موسى حوامدة. طريد الدولة والديـن

سيف التكفير يضرب في الأردن

 الشاعر موسى حوامده طريد الدولة والدين

مجلة النقاد اللبنانية
 

 

مرة أخرى يدخل شاعر عربي , منطقة التحريم والتكفير,مرةً أخرى تتكرر في حياتنا الثقافية إشكالية محزنة تستند إلى سوء فهم وقراءة خاطئة لنص شعري يعتمد على مادة دينية ,ويقيم تناصا مع النص التراثي مانحا إياه أفقا جديدا يختلف بطبيعته عن الأفق الذي كان له في السياق التاريخي والديني السابق .

لقد كانت قصيدة (يوسف) المنشورة في ديوان موسى حوامدة الأخير ((شجري أعلى)) هي الموضوع الذي أثار هذه الإشكالية من جديد , من غير أن ننسى عمليات تكفير الكتاب في مصر لدواعي التنافس السياسي بين التيارات الأصولية ولأهداف انتخابية مكشوفة . ومن غير أن ننسى أيضا الضجة الكبيرة التي رافقت اتهام مارسيل خليفة بالتجديف في قضية تلحينه وغنائه لمقطع من قصيدة (احد عشر كوكبا ) لمحمد درويش ,حيث استدعي مارسيل إلى المحكمة في لبنان وصدر حكم ببراءته من التهمة الموجهة ضده .

وقد مثل الشاعر الأردني موسى حوامدة أمام قاضي عمان الشرعي بدعوى (الردة) بسبب اتهامه ب((انكار حقائق قاطعة وردت في القرآن الكريم واطالته اللسان على احد الأنبياء واستهزائه بالسنة النبوية والمسلمين )) .واقتيد الشاعر مخفورا إلى قاعة محكمة عمان ليدافع عن نفسه وحيدا بعدما رفض محامون الترافع عنه وتبني قضيته .

واستندت التهم التي وجهت إليه إلى قصيدتين وردتا في مجموعته( شجري أعلى) الصادرة العام الماضي عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت, التي كانت تحمل عنوان( استحق اللعنة) والذي يقول الشاعر انه تم( استبداله لضرورة التمويه فقط) . اعتبرهما القاضي الشرعي لمحكمة عمان الشرعية /المنطقة الشرقية ذريعة لاتهام الشاعر بالردة التي يترتب عليها في حال ثبوتها التفريق بين حوامدة وزوجته , وكذلك إلقاء الحجر عليه ومنعه من التصرف في أمواله المنقولة وغير المنقولة .

وتعد هذه القضية الأولى من نوعها في الأردن التي يتعرض لها شاعر أو اديب ,وكانت قضية حوامدة قد تفجرت في شباط 2-2000 عندما أثارها خطباء مساجد ودعاة مسلمون كفَّروا الشاعر واتهموه بالإلحاد والزندقة بسبب قصيدتين الأولى بعنوان (يوسف ) والثانية بعنوان (سبيل) .وفي أثر ذلك تمت مصادرة المجموعة الشعرية , ومنع تداولها من السوق الأردني , كما رفعت قضية أمام المحكمة المدنية حركها مدير المطبوعات والنشر حسين أبو عرابي الذي وصف الإجراء بأنه (جاء لحماية الشاعر من عسف الأصوليين والجماعات الإسلامية المتشددة).

وكان قاضي محكمة عمان الشرعية قد طلب من الشاعر موسى حوامدة لدى مثوله أمامه أن يستنكر ما ورد في قصيدتيه فرفض الشاعر أن يتبرأ من القصيدتين ,نافيا ان يكون قالهما على سبيل الهزء بالدين والتشكيك بالقرآن الكريم .وطلب القاضي من حوامدة النطق بالشهادتين ففعل, كما طلب منه الاعتراف بإسلامه وإيمانه وبالأركان الخمسة .

وقد قام الشاعر حوامدة بعدة توضيحات سواء أمام القاضي أو غيره من المتسائلين معتبرا أن ليس للشعر أن يرسم صورة للواقع كما نراه , ولا هو ناقل للمعاني كما يفهمها أي إنسان .فلم تتمكن شروحاته من تغيير الموقف من قصائده, مضيفا انه اذا كان على الشاعر ان يكرر عبارات مملة ورتيبة من التراث أو من الواقع , فلن يكون لشعره قيمة على الإطلاق .وقد أوضح أن هاجسه الرئيسي أثناء الكتابة , هو رؤيته الشخصية لمعاناته , وهي معاناة لا محور لها سوى الاحتلال والظلم الإسرائيلي, وحيث يرى ان الاحتلال يستمد مشروعيته من التوراة التي يرد فيها:لنسلك اعطي هذه الأرض أنت ومن بعدك , ويؤكد حوامدة أنه قرأ الكتب المقدسة لأنه لا يمكن فهم الحاضر واستيعابه دون فهم الماضي واستيعابه أيضا .

