وليد العاني

جمال الغيطاني من أصحاب السوابق!!

ورواية ( حراس البوابة الشرقية ) دليل مادي بإدانته كمجرم حرب

 
 

 

في الخامس عشر من مايو، وفي موقع جريدة (إيلاف) الإليكترونية، نشر نبيل شرف الدين من القاهرة نفي الروائي جمال الغيطاني عن دوره بكتابة روايات الرئيس العراقي السابق صدام، وفقاً لما ورد في مقال نشر في الموقع الثقافي (الإمبراطور) على شبكة الأنترنت، ومؤكداً لجوئه للسلطات ورفع دعوى قضائية برفع بحق الشاعر والروائي العراقي أسعد الجبوري صاحب الموقع المذكور، لنشره موضوعاُ لكاتب من الأردن يتعلق برواية ((زبيبة والملك)) والتي أكد فيها كاتب المقال المذكور كون الغيطاني هو مؤلف تلك الرواية، وذلك بالاعتماد على مصادر مقربة جداً من عدي صدام الذي كان مسؤولاً عن الصحافة والأدب.

هنا نقول: أن المادة التي قام الموقع بنشرها، هي مادة أدبية بحتة، ولا تتعلق بالقدح أو التشهير الأخلاقي. وبالتالي فمن حق المشار إليه نفي تلك المعلومة، والبحث عما وراء التسريبات التي يقوم بها القدامى من أصحاب الشأن الثقافي في العراق!! خاصة وإن شاعر (أم المعارك) رعد بندر يفاوض بعض الأطراف السياسية على تأمين طريق الهرب عبر حدود العراق - الأردن، مقابل تسليم أكوام من الوثائق الخاصة بالشأن الثقافي خلال أكثر من ربع قرن من حكم صدام!!

أما بالنسبة للتهمة التي حاول الغيطاني لصقها بالشاعر الجبوري، بسبب نشره لتلك المقالة، فهي من العيارات النارية التي عادة ما يتم استخدامها لأغراض التهويش والتخويف. وتثير السخرية حقاً. وألا فكيف يعتبر نشر تلك المقالة (بداية حملة مشبوهة ضد المثقفين الذين رفضوا الغزو الأمريكي البريطاني للعراق !!)

وأمام تهمة بلهاء مثل التي أطلقها الغيطاني، لابد من فتح سجلات، ومنها ملفه الشخصي ككاتب ارتبط اسمه بأقذر حرب للإبادة الشاملة، ألا وهي حرب الخليج الأولى. وهنا نسأل: من هم المثقفون العرب الذين رفضوا الغزو الأمريكي البريطاني قبل رفض الكتّاب والأدباء العراقيين وإدانته؟!

وللعلم، فان الغزو الأمريكي لبلادنا ليس جديداً كما يعتقد الغيطاني، إنما يمتد إلى حقبة الثمانينات، أيام كنا تحت جنازير الدبابات في القادسية الشؤم، حيث كانت طواحين الدم تدور في جبهات الموت العراقي - الإيراني. فيما كان الغيطاني نفسه جندياً في إدارة التوجيه المعنوي العراقية في فندق بغداد، يأكل السمك المسقوف و يكتب الملاحم الروائية والمقالات عن فرسان القادسية وبطلها التاريخي صدام حسين!

وثانيا.. وفيما كان كتاب العراق ونجوم آدابه وفنونه وصحافته، في قوافل التهجير والتعتيم والسجن والشتات، ولا يملكون الأوراق التي تثبت شخصياتهم عبر حدود العالم، رأينا العراق تتحول من أرض الحضارات إلى رقعة شطرنج، يتقاطر نحوها الدواب من الثعالب والجنود وسقط المتاع، وحتى الامتلاء بباعة الخناجر وخردة الكلمات وثقافة نواب الضباط، ممن فاضت الأمية بهم، لتتحول البلاد إلى علبة لسردين العائلة وخدمها فقط.

أين كان الغيطاني من تلك الحالة؟

هل يفخر بنفسه كراوي لطواحين الدم وشلالاته، وممجداً القتل والموت والدمار في رواية ((حراس البوابة الشرقية))؟ أم كان يعد نفسه أراجوزاً لتسلية غلمان السلطة في أوقات غياب ربّ علبة السردين صدام حسين؟!!

هنا.. نذكر الغيطاني - وقد لا يحتاج حتى إلى مثل موعظة التذكير هذه - عن مصير الأدباء والكتّاب، ممن ساندوا هتلر في حقبته النازية؟

ألم يحاكموا؟ ألم تذهب بهم كتاباتهم إلى المشانق، مثل قادة تلك الجيوش االذين نالوا العقاب في ساحات الإعدام ، بحيث كانت العقوبة شبه متعادلة ما بين من يقتل الآخر بالرصاص، وبين من يحرض على الموت المجاني تحت راية الرايخ الدموية؟!!

