مع تسليمى بوجاهة
كثير من الحجج التى انطوى عليها تعقيب الأستاذ محمد أسليم حول قضية
(الإمبراطور) جمال الغيطانى إلا أننى أختلف مع سيادته فى تعقيبه الذى
يبدو فى مجمله رافضامن حيث المبدأ لحملة التضامن مع جمال الغيطانى
ومعتبرا إياها نوعامن إعادة إنتاج سلوكات معظم النخب الحاكمة في الوطن
العربي مع مواطنيهم: فبدل الاعتراف بما اتضح الآن(فى رأى محمد أسلبم) أنه
كان خطأ فادحا، وبدلا من القيام بنوع من النقد الذاتي ومراجعة المواقف،
بما يترتب على ذلك فى رأى سيادته من طلب للصفح من الشعب العراق، بدلا من
ذلك كان يتعين على المثقفين العرب الذين كانوا يحصلون على هبات وعطايا
ورواتب كان يتعين عليهم فى رأيه ـ أن يمتلكواـ فى رأيه
شجاعة الإعتراف بذنبهم السابق بعقد لقاء يفضي
إلى إصدار بيان أو كتاب أبيض ينورون فيه الرأي العام الثقافي العربي حول
سلوكاتهم السابقة، ويعتذرون فيه للشعب العراقي. أما الإصرار على التملص
من كل مسؤولية فذلك فى رأى سيادته ملازمة لوضع الشبهة. التى قد تنقلب يوما
إلى حالة للتلبس ويخلص الأستاذ أسليم من هذا إلى أن حملة الدفاع
عن الغيطانى هى محاولة لتكميم أفواه من أثاروا
القضية وهى ليست السابقة الأولى من نوعها *** أختلف مع سيادته فى رفضه
لحملة التضامن مع حمال الغيطانى ودفاع سيادته الضمنى عن حق الذين يوجهون
إلى الغيطانى ما وجهوه إليه من الإتهامات وأعتقد أن الخطأ الأساس الذى
وقع فيه الأستاذ أسليم هو تجاهل السياق الذى وردت فيه هذه الإتهامات إلى
الغيطانى لو أن الدعوة لى محاكمة
الغيطانى كمجرم حرب كانت قد جاءت فى زمن الحرب العراقية
الإيرانية لربما قلنا إنها تجئ فى سياق
محاولة مالإيقاف نزيف الدماء وهى محاولة ينبغى
أن تحتشد من أجلها كل القوى المؤمنة بقيمة
الحياة ولو أن الهجوم على الغيطانى قد جاء فى سياق الهجوم على ما
كان يمارسه صدام حسين من الطغيان أيام أن كانت قبضته محكمةعلى العراق
لقلنا إتها جزء من الحرب على الطغيان الذى يمثله صدام حسين وغير صدام
حسين من الطغاة العرب لكن النظام الذى كان يراد له أن يذهب قد ذهب بالفعل
والمعارك أو المحاكمات الفكرية التى كان يمكن أن تكون منتجةفىأوان معين
لصالح الأمة العربية قد فات الآن أوان طرحها أو على الأقل فإن طرحها لم
يعد منتجالذات الثمار التى كان يمكن أن ينتجها طرحهافى سياقها المنطقى
والطبيعى لماذا تطرح الآن الإتهامات ضد الغيطانى فى سياق كل ما فيه من
الشواهد تؤكد أن هناك تياراإعلاميا وثقافياعاما يحاول أن ينسب إلى
التيارالعروبى مسئولية جميع الكوارث التى حلت بنا فالتصدى للهيمنة
الأمريكية ومحاولةالإلتفاف حول مصلحةواحدةعلياللعرب وتراث واحد لهذه
المنطقة ومحاولة إيجاد قرار وطنى مستقل كل ذلك هو الذى جلب لنا الهزائم
المتوالية *** من الطبيعى أن ينشأ التخوف لدى كل أنصار التيار الوطنى
العروبى وهو تخوف مشروع له ما يبرره من أن تكون الهجمةضد الغيطانى مقدمة
للهجمة ضد التيار المناوئ للهيمنة الأمريكيةعلى إطلاقه خاصة وأن هذه
الهجمة تجئ خارج سياقها المنطقى وخارج توقيتها الطبيعى ثم أجيب على
التساؤل الذى يطرحه الأستاذ أسليم وهو هل كان الغيطانى هو العروبى الوحيد
وهل هو المناوئ الوحيد للهيمنة الأمريكية بالطبع لا ولكنه حالة يمكن أن
يلتبس فيها الحق بالباطل وبتعبير الأستاذ أسليم نفسه حالة يمكن أن يلتبس
فيها لدى البعض ما يمكن أن يمثل شبهة بما يمكن أن يتحول من خلال الإلحاح
الإعلامى إلى وضع إدانة فإذا نجح التشويه فى حالة الغيطانى تحول من هم
أبعد منه عن شبهة تأييد نظام صدام حسين من العروبيين تحولوا جميعا إلى
موقع المتهمين وهو ما يفسر انضمام كثير من الكتاب الوطنيين الذين لا يشك
أحد فى إيمانهم بقيمة الحرية ولا يشك أحد كذلك فى رفضهم المطلق الدائم
والمعلن لنظام صدام حسين انضمامهم لجبهة الدفاع عن جمال الغيطانى.
د. نصار عبد الله
- شاعر وكاتب مصرى