بدأت أمس في
محكمة بداية جزاء عمان المحاكمة الثامنة للشاعر الأردني من أصل فلسطيني
موسى حوامدة الذي فوجئ بإعادة استدعائه للمحكمة يوم أمس الاثنين على
خلفية قضية كتابه الشعري شجري أعلى الذي صدر عام 1999 وصودر في شهر آذار
عام 2000 من قبل دائرة المطبوعات والنشر بحجة تغيير العنوان من أستحق
اللعنة إلى شجري أعلى وكانت محكمة عمان الشرعية قد وجهت تهمة الردة إلى
الشاعر الحوامدة في شهر 5 أيار من عام 2000 والتي كانت عقوبتها فسخ عقد
زواجه وحرمانه من الميراث والحجر على ممتلكاته وأمواله المنقولة وغير
المنقولة إلا أن المحكمة الشرعية وبتاريخ 12 – 7 – 2000 ردت تلك الدعوى
بعد أن أنكر الحوامدة التهم المنسوبة إليه وأوضح للمحكمة مقصده الشعري
الذي لا يهدف إلى تحريف القرآن أو الاعتراض على كتاب الله ولا ينفي قصة
سيدنا يوسف عليه السلام بل ينفي اتخاذها من قبل الصهاينة كنموذج للتطبيع.
إلا أن
محكمة الاستئناف الشرعية فسخت الحكم في نهاية عام 2000 لأن محكمة عمان
الشرعية الشرقية لم ترجع لذوي الاختصاص لمعرفة حكم المختصين في تأويل
القصائد المقامة عليها القضية وهما سبيل ويوسف وأعادت المحكمة الشرعية
محاكمة حوامدة بداية عام 2001 واستعانت ببعض المختصين ومن بينهم د محمد
بركات أبو علي الذي أيد رأي الشاعر حوامدة بجواز التأويل وقررت المحكمة
رد الدعوى مجددا إلا أن محكمة الاستئناف الشرعية الثانية التي برأت
الشاعر من تهمة الكفر طلبت من المحكمة مجددا إعادة محاكمة الشاعر والطلب
منه القسم على أقواله السابقة وفي أواسط عام 2001 وبعد تدخل رابطة الكتاب
الأردنيين قررت المحكمة رد الدعوى ردا قطعيا ونهائيا وتبرئة حوامدة من كل
التهم المسندة إليه .
انتهت
المحاكم الشرعية لصالح حوامدة الذي ظن أن القضية انتهت, إلا أن دائرة
المطبوعات والنشر وبشكل غريب ومريب قامت برفع دعوى مطبوعات جديدة ضده
موجهة إليه تهمة إهانة الشعور الديني وتحقير أحد الأديان ومخالفة قانون
المطبوعات وبعد عام من المداولات قرر القاضي وليد كناكرية تبرئة الحوامدة
لأنه قدم المخطوط المجاز حرفيا من دائرة المطبوعات نفسها وارتأى قرار
المحكمة الذي صدر في 26-6-2002.
إلا أن
مساعد النائب العام السيد حسن العبد اللات استأنف حكم محكمة بداية جزاء
عمان واعتبر أن المحكمة أخطأت لأنها لم تزن البينة وزنا دقيقا وسليما وأن
القرار لم يكن معللا تعليلا سائغا ومقبولا وهنا تمت إعادة القضية إلى
محكمة الاستئناف التي أصدرت قرارها بتاريخ 17-11-2002 والذي جاء برئاسة
القاضي فايز حمارنة وعضوية د خلف الرقاد وإبراهيم العلي حيث قال : ان
قرار محكمة الدرجة الأولى كان يقتضي البحث في تكييف القرار ضد المستأنف
ضده بهذا الخصوص إن كان يقضي بالبراءة أو عدم المسؤولية ,إلا أن محكمة
الاستئناف اعتبرت ما ورد في قصيدة يوسف إساءة واضحة لمشاعر المسلمين
وتكذيبا لما ورد في القرآن بغض النظر عن المرامي الكامنة في نفس الشاعر
كذلك فقد حملت قصيدة عبدا لله معنى غير واضح للشخص العادي ولا يتضح إلا
للمتخصص وكان على المحكمة أن تستعين بخبراء لاستيضاح المعنى الذي أراده
الشاعر ولذلك قررت فسخ الحكم وإعادة الأوراق إلى المحكمة.
وبالفعل حضر
حوامدة أمس أول جلسة أمام القاضي د نشات الأخرس الذي قرر رفع الجلسة ليوم
17الشهر الجاري للاستعانة بخبير تقرره المحكمة .
ومن جهته
قال الشاعر حوامدة: إنه لا يعرف ما هي الدوافع الحقيقية لإعادة القضية من
جديد بعد أن برأته حتى المحاكم الشرعية من كل التهم وبعد أن برأته حتى
محكمة بداية جزاء عمان أيضا العام الماضي وأضاف حوامدة :أنه يحترم القضاء
والمحاكم المدنية لكنه يحمل المسؤولية لدائرة المطبوعات التي عاودت نبش
القضية من جديد بعد أربع سنوات .
وقال حوامدة
: أنه يستهجن بداية أن يقدم ديوان شعر يحمل قصائد شعرية يمكن تأويلها بكل
بساطة إلى المحاكم بهذه الطريقة وأكد قائلا: للمرة الألف أقول إن شجري
أعلى لا يتضمن إساءة للقرآن ولا للأنبياء ولا للمسلمين , وان الشعر خارج
سياق الأديان, إن وضع القصائد تحت مجهر التكفير والإيمان والمحاكمة ظلم
للشعر وللقضاء نفسه المنزه عن الظلم .
وأضاف أعبر
رغم استيائي الشديد من هذه المسرحية عن احترامي للقانون والقضاء ولكن
الذنب ذنب الذين أوصلوا القضية للمحاكم الشرعية أولا والمدنية الآن. ودعا
المثقفين العرب والأردنيين لوقف هذه المهزلة المستمرة منذ أربع سنوات
والتي تستهدف قتل الروح الشعرية ومساحة الحرية التي باتت أضيق من خرم
الإبرة .
وقال حوامدة
في الوقت الذي يذبح فيه الفلسطينيون في مخيمات غزة ونابلس وفي الوقت الذي
تتجمع الحشود الأمريكية والبريطانية لضرب العراق تختنق حرية التعبير
وتضيق مساحة الرأي وتهمش الحرية وكان الأولى أن تعقد المحاكمات للصوص
والجواسيس وكاتمي أصوات المبدعين .
وشدد حوامدة
أن المقصود إعادة إيذائه وتشويه سمعته والضغط عليه لمغادرة البلاد وطلب
اللجوء السياسي مناشدا أصحاب الضمير التحرك لوقف كل هذا المسلسل الذي
يستهدف الحرية نفسها ويتخذ منه نموذجا لإرهاب المبدعين عامة .
|