التــزام
أنا الموقع أسفله أو أعلاه أو أين تريد أيها القارئ، راوي هذه
الرواية المزعومة، أعلن لك فشلي كراو.
والحق أنني تحمست كثيرا لإخبارك بتيه أبي المكارم، ولما تعذرت
علي الأمور فإن فعل الاعتراف والالتزام لم يتعذر.
لست عنيدا عناد الأطفال، ولا يمسني تصلب العقلاء، وكذلك ليست لي
الرغبة في توريطك. أنا فقط جاءني
صوت وأمرني، فقلت إني وجدت ورشة أدبية، وتطوعت بتفان وغباوة لايقاسان،
فقط لأقصي فراغ الصحراء وألاحق هذيان الوقت وأطفئ حمارة القيظ.
وماذا حصل؟
حصل المتاه، الآن تأكد لي أن هذه الورشة الأدبية قد لا تكون رواية،
وأنها ليس سيرة ذاتية. ليست كل
هذا، وليست بعد هذا وذاك قابلة للتمثيل ولا للسينما واني أحار في
تجنيسها.
اعذرني، واعلم أن عقدتي تقف عند هذا الحد.
الصوت الذي وصلني ومنحني تصميم ومواد وأدوات الورشة أوصاني
بالانسحاب كلما تهددتني دواهيها.
هو يقر أنها رواية وقد فضل لكابر الموت في فجر الورشة في حين أن حياته
مادة غنية أكثر مما كان عليه تذكره.
نفس الصوت بتر البداية والنهاية وفرض علي الحدث، وكذلك ابتلاني
بعشق امرأة من ورق تدعى ليلى.
الهم كل الهم في الكتابة فاحذر من تيه القراءة، واعلم أن لا الرواة
ولا الكتاب أنفسهم يطمحون في إمتاعك.
كلهم يجمعون على ضرورة مشاغبتك، فاحذر إذن من فوضى الكتابة وتيه
القراءة.
صحيح تعجبني الرواية، كما لو أنه السمسار في مكتبه العقاري، والبراح
ينادي في الناس، متعة خاصة لكني أتنازل عنها الآن، وأنبهك أن تحتاط إذا
اضطرمت بعض شظاياها في قلبك وعقلك.
التنازل وصلني كالنوبة لما تبين لي أن ذلك الصوت كان بمثابة مؤسسة
قاسية بالنسبة لي. تأكد لي أنني
دخلت اللعبة ولم يكن في جعبتي غير متاع قليل.
غمرني انفعال وغبطة عندما طلعت الجبل.
استعذبت زرقة السماء وحرقتني لوعة الشمس فأصابتني بحمى شديدة
حتى بدأت لا أرى صحيحا ولا أسمع صحيحا، وكذلك لا أميز القلب من الكلية.
في النهاية، أتركك أيها القارئ أمام حكي خام وأوصيك ولست أدري إن
كنت جديرا بتقديم وصايا بعد هذا التنازل المفضوح، أن تحذر فوضى الكتابة
وتيه القراءة. من يدري؟ فإن ذلك
الصوت يرغب أن تكون قارئا، أو راويا، أو كاتبا إذا اقتضى الحال.
فعافاني وعافاك الله شر ورم التيه وإني أحمد الله حمد عبد معترف
بالعز والتقصير.
الإمضاء: راو فاشل
وحـرر بمجــران
من غير مصادقة
سنـــــة 1990
|