الغيطاني في العراق.. حرض رئيساً هو بالأساس من المصابين بهوس القتل. حرضه بامتياز. أو قدم له ما يبرر له شن تلك الحرب. ومن هنا.. يكون الحق لكل من فقد شهيداً من أهل العراق وإيران على حد سواء في حرب الخليج الأولى، مقاضاة الغيطاني، باعتباره كاتب محرض ومساند في أدبه لقائد القوات المسلحة صدام حسين!!

تهمة جرائم الحرب هنا، لا تنطبق على القاتل الذي يستعمل السلاح وحسب، بل إن الجريمة تشمل التحريض، كسلاح يقود إلى ارتكاب أعمال العنف والمجازر. والغيطاني متهم. وأهل الضحايا، وهم أكثر من مليوني قتيلاً، لديهم في رواية ((حراس البوابة الشرقية)) الدليل المادي لإنجاز التهمة وما يترتب عليها من استحقاقات في العقاب. هل في هذا ما يلومنا الغيطاني عليه؟ أم أن كتابة الروايات لعب أولاد. كل واحد يكتب رواية أو قصيد، فيقبض مالاً، ثم يدير ظهره ويختفي عن المسرح؟!!

قد يقول الغيطاني بأنه متعاطف مع صدام. يحبه. وهذا ما لا نعترض عليه، فيما لو كان صدام شخصاً عادياً بلا سلطة. فمن حقه أيضاً، أن يضعه في حضنه ويعتبره مشاعاً لهواه ورغباته. لكن الأمر يختلف هنا. فمحبوب الغيطاني رئيس دولة العظام. للعراقي الحق في معارضته مقاتلته.

إن مصر لو ذهبت منساقة وراء أهواء صدام وأفلامه الطويلة، لباع كل مصري ما كان يستر به جسده من ثياب، ودون أن يشهد نهاية لحروب البهلوان العسكري بخواتم الهزائم الدائمة.

لكن مصر، أذكى من أن يجرها مهووس دعي وفاشي مراوغ مثل صدام أو طبوله القابضة في القاهرة إلى تلك المستنقعات الدموية. فقد حافظت على البلاد والعباد من رياح خماسين الدم المجاني، لتترك صدام جرذاً يلوذ في جحر تحت الأرض، وتلك نهاية طبيعية لطغاة الاستبداد والمرضى بنزعات القتل والعنف والتخريب.

ثم لا أدري كيف يعتقد الغيطاني بأن ما نشر ضده، يعتبر بداية حملة مشبوهة ضد المثقفين الذين أدانوا الغزو الأمريكي البريطاني للعراق؟ فهل قاتل هو ومؤذن صدام مصطفى بكري الغزاة على أبواب البصرة؟ أم أهلنا هم من فعلوا ذلك لمدة أسبوع، فيما سلم صدام البهلوان البوابة الشرقية والغربية والجنوبية والشمالية مفاتيح بغداد للأمريكان في غضون ساعات، أعتبر سقوط مخيم جنين الفلسطيني أمامها أسطورة؟ لذلك.. فوقفة الغيطاني مع صدام في حربه الخليج الأولى، هي وقفة مع أمريكا باعتراف الجميع.

إما التلويح باللجوء إلى القضاء والأمن ضد الشاعر العراقي أسعد الجبوري، فهو أمر يراد منه قطع الطريق على ما سيأتي من فضائح لاحقة. وربما الغيطاني ليس وحده يخشى من العار الآتي. فالرياح القادمة من العراق، ما تزال تكنس الفظائع تلو الفظائع، لتؤكد كم كان قائد ((حراس البوابة الشرقية)) مهولاً في القتل والعنف والإرهاب وحاكماً موحداً لشعبه في أكياس العظام.

المفاجأة المدهشة هنا .. أن الغيطاني وبدلاً من أن يطالب بمحاكمة رئيس النظام صدام على فظاعة جرائمه بحق القتلى المصريين ممن تقاسموا الموت مع اخوتهم العراقيين في المقابر الجماعية، فضل رفع دعوى ضد موقع أدبي!

قد يكون للغيطاني دور سياسي أو فلسفة لتبرير مواقفه؟

لكننا لا نجد في ذلك إلا الوقاحة. الاستهتار بالأرواح الآدمية. التمتع بالمال الحرام. تكتيم للأصوات المناهضة للفاشية الجديدة، وتعتيم على جرائم لا يوجد في التاريخ ما يماثلها. ترى أين صوت مصطفى بكري مؤذن صدام وحرافيش النفط من جريمة قتل المصريين؟

إلا يستحق هؤلاء ندوةً أو مؤتمراً نسمع فيه ولو خيط نواح عن جرائم صدام بحق أبناء جلدته من أهل النيل؟

وهل المقابر الجماعية وإعدام الناس بواسطة ربطهم بكتل الديناميت كوميديا؟!!

ماذا يفهم محمد صبحي من وراء تلك الرقة التي وصف بها الطاغية صدام؟

أم أن المهرج ضرب هو الآخر ضربته من النفط، وهرب مثله مثل سقط متاع النفاية السياسية معن بشور في لبنان؟!!

