تنطلق من أعماق
أعماقنا الملتهبة ،المطهمة باللوعات ، شرارات الغضب و الحسرة لتصطدم بآفاق
مسيجة،تطفئ شعلتها و تردها غلينا ضلالا مكسورة ، تذوب ، تغيب في ذواتنا
المهزومة
.
تخترق كياننا
براكين ثائرة ، تتطاير حممها لتصب في قلب الذاكرة المثقوبة ثم تتسرب إلى
تجاويف الأعماق القصية ، تلهب فيها لوعة ، الانكسار ،
الدمع يهمي في
سكون و الأمل يتضاءل
.
الدم يتدفق في
جنون ، والحزن يتعاظم ، عملاق يرفس الأحلام .
..................................................................
ليل المدينة..
.......................
الصمت يطبق
كثيفا على المدينة و جواراتها
الشفق الأحمر
،، وئيد ، وئيد ، تسترجيه أرواحنا مخافة جحافل الظلام
..
الليل آت من
جبال الوهم ، يغزو هدوء المدينة.
تراتيل ،
تسابيح ، تعاويذ ، ورجاء
.
الآهات المكلومة
يخنقها الرعب و الموت الجائع يزمجر عاصفا في أبوابنا ،رجفة الروح تسبق
رجفة الجسد و الليل طويل ، طويل
.
سرمدي يا ليلنا
المجنون ، يركض الظلم فيك خيلا يحفر الأنفاق المعتمة و يصنع طرقا للدمار
ووديانا تبتلع شلالات الدماء ز
الرعب يزرع
السكون حولنا ، نسمع صوته ، وارتجاج نفوسنا
.
تملصت من بين
أحضان مدينتنا كل الأفراح ، و بالوعة الأقراح تمتص الآمال
.
الشوارع أجدبت
إلا من جمرة الحزن وويلات الفراق ،
....................................................................
الموت في
المدينة..
.................................
الموت تنين شرس
تلتهم خطواته الأرض ، يمزق العظام ، الموت بعبع يعربد ماجنا بديارنا ،
يرسل صوته الصارخ الطاغي ، عواء يخترق الصدور ، يغزو الحياة ، يغتصب حق
الوجود
.
تبتلع القبور
أجسادا ذبلت عند الولادة ، و تستقبل السماء أرواحا ترحل للمرة المليون
..
أصواتنا
المكتومة ، أنيننا ، احتراق الألم فينا ، أصداء صرخاتنا ، أشلاؤنا
الممزقة ، المبعثرة ن أرواحنا الحائرة المرفرفة ، كلها تسأل ،
-
لم أعياد الذبح
لا تنتهي ؟
لم نغرق فيها
وحدنا و الدنيا لاهية تغرق في أحلام وردية و قصص الغرام و تتبادل باقات
الورود و التهاني ؟
.........................................................................
صباح المدينة.
........................
المدينة مكفهرة
، تغط في صمت رهيب منتظرة آخر الأنباء رائحة الموت تنطلق من الأحراش تغزو
الهواء ،
تأتي نسمات
الشروق الكئيب بأخبار مجازر الليلة الأخيرة
.
عشرة ، مائة ،
ألف ، ترتفع الأرقام ،
أرقام ، مجرد
أرقام ، غضب و استنكار
..
لحظات صمت و
اندهاش ، والتفاصيل ترحل مع .. الراحلين مسكين يا جسدنا المعنى ، يا
أرواحنا المنكمشة في زوايا الخوف تنتظر الرحيل
.
يا أفئدتنا
الممزقة التائهة في مآتم العزاء و قد هربت منها الكلمات
.
يا مآق جفت
منها الدموع و أذهلتها المشاهد
.
دامية ، ممزقة
، مكلومة ، تعيسة ، يا أيامنا
.
صغيرة ، حقيرة
، وحيدة ، فقيرة ، يا جثثنا
.
أرقام أنت فقط
، مجرد أرقام..
عشرة ، مائة ،
ألف ، من يقول اكثر ؟
.....................................................................
حلم المدينة..
.....................
زئبقي حلمنا
نركض خلفه ، نطارده كما تطارد فراشات الربيع ، نكاد نمسك به
..
نكاد نحلم
بأيام الصفاء و السكينة و الرخاء
.
نكاد نحلم بأنا
سواسية كأسنان المشط
.
نكاد نحلم
بأننا بنيان يشد بعضه بعضا
.
نكاد نحلم
بالحب و الرحمة و العدل
.
نكاد نحلم بأن
الليل لم يكن إلا كابوسا مرعبا طرده نور الصباح ،
نكاد نحلم بحلم
حالم ينطلق من حنجرة براعم تغرد مزهوة
علوك للمجد في
دمنا ، أحق بأرواحنا أمنا
..
نعاهد على دفع
كل بلاء عن الام بالمهج الغالية.
نكاد نصدق حلما
زئقبيا يفلت من شوارع مدينتنا المقفرة ، من جواراتها النائمة ،من جدرانها
العالية الشامخة الصماء، الكاتمة أنفاسنا ،
يتدحرج الحلم
في برك الدماء و يغتسل من أدران خطايانا ، يلبس بردة العزاء ، يحلق عاليا
ليلحق بالأرواح الغاضبة التي لم تكن تحلم إلا بلقمة خبز و.. سلام .
..............................................................
تبتلع المدينة
غصاتها ، تكومها في ذاكرة التاريخ ، تمشي الهوينى مرهقة ، تحاول مطاردة
الأمل .. و في روحها رغبة في البقاء
.
|