وضع الغريب قدمه في عتبة المنزل، فرح، التفت إلى الثاني، دعاه، دخلنا
في موكب تتقدمه سناء التي كانت تسير بخيلاء، ما خطت خطوة في ساحة
المنزل حتى صاحت:
-
أين عاهرتك؟ تالله لأهشمنَّ
وجهها في هذه الليلة !
ارتبكتُ أمام هذا المشهد غير المتوقع، أصابني ندم شديد، توجهتُ إلى
غرفة النوم، في مقارنة خاطفة بين المرأتين، وجدتُ فيفي جميلة جدا،
وجهها يضوي كالقمر، جسدُها تحفة قدَّها نحاتٌ إغريقي من عاج، فيما تبدت
لي سناء ذميمة كأنها أنثى بشرية بوجه قردة .
دار رأسي، استولى علي
خوف عميق، تمنيت لو كانت سوسو مكان سناء، مر شريط علاقتي بفيفي وسوسو
أمامي في لمح بصر:
ما وحَّدَنا إلا الوحدة، وكل كان يدبر وحدته بطريقة :
فيفي تنحدر من ميدنة
بعيدة، وتقيم هنا وحدها، احتاجت إلى مؤنس لطرد الوحدة، كنتُ إياه،
أقامت معي في البيت.
أما سوسو، فكانت تقيم
وسط أسرتها بميدنة مجاورة، وكانت تسرقُ سفرا أسبوعيا، تسافر كل يوم أحد
لتختلي بي بحثا عن الوحدة المفقودة من بيت أبويها.
وكنتُ أتدبر أمر إفراغ
المنزل من فيفي كي تملأه سوسو طيلة يوم الأحد...
كنتُ أزعم لها أني
أستقبل أسبوعيا نفرا من الأقارب، فتلطق ساقيها للريح.
فيما بعد، سأعرف أنني
بقدر ما كنتُ أكنسُ فيفي من المنزل يوما كل أسبوع للتوحد بسوسو كانت
فيفي تكنسني من ذاكرتها يوما كل أسبوع للتوحد بمن سيصير فيما بعد زوجا
لها، هي الآن أم طفلين.
لجمتُ خوفي .
أيقنتُ أن صلتي بفيفي
قد انقطعت إلى الأبد، لأن المرأة تغفر للرجل الخطايا قاطبة إلا خطيئة
أن يجعل جسده قسمة بينها وبين أخرى ولو لساعة فأحرى لليلة كاملة.
أخذتُ وجهة
انتحارية، قلتُ لفيفي:
-
انصرفي فورا إلى حال سبيلك،
معي صاحبة جديدة.
قالت ببرودة ولامبالاة غير متوقعين :
«مزيان»
[حسنا]،
ثم اندست في الفراش ساحبة الغطاء فوقها، مدت يدها إلى المصباح، أطفأته،
واصلت النوم العميق.
فضت سناء شبه مشادة بين الغريب وسائق سيارة الأجرة الصغيرة، سأعرف
موضوعها في بعد؛ وهو أن أحد الرجلين خشي أن تقتتل البنتان، أن تدور
معركة دموية بين فيفي وسناء ...
طمأنت سناء الرجلان،
وتوجهت إلى غرفة نوم فيفي، أغلقت الباب من ورائها، انشغلت البنتان
بحديث حميمي طويل، كأنهما تتعارفان منذ قرون.
أدركتُ أنه ما يجيد
الحديث مع امرأة إلا امرأة وأن للنساء أحابيل يتلاعبن بها.
|