للقضية العراقية, اليوم, اكثر من بعد, و تفرض
تداعياتها حضورا واضحا في مختلف الساحات وعلى اكثر من صعيد. واحدة من هذه
التداعيات, مايجري من متابعة ومراجعة لدور المنظومة السياثقافية العربية,
والتي في جانب منها يتم فضح الدورالمشين والمتواطيء الذي قامت به هذه
المنظومة ونخبهاالسياثقافية, في دعم الطاغية صدام واطالة فترة تسلطه
بالضد من ارادة ومصلحة الشعب العراق.
فبالامس اثيرت قضية كوبونات النفط والسيارات
المرسيدس والهدايا والمنح التي استلمها عدد من المثقفين والسياسيين العرب
مقابل خدماتهم للنظام العراقي. وبينما لايزال هذا الفصل يتفاعل نشر احد
المواقع العراقية على الانترنت (بيبان) وثيقة, كانت صحيفة الشرق الاوسط
قد نشرتها ايضا, تؤكد ان الاخ المناضل الرئيس (ياسر عرفات قد عمل مخبرا
لصدام! والبقية حتما في الطريق, مع استقرارالوضع في العراق.
واللافت للنظر, ان من يعنيهم الامر بدلا من مراجعة
انفسهم وتصحيح مواقفهم أو التزام الصمت, وهو سيد الاخلاق, تجدهم يراوغون
في محاولة التملص من استحقاق عليهم مواجهته بشجاعة. فالسيد جمال الغيطاني
(مؤلف كتاب) حراس البوابة الشرقية عن حرب الابادة ضد الشعب الكردي عام
1974, كتب مقالا في صحيفة خليجية يتذكر فيه, اثناء فترة تأليفه لهذا
الكتاب بالذات, زياراته للمتحف العراقي, حينكان يجد فسحة من الوقت بعد
انتهاء زياراته لدائرة التوجيه السياسي التابعة لوزارة الدفاع العراقية,
واعجابه بالعيون البابلية التي شاهدها في المتحف, ويبدي حزنه واسفه لما
تعرضت له هذه التحف من نهب واتلاف, ولكنه لم يتأس او ينبس ببنت شفة لعيون
الثكالى والصبايا اللائي غيب النظام, الذي كان على صلة به حتى عام (الانفال)
1988, احبتهن! أما السيد (محمود عبد العزيز), وهو مدير ادارة الاعلام
بجامعة الدول العربية, فهو يضطر في موقع (ايلاف) للرد على كاتب عراقي,
ليس لاهمية الموضوع الذي تناوله الكاتب, بل لانه تعرض الى رئيس المؤسسة
التي يأ كل السيد محمود منها عيش, ولولا هذا التعرض لالتزم السيد عبد
العزيز الصمت كموظف وكمثقف ايضا, وياليته فعل لكان هذا افضل له ولنا.
ولتبريره مواقف الامين العام للجامعة العربية
يشيرالسيد عبد العزيز الى ان ماتبنته الامانة العامة, وتبناه الامين
العام, من توجهات في الشأن العراقي انما جاءت طبقا لقرارات مجلس الجامعة,
على مستوى القمة وعلى مستوى وزراء الخارجية... (و) ان الجامعة مؤسسة,
ولها جهاز صناعة قرار.. ولم يذكر لنا السيد عبد العزيز مالذي يتوجب عليه
والسيد الامين العام ان يفعل, بعد ان ثبت بالملموس ان هذه التوجهات
فاشلة؟ فهي لم تمنع حربا أو احتلالا أو مقبرة! وان هناك شعبا, بل شعوب,
دفعت من ارواح ابناءها ومستقبل الاجيال القادمة ثمنا باهضا لهذا الفشل,
وان القتلة من مرتكبي المجازر الجماعية وحروب الابادة كانوا يجلسون
ويلتقون ويشاركون معهم في كل مؤسسات الجامعة وصولا الى القمة, وهؤلاء
ساهموا بصياغة هذه التوجهات, وانه والامين العام لمينصتوا لصراخ الضحايا
الذي بلغ عنان السماء.
اما مايذكره السيد (عبد العزيز) من استضافة
الجامعة (لقاء!) فكري يضم مجموعة من المثقفين.. (لتطلع!) منهم على رؤى
وتصورات.. حول اصلاح النظام العربي... فأعتقد بأن هذا لايخرج عن ماسبقه
من لقاءات ومؤتمرات ولجان, فالنظام السياسي العربي ومنه الجامعة العربية
يبقى هزيلا وهو فاقد للصدقية, منذ زمن, واسألوا اي مواطن عربي للتأكد من
هذه الحقيقة. واخيرا أرى بأن المنتظر والمتوقع من السيد عبد العزيز,
وغيره, ان كانت وظيفته تمنعه من ذلك, فعلى الاقل كانسان ومثقف ان يعلن
ادانته لمرتكبي المجازر والمقابر, بدلا من ان يمر عليها مرورا عابرا!
وبعد ذلك فليقل مايشاء عن الاصلاح... ولكن يبدو اننا نطلب المستحيل.
محمد ناجي