب البعث،
يشكل كشفاً للمختبرات السرية المنتجة للعمل الأدبي، وهي في كل الأحوال
خيانة للثقافة الإنسانية عموماً، لكن باب الفضائح سيبقى مفتوحاً على
مصراعيه أمام أرتال أخرى من أدباء العهد القديم، ومع ذلك فرعد بندر
الهارب في معسكر الرويشد على الحدود العراقية الأردنية، هو وسواه من
مخلفات كتّاب النظام العراقي، لن يستطيعوا تبرئة أنفسهم من الأدوار
الأمنية التي اضطلعوا بها خلال مناصبهم الرسمية، والتي كان في معظمها
مهمات ضد كثير من الأدباء".
وأضاف "لدى
بندر قوائم باسماء كتاب من سورية ومصر واليمن وموريتانيا وتونس والمغرب
وبعض البلدان ، ممن حصلوا على هبات ورواتب شهرية من حكومة بغداد في عهد
الرئيس صدام، وإذا كان صدام لم يسجل رواية (زبيبة والملك) ولا (القلعة
الحصينة) باسمه. تركهما روايتين لكاتبهما، فتلك دلالة على تعلقه بالدور
المخابراتي الامني حتى في المسائل التي لا تعنيه لا من قريب أو من بعيد،
على الرغم من معرفة القاصي والداني بأن الروايتين له وإن لم يطبع اسمه
على غلافيهما. فعل ذلك بقصد الاستنكاف من أن يوصف رئيس الجمهورية وقائد
الجيوش وبطل أم المعارك و الحواسم وأمين عام القيادتين القطرية والقومية
للحزب بكاتب روائي مثله مثل مئات الروائيين العرب، ممن تضيق بهم مقاهي
العالم العربي قمعاً وجوعاً وحرماناً وتشرداً.
الغيطاني ينفي
ومن جانبه نفى
جمال الغيطاني هذا الأمر جملة وتفصيلاً، وقال في تصريحات خاصة لـ "إيلاف"
إنها افتراءات تمثل مرحلة جديدة في تشويه المثقفين المصريين والعرب الذين
رفضوا الحرب على العراق، لافتاً إلى أنه أبلغ أجهزة الامن المختصة في
مصر، فضلاً عن تكليف محام متخصص في القانون الدولي لدراسة إمكانية رفع
دعوى قضائية على الموقع الذي يتخذ من الدنمارك مقراً له، ومطالبته بتكذيب
ما ورد في الافتراءت المنشورة.
ومضى الغيطاني
قائلاً إن هذا الاسلوب الشرير يعد استغلالاً سيئاً لوسيلة نشر عصرية هي
الانترنت، في عملية تشويه سبق أن تعرض لها عدد من المثقفين المصريين
والعرب سواء عبر صفحات الويب أو من خلال البريد الالكتروني التي طالت
مثقفين مناهضين للحرب الاميركية البريطانية على العراق واولئك الذين
يدينون الممارسات الاسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، لافتاً إلى أن عدداً
من المثقفين المصريين تقدموا بشكاوى الى أجهزة الامن والنيابة العامة
ونقابة الصحافيين المصريين قبل أسابيع مطالبين بملاحقة مواقع ترسل رسائل
باسمهم ومن خلالها تقوم بتشويه مسيرتهم وتتهمهم بأنواع من الشذوذ الجنسي
وتزعم إصابتهم بمرض الأيدز وغير ذلك من التهم المفتراة عليهم، والتي تشكل
محاولات اغتيال معنوي للشخصيات العامة.
جدير بالذكر أن
للغيطاني رواية معروفة هي "حراس البوابة الشرقية" والتي تضمنت إشادة بدور
الجيش العراقي في حماية "البوابة الشرقية" للوطن العربي
إيلاف - الخميس
15 مايو 2003 04:43 - نبيل شرف الدين
|