|
 |
|
|
18 |
|
|
|
قالت سناء:
-
سترى، سأفعل المستحيل كي
تضاجعني الليلة !
وللتهييء، فقد بدأت العمل منذ الآن، تلحس الكأس بلسانها، تحرك
لسانها في الهواء مثل أفعى، تقبلني من الشفتين، تلثمني، تدس لسانها في
فمي، تلحس عنقي، تمسك بيدي معا، تدسهما بين فخديها، وهي تقول :
-
سترى، سأفعل المستحيل كي
تضاجعني الليلة، سأرافقك إلى منزلك ولو كانت به زوجتك!
قالت ذلك، ثم ضربت علي حراسة مشددة، ربما كي لا أنصرف وأتركها في
هذه الليلة التي جعلت مني صيدا ثمينا في يد حسناء خرجت من سلالة
الشياطين .
تساءلتُ:
أتراها جادة صادقة في
تأكيدها بأنها ستراقفني إلى البيت ولو كنتُ متزوجا وكانت به زوجتي؟
خامرني شك عميق.
ربما ما تريد مني سوى مالا
وتطلق ساقيها للريح، بالسيناريو المعروف.
للا أخلاق أيضا لا
أخلاقها الأخرى التي لها أيضا آداب
وقواعد.
ستستلم مني المبلغ، ثم
تستأذنني في الذهاب لقضاء حاجة ، ثم تتسلل من الطشت إلى منزلها، تاركة
إياي غارقا في التخمينات أنتظر، ما أفيق إلا على تصفيقات الحراس
والعمال بأن الديكة قد صاحت وأوان الإغلاق قد حان وما بقي أحد في
المكان، فما أجد بدا من الانصراف مجهدا نفسي في تذكر تفاصيل حكاية
أرويها نهار غد لحامد وسفيان وشيخ مكنـاس، ثم أكتب منها رواية على نحو
ما أفعل الآن...
ما تحرص العاهرة على شيء أكثر من حرصها على النقود، ولأجل ذلك فهي
تفضل وضع جسدها أمام جميع الاحتمالات ولا تفرط في المال؛ تترك ثمن
المبيت، المتقاضى مُسْبقا، عند الفيدور أو عند إحدى الصديقات اللواتي
تخونهن الليلة فلا يقعن على صيد ثمين ...
أمام إصرار سناء
على الأداء المسبق، خرجتُ إلى الشباك الأوتوماتيكي، قبل ذلك
-
لطمأنتها
-
تركتُ لها حقيبتي وهاتفي
النقال.
عدتُ، فإذا بها ترقص مع أحدهم
رقصا مشتعلا، استقبلت عودتي بخجل غارق في الندم، قالت:
-
قد لعبت الخمرة برأسي، يجب
أن ندخل إلى البيت حالا.
سلمتها ورقة نقدية،
سلمَتْها بدورها لحارس الملهى، خرجنا، عرضت علي أن نتعشى في مطعم،
امتنعتُ بأدب زاعما أن جميع مطاعم المدينة قد أغلقت في هذه الساعة
المتأخرة من الليل، إلا أنها أصرت، وأمام إصرارها عاودني شعور الندم عن
خوض مغامرة تلك الليلة الليلاء، تركتها تخرج وحيدة، عدت إلى الكونتوار،
طلبتُ جعة، انتابني شعور بالندم على التخلي عن سناء، تركتُ الجعة قبل
أداء مبلغها، توجهتُ إلى الباب، وجدتها واقفة في انتظاري.
أمام مفاجأة
«وفائها»
بوعد مرافقتي إلى
البيت ولو كانت به زوجتي، لم يبق أمامي إلا الاستسلام لرغبتها في تناول
وجبة العشاء مجتمعين.
فيما بعد سأعرف سبب إلحاححهن
في الذهاب إلى البيت رغم إصرارك على التخلي عنهن، بعد أن تكون سددت لهن
مسبقا ثمن الليلة، وإبدائك استعدادا تاما للتخلي عن المبلغ المدفوع.
إنهن يطمعن في سرقة ما
في المنزل..
اقترحت سناء أن
نذهب إلى مطعم
«نسرين»،
امتطينا سيارة أجرة، أمرت السائق بالعودة بعد ساعة للبحث عنا في المطعم.
خلال تلك الساعة أكلنا سلاطة فرنسية ورأس خروف، ودخنا تبغا وشربنا مشروبا غازية، وتبادلت سناء
الحديث مع وجوه عديدة من الزوار والزائرات المواظبين على المجيء إلى
هذا المكان في هذه الساعة المتأخرة من الليل أو المبكرة من الصباح، كما
تلقت مكالمات هاتفية عديدة، أجابت عنها جميعا بفرنسية طليقة زادتني
طمأنة إلى أنها ليست من سلالة العاهرات أو أنها حتى وإن كانت بغيا، فهي
ليست كسائر العاهرات.
امتطينا سيارة
الأجرة الصغيرة، برقم لازلت أذكره جيدا، تحدثت مع السائق بلهجة استنتجت
منها أنهما يتعارفان جيدا.
فيما بعد سيتضح لي أن
جميع سائقي سيارات الأجرة الصغيرة الواقفين في مخارج الملاهي الليلية
يعرفن معرفة جيدة جميع العاهرات المواظبات على هذه الأمكنة.
لسائقي سيارات الأجرة
الصغيرة أيضا حياة مزدوجة:
في الليل يقودونك إلى
حيث شئت؛ إن أردت خمرا ساقوك إلى بائعيها السريين، وإن احتجت خبزا أو
أكلا ساقوك إلى آخر من يغلق أبوابه من مخبزات المدينة ومطاعمها:
وباختصار، فإن الليل
والفاقة يجعلانهم مساهمين في إشباع جميع الرغبات.
|
|
|
|
|
|
موقـع
محمد أسليـــم - تاريخ الإنشاء: 27 ينايـر 2002. |
|