 |
محمد
رضا نصر الله |
|
هؤلاء شاركوا في الجريمة |
|
|
|
تقدم قناة الجزيرة هذه الأيام لقاءات مباشرة - كل
مساء - مع مواطنين عراقيين من مختلف الطبقات والتوجهات، ليفضفضوا عما في
صدورهم من غثاء، تراكم على امتداد خمس وثلاثين سنة، هي عمر نظام حزب
البعث، الفاشي في حكم العراق المنكوب.
وما تقدمه الجزيرة هذه الأيام، بعد سقوط حكم الطاغية، يكشف مدى الإجرام
البنيوي، الذي مارسه نظام صدام حسين، ضد شعب شعر للحظة انه تعرض
للاختطاف، ولم يعد في إمكانه مقاومة حديدية النظام الاستبدادي، بعدما
دمرالنسيج الاجتماعي للوطن العراقي، تدميراً شديداً، لن يبرأ منه إلا بعد
محاولات إسعافية عاجلة، وإعادة تأهيل نفسي واجتماعي وثقافي واقتصادي
وسياسي مضنية.. تعيده إلى تذوق طعم الحرية، والاستمتاع بالحياة، التي
افتقدها العراقيون، واحتكرها صدام حسين وزمرته الفاسدة، ببناء القصور
وتبذير الثروات، والانهماك في الملذات المحرّمة.
@@ لكن ما يجعلني أستغرب استمرار قناة الجزيرة، في عرضها المتأخر لمسلسل
الإجرام الصدامي!! هو أنها كانت إلى وقت قريب، قبل أن يهوي الصنم.. تدافع
عنه بوسائل شتى! سواء تم ذلك عبر مقابلات "أحمد منصور" مع "سمير نجم"
وكيل وزارة الخارجية، ووزير النفط بعد إبعاد "عامر الرشيد" في الأيام
الأخيرة المتبقية من عمر النظام المخلوع.. وأتذكر أن "أحمد منصور" قد
استمات وهو يجري لقاءه المفتوح والصريح! مع المسؤول العراقي، دون إيصال
الأصوات الناقدة للنظام وممارساته الوحشية.. وذلك استمرار لنهج قناة
"الرأي والرأي الآخر"! في محاولة تلميع نظام صدام حسين عبر برنامج "أكثر
من رأي" لسامي حداد، حين كان يصادر حرية آراء المعارضة العراقية في
الخارج، بل أنه لم يتردد - أحياناً كثيرة - من الانتقاص من معاناتها
القاسية في الغربة؛ بمجرد إبدائها النقد لمن طردها من بلادها، واستحل
محارمها، وغيّب أهلها في غياهب السجون!!
@@ أما فيصل القاسم المذيع الثوري!! الذي عمم ظاهرة الشعبوية السياسية،
عبر برنامجه "الاتجاه المعاكس" فإنه كثيراً ما استثار مشاعر الخليجيين،
وهو يأكل على مآدبهم، ويشتمهم قبل أن ينتهي من أطايب أكلهم وشهرتهم
وتكريمهم.. كلما ورد موضوع الغزو العراقي للكويت، حتى ظن البعض أنه يقبض
من النظام العراقي، لقاء تقديم صناعة صورة إيجابية عنه!! وقد كشفت وثائق
الاستخبارات العراقية -هذه الأيام - أن عميلها المرموز اليه بـ "الجزيرة
2" قام بتسهيل الاجراءات الخاصة، بدخول الاستخبارات العراقية شخصياً على
برنامجه "الاتجاه المعاكس" يوم 12/4الذي كان محور حلقته "أفغنة
العراق".!!
وقد كشفت هذه الوثائق التي ستطاول، إعلاميين ومثقفين وأدباء وشعراء
وناشطين سياسيين، في داخل العالم العربي وخارجه.. أن هدايا ذهبية قدمت
لعناصر داخل محطة الجزيرة.. بل إن "فيصل القاسم" نشرت له صورة تجمعه مع
"عبد حمود" سكرتير صدام حسين. وأحد المشرفين المهمين على أجهزة
استخباراته وأمنه.
@@ أما السؤال الذي لا يغادر مكانه الصميم، في وجدان الضمير الإنساني..
فهو أين كان هؤلاء، ممن بدأوا -مؤخراً - ينتقدون أبشع نظام استبدادي، في
التاريخ الإنساني المعاصر.. من معاناة الشعب العراقي.. هذه التي بدأت
تتكشف في شهادات من بقي على قيد الحياة، على جرائم الطاغية الممتدة بطول
العراق وعرضه، شماله ووسطه وجنوبه.. نعم فلم يسلم أحد من شرور النظام
البغيض، الذي كشف عن أنيابه الكاسرة، منذ وصول صدام إلى الحكم، بارتكابه
المجازر ضد رفاقه وأصدقائه، بينما صمت عن كل هذا، سياسيون وإعلاميون
و(مثقفون) و(مبدعون) عرب كبارحين قاموا لقاء دراهم معدودة بتغطية جرائم
السفاح الجديد عن دائرة الضوء وشمس الحقيقة.. وكانت قناة الجزيرة،
بتأثيرها الإعلامي الكاسح، في مقدمة هذا الركب إلى آخر لحظة من عمر
النظام المتوحش المهيمن ،على العراق المظلوم المفجوع الحزين.
|
محمد رضا نصر الله - الخميس - 2003/05/22
- عن
الإمبراطور |
|
|