موقع محمد أسليــم
Le site de Mohamed ASLIM
جماليـــات صالـون الكتابـة حــوارات مقـــــــالات ترجمــــات دراســـات نصــوص سرديــة بطاقـة تعريـف   
للاتصـــــــال خــــــاص

مواقع مفضلـة

مواقع صديقة

مكتبات الموقـع كشك الموقـع صفحـة القصــر منشورات الموقع


4


« لماذا قتلت كابر يا ليلى؟ ...« سألتها بعد أن زودتني بأخبار كثيرة عنه .

- لقد وصلني نفس الصوت وأخبرني بموته، كذلك أوصاني بالتذكر والتذكر وحده.

- لكن لماذا لم تخبريني وقتئد؟

- خشيت أن تمنحني قلما وورقة وتفرض علي الكتابة.

- لعمري كنت فعلت !

- لن ينفع يا حسن، نفس الصوت حذرني قائلا: « إياك أن تقترفي جرم الكتابة، إنه فقط موت بالتقسيط.»

- إذن أنا أموت بالتقسيط يا عزيزتي؟

ـ أبدا نفس الصوت هنأني وأوصاني قائلا كذلك: «كوني سندا لحسن واحضنيه كثيرا إنه إنسان في الملك العام.»

من غير أن أشعر، استلقيت على السرير تحت حرارة شفتيها، اقتربت مني فأبعدتها ، بركان أحمر كنت أتحسسه يأكل وجهي وأحشائي... أغمي علي وقالت ليلى بمجرد أن استرجعت يقظتي.

- أي بوابة أطرق إذا مرضت وإذا ما وجع مخاضي اختمر؟ دعنا نهرب من هنا، أترك وظيفتك وهيا بنا نهرب.

أغمي علي من جديد، وبكت ليلى ثم خرجت إلى مجال الصحراء تلعنه وترميه بأحجاره حتى حسبت أن الجنون بدأ ينبئها بموعد وصوله.

استفقت من إغمائي فقط لأجد ليلى نائمة وقد بلل العرق ناصيتها الميمونة... عاودت نفسي وحاسبتها، تمنيت لو استفاقت فاعتذرت لها... أي اعتذار ينسيها غضبي الذي لم أجرؤ على التعبير عنه إلا بإغماء... إنها تعاني من نفس الإغماء، ولربما أغمي عليها حتى لا تغضب بدورها في وجهي. من يدري؟ هكذا طبعها دائما تسامحني... قلب طاهر نقي... ساعدني على نسيان ذكريات كنت أطاردها لوحدي من وراء متارس صعبة... أتذكر يا ليلى، قلت لك :

- سأحرق كل الصور والرسائل حتى أتخلص من الماضي ومن الحب الذي لا أرتضيه لنفسي، سأمزق كل شئ.

ثارت في وجهي وحذرتني من أن أفعل، أخدت مني كل الوتائق وقالت:

- إنها أمانة وجب علي حفظها، أودعها إياي وإنك ستنسى وترتاح طالما عشت وحييت.

«استفيقي عزيزتي ومديني بذكرياتك عن كابر، تمنيت لو بقي حيا... حياته مادة روائية غنية بالنسبة لي... أخشى التذكر، أخشاه أكثر كلما عتم الليل وظهرت الصحراء على حقيقتها. «

ليلى بجانبي، بطنها منتفخ ولا وجع في الظهر... حكمة من حكم الرب العزيز... لم لا؟ لن تفرحوا أبدا بطلعتها ولا تنتظروا أن تخاطبكم، إنها محافظة لشرفها... لن تظهر لكم حتى تتكالبوا عليها وحتى تغير منها نساؤكم... يكفيني إذا أخبرتكم بكل عجرفة وتبجح، وأنا أتـباهى تحت عيونكم، وأنا أتراقص على وتر السطور وأعزف حروفا أنقطها بمقام الصبا وليلى تمنحني أخبار كابر ثارة وتلمس بطنها في حنان ثارة أخرى.

«دعيني يا أم ذريتي ألمس بطنك المبارك... دعيني أخرج للتكاثر... لا تفكري في كابر... تفرغي فقط لرعاية المخلوق الذي في رحمك... لقد منحتني ما فيه الكفاية... لن يحثك ذلك الصوت مرة ثانية على التذكر... سيجدك حاملا بطنك إلى فمك إذا وصل وسيعفيك من مهمتك العسيرة... يكفي الذي أخبرتني به... أنا قنوع كما عهدتني...وحتى عندما كنت أجثم بين بنات كل الغربات، كان بصيص من الحب يصلني عبر رسائلك، وأتساءل من أنا ومن أكون، وإلى أين المسير، وحتى ما التيه في غياهب القلوب.»

في لحظة، نظرت إلي نظرة عميقة، ركبت على إثرها قاربا يتهادى في صفحة بحر عينيها، حملني القارب إلى شطآن آمنة غير أنها تصطدم بالجبال، وإلى موانئ كبيرة يبكي بحاروها من أبشع أنواع الاستغلال، مال القارب وتمايل وغمرني الماء، عفوا، دمع عزيزتي ليلى.

بكت، نعم بكت ليلى، وإني أعلم لم فعلت... لن أخبركم بالسبب، إنه بعض أسرارنا... كان صوتها مبحوحا وأشواقها مرتعشة، يكفي إذا قلت لكم إن الدمع حفر أخدودا على خد عزيزتي وزاد من بكائها الأرق.

قالت لي :

- إن قبر كابر كقبر رضيع أراده الله وضمه إليه في يوم مولده !..

لم أغادر الكوخ في ذلك اليوم، التصقت بالحصير وشربت سجائر كثيرة حتى خشيت أن تنتهي وأنتظر إلى حين موعد السوق المقبل لأقتنيها. اعتقدت بدوري أن الجنين برحم حبيبتي عزيز على الرب مذ كان نطفة وأن لا أمل في فرح... تصورت وتمثلت ليلى وهي تئن اثر عملية قيصرية وأنها تتمزق في هذا الخواء من غير قابلة بجانبها... آه لو كنت أشتغل في مدرسة مركزية على الأقل!.

الفصل الموالي

     

الفصل السابق

 

منشورات الموقع

عبد النبي كـوارة، ورم التيه (رواية)

المحتــوى

2

1

4 3
6 5
8 7
10 9
12 11
14 13
16 15
18 17
19

 

 

 

جماليـــات صالـون الكتابـة حــوارات مقـــــــالات ترجمــــات دراســـات نصــوص سرديــة بطاقـة تعريـف   
للاتصـــــــال خــــــاص

مواقع مفضلـة

مواقع صديقة

مكتبات الموقـع كشك الموقـع صفحـة القصــر منشورات الموقع

موقـع محمد أسليـــم - تاريخ الإنشاء: 27 ينايـر 2002.