وبالنسبة لموضوع قصيدتيه المحرمتين يعتبر انه تناول المعنى التوراتي الذي يقارن بين سقوط الأهالي الأصليين للبلاد مقابل طهارة ونزاهة نسل يعقوب . فقد تعامل مع ( زليخة) كرمز لسكان بلاد العرب الأصليين وتناول يوسف كرمز لليهود والصهاينة الآن , ويوسف بالنسبة له هو إسرائيل , انه رمز وليس نبيا , وكذلك الأمر بالنسبة إلى زليخة فهي رمز للمصريين وليست امرأة العزيز في النص الديني مشددا في القصيدة على الصراع الأزلي بين العرب والصهاينة هم يوسف ونحن زليخة معتبرا أن البعض فهم القصيدة على أنها تشكيك للقرآن الكريم وهذا ليس صحيحا .

ويشير حوامدة أن السطر الأخير من القسم الأول من قصيدة (يوسف) باعتباره يضيء النص ويوضح القصد ؛

ويغالي في السرد فيوهم إخوانه أن المصريات يضاجعن الإسرائيليين ويعشقن رجال الموساد فهو هنا يتحدث عن يوسف اليهودي الراهن الذي يبتغي إخضاع الأمة العربية لسلطته وإرادته وما يقوله شمعون بيريز ((شرق أوسط جديد ؛ عقل يهودي وعمالة عربية)) إلا تأكيد لذلك.

وتمثل قضية حوامدة ذروة المواجهة بين المؤسسات الرسمية والكتاب والصحفيين والأدباء ,ففي الوقت الذي كانت فيه دائرة المطبوعات الكتب وتمنع دخولها الأردن ,صارت منذ نحو عام تحيل الكتب على وزارة الأوقاف التي تتعامل مع النصوص بطريقة حرفية بمنأى من التأويل,وخصوصا إذا كانت شعرا,وهو ما شدد عليه وزير الإعلام والثقافة الأردني السابق صالح القلاب؛ الذي اعتبر أن ((موسى حوامدة مسكون بعقدة سلمان رشدي وتلسيمة نسرين )) .

 

مجلة النقاد اللبنانية بيروت 11-26شباط 2000

 

 

موارد نصيـة

موسى حوامــدة

طريد الدولة والدين

المحتــوى

سيف التكفيـر يضرب في الأردن. الشاعر موسى حوامدة طريد الدولة والدين (مجلة النقاد اللبنانية)

إيهاب الحضري: الشعر كفر، الخيال بدعة. حالة موسى حوامدة "نموذجا"

مود. صلاح فضـل: موسى حوامدة في «شجري أعلى»، مفارقات الشعر والسياسة والدين

محمد علي شمس الدين: موسى حوامدة أمام لعنة (يوسف). حق الشعر وحدود التأويل

د. ضياء خضيـر: على هامش تكفير الشاعر موسى حوامدة. عمل التاريخ.. وعمل الشعر

علي سفـر: «شجري أعلى» لموسى حوامدة قصائد لتهشيم السياق

فريد ضمـرة: كائـن سماوي ناظم

موسى سامي عبد الحليم «المحامي»: موسى حوامدة؛ أديب فلسطيـن يضع قضايا الاحتلال في مركز كتاباته

بيان من صاحب شجري أعلى: عن الحقيقة الغائبة دائما

موسى حوامدة: تسبيح وشعر «اللهم ادخلهم التجربة».. وهب يا رب أني كفرت!!

ٍٍ موسى حوامدة: دجالون وكذابون !!

ٍ موسى حوامدة: أبارك لكَ الفجيعة

إعادة محاكمة الشاعر موسى حوامدة للمرة الثامنة

 

 
 
جماليـــات صالـون الكتابـة

حــوارات

مقـــــــالات

تر جمــات دراســـات نصــوص سرديــة بطاقـة تعريـف   
للاتصـــــــال خدمـــــــــات

خــــــاص

مواقع مفضلـة مواقع صديقة مكتبات الموقع كشك الموقـع منشورات الموقع

موقـع محمد أسليـــم - تاريخ الإنشاء: 27 ينايـر 2002.