لقد بات الكل سيوفاً مشرعة ضد معارضي الإبادة الشاملة، بدءاً بالمهرجين وباعة الضمائر، وليس انتهاء برغدة التي هددت بتمزيق جنسيتيها السورية والمصرية معاً، بعدما أخذتها العزة والحماس بحب الجنس العراقي، ولكثرة إعجابها بالجنسية الملونة التي وعدها بها صدام أثناء السهرة العائلية في قصر من قصوره!!

ما أكبر حاجة العراقيين إلى محكمة عدل أدبية، لمقاضاة كل من شارك بقتلنا وجلدنا ونفينا وتحطيمنا على مدار أكثر من ثلاثين سنة من الإبادة الشاملة. من التهم الزائفة. من الملاحقات عبر الحدود. لم نعد نحتاج إلى معلمين في الأدب والسياسة والوطنيات. ولا نريد أن نغمد رؤوسنا في الرمال إلى الأبد، فنترك المرتزقة من شعراء ونفايات أحزاب ورقاصات ورقاصين، يتمتعون بسحت النفط الحرام، فيما الملايين من العراقيين تشرب الماء الخابط بديدانه، وهم لا يعلمون بدخول العالم عصر الألفية الثالثة؟!!

كيف يؤتمن على كاتب شارك في جريمة حرب، أن يستمر مسؤولاً ثقافياً في جريدة أسبوعية مثل ((أخبار الأدب)) في بلد عريق كمصر؟!

وما التنسيق الذي تقوم به بثينة الناصري المقربة من أعمدة النظام البائد مع بعض رموز النصب والاحتيال القومي في القاهرة راهناً ؟!!

لن نقتل الأسئلة ونعتذر من ((الكبار)) دون مسائلتهم؟

وفضح الرموز شأن يساعدنا على التخلص من الملوثات وطغيان مريدي دولة العظام.

وتسقط أمريكا.

الإمبراطـور - 21-05-2003

 

موارد نصيـة

قضية «الإمبراطور - جمال الغيطاني»

المحتـوى

سليم عبد القادر: زبيبة والملك لصدام الغيطـاني

نبيل شرف الدين: «زبيبة والملك» عنوان أولى حروب المثقفين بعد سقوط صدام حسين

وائل عبد الفتاح: حروب المثقفين بين نميمة المخابرات وسقوط الديكتاتور.

مصطفى محمد غريب: مهزلة زبيبة والملك والحديث عن الماضي اليساري

وليد العاني: جمال الغيطاني من أصحاب السوابق!!

الآداب تضامنا / مثقفون عرب يتضامنون / الغيطاني يقاضـي

د. إحسان طرابلسي: الغيطاني و«الزبيبة» والقاضي

عبده وازن: ملفـات وفضائـح

عبده وازن: رواية صدام الركيكة.. هل يمكن أن يكتبها الغيطاني؟

شوقي بغدادي: «زبيبة والملك». لا أعتقد أن الغيطاني قد فعلها!!

فاضل السلطاني يهاجم ادوارد سعيد والغيطاني ومنيف ومجلة الاداب

محمد أسليم: تدبير قضية («الإمبراطور» - «جمال الغيطاني»)

ا. خ. «زبيبة والملك» والغيطـاني

علي عبد الأمير: عراقيون يتهمون سامي محمد بتأليف «رواية» صدام حسين

شعـلان شريف: بيان التضامن حراس البواية الشرقية

عبده وازن: مداحو أدب الزعيم

أسعد الجبوري: مخيلة اليورانيوم.

روايات صدام كتبتها لجنة بوزارة الإعلام

محمد رضا نصر الله: هؤلاء شاركوا في الجريمة

سلام عبود: من يكون «الروائي» صدام حسين؟ عن «زبيبة والملك» وكرة الثلج

حسين كركوش: أحقا هي حملات صهيونية يتعرض لها جمال الغيطاني؟

مصطفى محمد غريب: الرواية الرابعة "أخرج عليك اللعنة" والروايات السابقة.. حقيقة مؤلفها وليس كاتبيها

علي عبيد: ليس دفاعاً عن الغيطاني

محمد ناجـي: الضميـر العربي في اجازة!

شاكر الأنباري: بين العراقيين والعرب: مماحكات ثقافية لها بعد سياسي

د. نصار إبراهيم: تعقيب على تعقيب الأستاذ أسليم

محيي الدين السامرائي: ذعر الغيطاني والحنين إلى رئيس المقابر والتماثيل

جماليـــات إضـــــاءات

حــوارات

مقـــــــالات

تر جمــات دراســـات نصــوص سرديــة بطاقـة تعريـف   
للاتصـــــــال خدمـــــــــات

خــــــاص

مواقع مفضلـة مواقع صديقة مكتبات الموقع كشك الموقـع موارد نصيــة

موقـع محمد أسليـــم - تاريخ الإنشاء: 27 ينايـر 2002.